اكد اقتصاديون عراقيون ان العراق سيتضرر بشكل او بآخر اذا ما فرض حصار اقتصادي على الدولتين المجاورتين له, ايران وسورية. وشرح هؤلاء الخبراء والمختصين في المجال الاقتصادي شكل الضرر الذي سيلحق بالعراق بعد ان وصل حجم التبادل التجاري الى ارقام كبيرة ، على الرغم من ان هناك من يرى قدرة العراق على تعويض الخسائر التي قد تنجم بسبب الحصار على الدولتين بعلاقات اخرى مع دول اخرى واشار هذا البعض الى تركيا بالتحديد التي اصبحت تفهم السوق العراقية وما يريده المواطن العراقي.


عبد الجبار العتابي من بغداد:أوضح عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب العراقي عبد الحسين عبطان ان فرض الحصار على سورية او ايران له تأثير كبير على الوضع الاقتصادي العراقي بسبب طبيعة العلاقات بين هذه الشعوب، ولأن الوضع سواء في سورية اوايران او كلاهما معا له تأثير كبيرعلى الاقتصاد العراقي وعلى المنطقة، ولكننا سنسعى الى ان يكون لنا موقف في حال فرض اي حصار على الدول المجاورة ، وان العراق سياخذ دوره في الوساطة كونه عضوا في الجامعة العربية وله تأثيرة على المنطقة ، ومن المؤكد سيكون له دور كبير .

وأكد أنعبطان العراق يعتمد على اغلب بضاعته من المنتوجات الايرانية والسورية بشكل كبير , والتبادل التجاري كما هو معلن بمليارات الدولارات وهو قابل للزيادة ،فضلا عن اعداد الزوار الايرانيين الذين يمثلون صورة من صور انعاش للاقتصاد العراقي، واعتقد ان اي حصار اقتصادي على سوريا او ايران سيؤدي بالنتيجة الى غلق الحدود ، وهذا له تاثير سلبي على الاقتصاد العراقي، اضافة الى ان العراق مر بمرحلة الحصار ورأينا كيف كان تأثيره على الشعب العراقي.


وقالت الخبيرة الاقتصادية الدكتورة سلام سميسم : quot;من المؤكد ان العراق سيتضرر لان اغلب السلع التي في الاسواق العراقية هي من هاتين الدولتين مع عدم وجود تنافس بالنسبة للسلع المثيلة من الدول الاخرى لاسيما ان السلع رخيصة نسبيا قياسا للسلع الاخرى ، لذلك فالامر يشكل على المستهلك ويجعل مجالات الاختيارات محدودة ، ثم ان الكثير من تجارنا من القطاع الخاص ارتبطوا بمصالح مع ايران وسوريا ، مثلا هناك لديهم مصانع حدودية مع ايران ومصاانع في سورية ، وهذه اموال عراقية ستذهب لانهم لا يقدرون على مغادرة وسيصابون بنكسة اقتصادية ناهيك عن ان هاتين الدولتين تمثلان اسواقا اساسية لمنتجاتنا ومنها النفط وخاصة سوريةquot; .

واضافت : quot;كذلك ان السياحة الدينية في العراق تعتمد كثيرا على الزوار الايرانيين حيث نسبتهم 90 %، واذا ما صار حصار فمن غير الممكن استمرار السياحة الدينية التي ستنهار بالتأكيد وهي مرتكز اقتصا محافظات الفرات الاوسط واعني بها الديوانية والنجف وكربلاء ، ثم هناك شيء اخر مهم وهو ان الطريق الى سورية لاسيما المرور في محافظة الانبار اصبح فيه توسع في الخدمات السياحية، ، وقد استفاد مواطنو المحافظة من ذلك بأفتتاح مطاعم وتقديم خدمات للمارين ،واذا ما صار حصار فأن كل هذا سينتهي ، وهذا يشمل بالطبع محافظات اخرى ، لذلك وبسبب الارتباط الاقتصادي بين الوحدات الاقتصاية الموجودة في العراق والوحدات الموجودة في في الاقتصاد الايراني والسوري ، وبشكل اجمالي فأننا نتوقع ان نشهد نوبة تضخم شديدة في العراق في حال فرض حصار على البلدين وهذا يضر بمصلحة الدينار العراقي وقيمته quot;.

اما الدكتور عبد الرحمن المشهداني، استاذ الاقتصاد في الجامعة المستنصرية، فقال : quot;لا أعتقد ان الضرر الذي يصيب العراق من جراء فرض حصار على ايران وسوريا سيكون كبيرا ، ولكنه سيتضرر ، اي ان اي فرض حصار على احد هذين البلدين مع وجود اتفاقيات تجارية لكن ضرر العراق سيكون اقل قياسا للدولتين ، فنحن في العراق مررنا بتجربة الحصار الاقتصادي التي كانت مريرة لمدة 13 سنة ، ولكن الوضع الان سيعكس الصورة، سيكون بالمقلوب ، فقد كنا نستورد عن طريق سورية او ايران والان هما يمران بهذه الحالة ، اي انهما سيعتمدان بحكم موقع العراق الجغرافي بالنسبة لهما والحدود الطويلة سيعملان مثلما كان العراق يعمل سابقا لتجاوز الحصار الاقتصادي وسيلعب العراق الدور نفسه حيث تربطه علاقات كحكومة او شعب مع البلدين وسيكون العراق محطة لاعادة التصدير لهاتين الدولتين ، ويمكن حينها ان نقول (مصائب قوم عند قوم فوائد)quot; .

