تعرّض الاقتصاد السوري لضربة قوية سدّدتها قرابة ثمانية أشهر من قمع حركة الاحتجاج ضد الرئيس بشار الأسد والعقوبات الاقتصادية الغربية الرامية إلى الضغط على النظام السوري لوقف أعمال العنف. واعتبر معارضون أن quot;النظام يحاول تضييق الخناق على المناطق المتوترة لإشعارها بتأثير العقوبات الدولية.


سوق الحميدية الشهير في العاصمة دمشق

دمشق: قال رامي عبد الرحمن رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الأماكن التي تشهد أعتى حركات الاحتجاج، حيث تقمع التظاهرات بصورة شبه يومية quot;لا تشهد نشاطًا تجاريًا طبيعيًاquot;. وأوضح أن quot;العائلات تؤمّن بقاءها بفضل تضامن الأقرباءquot;.

وأكد عبد الرحمن أن الناس في جبل الزاوية وفي إدلب (شمال غرب) وبعض أحياء حمص (وسط) وبانياس واللاذقية quot;تنقصهم الأموال، ويعيشون في الفقرquot;. وأضاف الناشط في مجال حقوق الإنسان إن quot;العائلات تعاني نقصًا في مازوت التدفئةquot; لأن الفيول تستخدمه الدبابات السورية المنتشرة في أرجاء البلاد كافة.

وشكا سائق سيارة أجرة في دمشق قائلاً إنه بات يستخدم مدفأة كهربائية لتأمين التدفئة quot;يتعين أن ننتظر ثلاث إلى أربع ساعات للحصول على بضعة ليترات من المازوتquot;. واعتبر معارضون أن quot;النظام يحاول تضييق الخناق على هذه المناطق المتوترة بهدف إشعارها بتأثير العقوبات الدوليةquot; المفروضة على سوريا. والنشاط الاقتصادي بات بطيئًا. فحركة شراء السلع الاستهلاكية في أدنى مستوياتها والفنادق خالية.

وقد ألحقت أعمال العنف الضرر بالقطاع السياحي، الذي كان يستخدم 11% من اليد العاملة، وجنى أكثر من 7.6 مليارات دولار في 2010، أي 12 % من إجمالي الناتج الداخلي، بحسب بول سالم مدير مركز كارنيغي للشرق الأوسط. وأكد سالم أن quot;التجارة الخارجية انخفضت أكثر من خمسين بالمئة، والاستثمارات الأجنبية توقفت، وتسارعت وتيرة هروب الرساميلquot; وخصوصًا نحو دبي.

وتحدث خبراء اقتصاديون ورجال أعمال سوريون عن تحويلات تفوق قيمتها أربعة مليارات دولار إلى خارج سوريا منذ بدء حركة الاحتجاج في آذار/مارس، في حين فقدت الليرة السورية 10% من قيمتها أمام الدولار الأميركي.

وفرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عقوبات تجارية قاسية ضد النظام السوري للتنديد بالقمع الذي أوقع أكثر من 3500 قتيل في صفوف المدنيين، بحسب الأمم المتحدة. وبلغ الربح الفائت قرابة 450 مليون دولار شهريًا منذ الحظر الأوروبي، الذي تقرر في أيلول/سبتمبر، على شحنات النفط السوري، الذي يشكل مصدرًا رئيسًا للعائدات، بحسب خبراء.

ويعد الاتحاد الاوروبي من جهة أخرى تجميدًا لقروض بنك الاستثمار الأوروبي لسوريا في إطار مجموعة عقوبات جديدة. وفي 2009، قدم بنك الاستثمار الأوروبي 275 مليون يورو من القروض لقطاع الكهرباء في سوريا، وخمسين مليونًا لتحسين وضع البنى التحتية المدنية.

وفي أيلول/سبتمبر، اعتبر وزير المالية السوري محمد جليلاتي أن معدل النمو سيتراجع نحو 1 %، وأقرّ بأنه سيكون للعقوبات الأوروبية quot;انعكاس على التجارة والصناعةquot;.

وكان حاكم البنك المركزي السوري أديب ميالة أوضح من جهته في نهاية آب/أغسطس أن quot;القطاع الأول الذي أصابته الضربة هو قطاع السياحة، الذي انخفضت عائداته بواقع 90 %، وسيكون المواطن أول المتضررين. والنقل والواردات والصناعة، كل شيء سيتعرّض أكثر فأكثر للإرباك، وستزداد البطالة والفقرquot;.

لكن الاقتصاد السوري كان يواجه قبل حركة الاحتجاج تحديات كبيرة على علاقة بالفقر، الذي يطال 14% من 22 مليون نسمة، والبطالة التي تصيب أكثر من 20% من اليد العاملة الفعلية.

وكشف وزير الاقتصاد السوري محمد نضال الشعار في بداية تشرين الثاني/نوفمبر أن quot;دعم السلع الأساسية لن يدوم، وأن الاقتصاد يمر بحالة طوارئquot;. وأشار إلى quot;ضرورة إيجاد وسائل ناجعة وسريعة لتنشيط الطلب والنهوض بالاقتصاد السوري، من خلال تمويل العجز ودعم الصادرات، التي تراجعت أخيرًا إلى مستويات ملحوظةquot;.