الجيش الأميركي في العراق |
بالرغم من حالة الفرح في المجتمع الأميركي إبان إعلان الرئيس باراك أوباما سحب القوات الأميركية من العراق في أواخر هذا العام، سادت حالة من الترقب في الأسواق الأميركية والبورصة لمعرفة إنعكاسات هذا التصريح على الإقتصاد الأميركي والعالمي.
واشنطن: بعد التصريح الذي أدلى به الرئيس الأميركي باراك أوباما في أواخر شهر أكتوبر (تشرين الأول)الحالي حول إنسحاب القوات الأميركية من العراق في أواخر هذا العام، كما وعد خلال حملته الإنتخابية، سادت التكهنات بين خبراء الإقتصاد بأن المستفيد الأكبر والرابح هو الخزينة الأميركية، وأن ذلك سيسهم في تحسين وضع الإقتصاد المتدهور.
في حين يعتقد البعض بأنه لا توجد إستفادة للخزينة إلا على المدى القصير، وأن سرعان ما سيكتشف الأميركيون حقيقة ذلك.
وقد جاء هذا التصريح في الوقت الذي تعاني الخزينة الأميركية تكاليفَ باهظة تكبدتها جراء الحرب على العراق وفي أفغانستان، إضافة إلى الأزمة الإقتصادية الطاحنة التي خلفتها الأزمة المالية العالمية.
وقد كبدت الحرب على العراق الخزينة الأميركية تريليونات الدولارات منذ بداياتها عام2003 حتى اليوم، إضافة إلى الخسائر البشرية الهائلة. وكان الرئيس باراك أوباما قد وضع في شهر أغسطس/آب الماضي خطة لتحسين الوضع الإقتصادي المتدهور للبلاد.
فيما يرى المحلل الإقتصادي مختار كامل أن خروج القوات الأميركية في هذا التوقيت لن يكون له تأثير على الإقتصادات العالمية، بقدر ما سيكون على الإقتصاد الأميركي. كما إن التأثير لن يكون كبيراً، وإنما على المدى القصير. فخروج القوات الأميركية سوف يؤدي إلى توفير كبير في الميزانية وإعادة توزيع وترشيد للميزانية العسكرية لتتفق أكثر مع الأولويات (الجيوسياسية) الأميركية.
وقال : quot;الحرب على العراق كبّدت وزارة الدفاع الأميركية تريليونات الدولارات، وخروجهم بهذه الطريقة هزيمة سياسية، ولكن النقود التي سيتم توفيرها في خزينة الدولة تسهم في رفع وتدعيم الميزانية العامة للدولة، ولكن على المدى القصيرquot;.
فهناك إحتمال توفير جزء كبير لإستخدامات إقتصادية مدنية إلى جانب إستخدام جزء كبير منها لاحقاً للأغراض العسكرية، وخصوصاً في مواجهة كل من (الصين وروسيا) وهذه هي (الأولويات)، وبذلك تقوم بالتصدي لتمدد النفوذ الروسي في أوروبا، كما تتصدى لإحتمالات إنتشار النفوذ الصيني وإزدياد قوتها في جنوب شرق آسيا.
وفقاً للتقارير التي وردت على موقع quot;سي أن أنquot; حول ميزانية أوباما للعام 2012فسوف تنخفض نسبة الإنفاق الأميركي على العمليات في العراق إلى15.7 مليار دولار، أي تتراجع إلى ما يصل لنسبة76 %مقارنه بالعام 2010.
وسوف يتواصل معدل الإنخفاض إلى أن يصل إلى الصفر في السنوات المقبلة، في حين لا يتجاور مبلغ الإنفاق الأميركي علي العراق ككل مبلغ5 مليارات دولار من حساب وزارة الخارجية الأميركية، وذلك على حد زعمهم.
في حين لا يرى الدكتور كامل إرتباطًا وثيقًا ما بين خروج القوات بإرتفاع أو إنخفاض الدولار، معتبراً أن ذلك عامل صغير من عوامل عدة، في حين أن للأزمة الأوروبية الأثر الأكبر على الدولار وسلة العملات الأخرى، وتهدد بإنهيار مصرفي ومالي للإتحاد الأوروبي، مما قد ينعكس سلباً على إقتصاديات العالم، وليس على الإقتصاد الأوروبي أو الأميركي.
وكان تقرير لصندوق النقد الدولي قد صدر في الشهر الماضي محذراً من أن الإقتصاد العالمي قد دخل مرحلة خطر جديدة جراء أزمة اليورو.
كما ويعتقد مختار كامل بأن تأثير خروج القوات الأميركية على الإقتصاد الأميركي ضئيل نسبياً، ذلك أن النفقات المصروفة للجيش تصل ما بين20 إلى30 %من إجمالي الإقتصاد المحلي القائم على أشياء أخرى.
كما إن تأثيره على سوق البورصة والأسهم سيكون مؤقتاً أيضاً، وعلى المدى القصير، جراء (فورة الحماس) الذي ستحدث في حينها، والتي سترفع البورصة، ولكن سرعان ما ستخبو، وذلك على حد وصفه وتعبيره.
فيما يرى أن التأثير الحقيقي لابد وأن يكون على المدى البعيد في العوامل الجوهرية. معتبراً أن وجود إختلال مالي ونقدي عميق بسبب الإستدانة الزائدة للغاية وإستخدام ما يسمّى أدوات الرفع شكّلا عاملاً كبيراً معوقاً لحلّ الأزمة، ذلك أن جوهر الأزمة يكمن في زيادة الإقتصاد الورقي على الإقتصاد الحقيقي، نتيجة عوامل متعددة، أهمها فساد وضعف كفاءة النخبة المالية في الغرب مع عجز النخبة السياسية حتى الآن عن إصلاح الموقف، مما أفسح المجال لظاهرة لم تكن متوقعة، وهي إحتجاجات وول ستريت الشعبية الواسعة النطاق في أوروبا وأميركا.
التعليقات