محمد بن رجب من تونس: أعدت الحكومة التونسية المؤقتة برئاسة الباجي قائد السبسي مشروع الموازنة العامة التونسية للعام المقبل 2012. وتشير الوثيقة إلى أنّ نسبة النمو المؤملة ستتطور من 1% تقريبًا في نهاية السنة الجارية 2011 إلى 4.5% في السنة المقبلة 2012، وترتقي لتبلغ 5.7% عام 2013.

وستكون ميزانية السنة المقبلة 2012 في حدود 23.2 مليار دينار، أي 17.7 مليار دولار، مقابل 21.6 مليار دينار، أي 16.6 مليار دولار، بزيادة نسبتها 6.6% مقارنة بعام 2011.

ويتوقع بلوغ عجز في الميزانية العامة للدولة لعام 2012 في حدود 6.6% مقابل 5.1% في القانون التكميلي لسنة 2011، وهو ما سيؤدي مباشرة إلى زيادة الحاجة إلى التمويل الخارجي، وينتظر أن تبقى المديونية في حدود 38.8%، بعدما كانت بلغت نسبة 38.2% خلال 2011.

الموازنة العامة تهدف إلى تحقيق نسبة نمو للناتج المحلي الإجمالي في حدود 7% نظرًا إلى لأسعار القارة مقابل نسبة 2.4% خلال السنة الحالية 2011، إلى جانب العمل على دعم الإستثمارات المحلية والأجنبية وإحداث 75 ألف فرصة عمل.

من بين أهداف مشروع موازنة التنمية لسنة 2012 العمل على تنمية صادرات الخدمات بنسبة 7%، بعدما كانت سجلت تقلصًا عام 2011 بنسبة 2.4 %، وهذا النمو منتظر بناء على عودة النشاط بعد أخذ الحكومة المقبلة بزمام الأمور من أجل استتباب الأمن وإيقاف نزيف الإضرابات والإعتصامات وإيقاف عمليات غلق المؤسسات لعدد من القطاعات، ومنها الميكانيك والكهرباء بتطور نسبته 15%، والنسيج والجلد بتطور نسبته 8 %، خاصة أن هذين القطاعين متصلان مباشرة بالتصدير الخارجي إلى السوق الأوروبية، إلى جانب العمل على دعم الإستثمارات لترتفع بنسبة 24 % من الناتج، ودعم الإستثمار العمومي في البنية الأساسية في المناطق الداخلية المهمشة.

على مستوى البطالة وتوفير فرص العمل، فيهدف مشروع ميزانية 2012 إلى توفير 75 ألف فرصة عمل مع العمل على مستوى البرامج النشيطة للتشغيل وبرنامج المساعدة على الإندماج في العمل المؤجر وبعث المشاريع واستغلال فرص العمل في الخارج، وخاصة في ليبيا، التي ستبدأ مرحلة إعادة البناء قريبًا، والمؤمل أنها قادرة على استقبال 200 ألف من العمال التونسيين.

ويتوقع تطور المداخيل الجبائية لتبلغ 13600 مليون دينار، وهو ما يحتم ضغطًا جبائيًا بنسبة 18.7% من الناتج المحلي، مقابل 19.4% في قانون المالية التكميلي لسنة 2011، وذلك بتعبئة عائدات المساهمات الراجعة للدولة ومداخيل التخصيص والهبات الخارجية، إلى جانب مداخيل النفط وإتاوة الغاز في علاقة بارتفاع الأسعار العالمية.

وفي ميزانية 2012 هناك تعبئة لموارد الإقتراض بما قدره 6608 مليون دينار مقابل 5040 مليون دينار خلال 2011 في قانون المالية التكميلي اعبتارًا للقروض الخارجية المحالة وتعبئة موارد الإقتراض لمواصلة تنفيذ برامج الإصلاحات الهيكلية، التي تبدو ضرورية للنهوض بالإقتصاد الوطني، ومواصلة إنجاز المشاريع العمومية الممولة بالقروض الخارجية، إلى جانب تعبئة الموارد للإقتراض الداخلي لتغطية عجز الميزانية.

الخبير الإقتصادي و المالي د. محمد الفريوي أشار إلى أنّ القروض في موازنة 2012 حسب مشروع ميزانية التنمية ستكون في حدود 28% و أنّ الدول الأوروبية بالغت في التداين، لماذا، لأنها راهنت على أنها قادرة، بدوران عجلة الإقتصاد، على خلق القيمة المضافة وخيرات جديدة، لكن تدهور الأوضاع الإقتصادية العالمية جعل هذه الدول لا تصل إلى الإنتاج المنتظر.

وأضاف د. الفريوي لـquot;إيلافquot; موضحًا الوضع الذي يمكن أن يبلغه الإقتصاد التونسي: quot;من ناحيتنا لا نخاف من نسبة الإقتراض المرتفعة، ولكن نخاف من إمكانية حصول الإقتصاد على قيمة مضافة، من شأنها أن تمكن الإقتصاد الوطني من التمويل الذاتي، ثم تسديد القروض، يجب أن تكون طاقة التسديد مرتفعة، وتبدو طاقة التسديد بالنسبة إلى المؤشرات الموجودة في العالم صعبة، وبالتالي يجب أن لا تتجاوز نسبة تسديد الديون 16 و 17 % من مداخيل الصادرات، وإذا لم نسجل ارتفاعًا في الصادرات اعتبارًا إلى نقص الإنتاج نجد أنفسنا في إشكالية واضحة وواقع خانقquot;.

أما عن الوضع العام والقادر على جلب الإستثمار المحلي والأجنبي فقال د. الفريوي إنّ ذلك لن يأتي إلا بإعادة الثقة إلى المستثمر المحلي والأجنبي من خلال عودة الإستقرار ووضع حدّ لكل أشكال المظاهرات والإعتصامات، ومنع العمال من العمل وغلق عديد المؤسسات.