واضاف : quot;العراق قار على ان يعوض ما يستورده من ايران او سورية من الجانب التركي، ونحن نعرف ان البضائع التركية تغزو الاسواق العراقية الان فحجم التبادل التجاري بين العراق وتركيا قفز من خمسة مليارات الى 16 مليار ولار خلال خمس سنوات ذلك لان الاتراك درسوا السوق العراقية وما يريده المواطن العراقي، والدليل ان الاتراك يصنعون (جبن عرب) وهو ما لم يفكر فيه احد ، لذلك نحن نسمع من المواطنين العراقييين يسألون (هل هنالك شيء تركي) ، انا اعتقد ان الثمانية مليارات التي هي حجم التبادل التجاري بين العراق وايران سيتم تعويضها من دول اخرىquot; .

وتابع المشهداني : quot;الحصار الاقتصادي اذا ما فرض على ايران وسوريا لا يشمل السياحة، ونحن نعرف ان الحصار ضد العراق كان اشد واقسى وكان هنالك سفر ، الان الحصار سياسي بالدرجة الاولى وسيكون ضد مسؤولين حكوميين والمصارف والصناعات ، اما على الاشخاص فلايوجد مثل هذا وسيستمر السياح بالدخول الى العراقquot; .


فيما قال الدكتور ستار جبار البياتي ، اختصاص اقتصاد من مركز المستنصرية للدراسات العربية والدولية : quot;اولا .. علينا ان نؤكد ان العراق منذ مدة وهو يسعى الى ان يعود الى تبوأ مكانة اقتصادية على المستوى الاقليمي والمستوى العالمي لاسيما بعد مرحلة الحصار التي مر بها لمدة 13 عاما والحروب التي خاضها والتي اثرت على مكانته الاقتصادية وعلى دوره الاقتصادي في المنطقة العربية والعالمية ، لذلك هناك مسعى لتغيير مجمل العلاقات الاقتصادية العراقية مع دول الجوار والمحيط الدولي، والمسألة الاخرى يجب الاشارة الى انه لايوجد اليوم اقتصاد مغلق، وانما في ظل التطورات الحديثة والمصالح المتبادلة يشهد العراق وغيره من دول العالم ادوارا اقتصادية تحتلف عما سبق ، من هذا المنطلق نجد ان اي حصار او خلق ازمات معينة بالنسبة لدول الجوار العراقي ، بغض النظر عن المواقف السياسية والتأثيراتquot;.

وان كان الامر سياسيا، فأنه بالتأكيد سيؤثر على العراق لان العراق يرتبط بايران وسورية بعلاقات اقتصادية وحجم تبادل تجاري لايمكن الاستهانة به، مثلا : حجم التبادل التجاري بين العراق وايران حسب الاحصاءات الرسمية تصل الى 10 مليارات دولار ، وبين العراق وسورية الى ملياري دولار عام 2010 ، وربما تصل مع نهاية العام الحالي الى 3 مليارات ، كما يمكن الاشارة الى ان كردستان العراق وحدها ، وفي زيارة رئيس وزراء الاقليم الى ايران اثمرت عن تبادل تجاري وصل الى خمسة مليارات ، والتأكيد على هذا الحجم لم يأت من فراغ وقد نلمس هذا في السوق العراقية التي امتلأت بالكثير من السلع، وعندما نقول انها لم تأت من فراغ فهذا يرتبط باتفاقيات معينة بين العراق وبين ايران كأن تكون اتفاقية المناطق الحرة او تسهيلات للتجار او ترانسيت مرور للبضائع عبر العراق ، وهذه كلها تعزز طبيعة العلاقات المتطورة بين العراق وايران وسورية ، ولهذا فأن العراق من الممكن ان يتأثر سلبا اذا ما حصلت ازمة في المنطقة .


اما المستشار االقتصادي في السفارة الايرانية في بغداد فلاح الشيباني،فقال : quot;اذا فرض الحصار الاقتصادي على الجمهورية الاسلامية الايرانية وعلى حليفتها سورية فسوف يتضرر العراق اقتصاديا بشكل واضح وكبير بسبب قطع الممرات الاقتصادية التي تربط العراق بهذين البلدين ، فقطع المنافذ الحدودية التي تربط ايران والعراق من خلال 1400 كيلومتر ابتداء من زاخو الى الفاو ، له تأثيره بالطبع ، هذه المنافذ الحدودية عبارة عن سبعة منافذ ، وهي اذا اصابها تضرر في الجانب الايراني فسوف يصيبها تضرر بالنتيجة في الجانب العراقي ، لان الاتصال الاقتصادي سينقطع تماما وتتوقف كل التعاملات ، هذا جانب ، اما الجانب الاخر اذا تعرضت سورية الى حصار اقتصادي فهناك منفذان حدوديان هما منفذ ربيعة ومنفذ قرقوش، واذا ما اغلق هذا المنفذان اقتصاديا فسوف يكون هناك حصار اقتصادي على العراق ايضا ، لان هناك بضائع كثيرة تستورد للعراق عن طريق المنافذ السورية ، فبالتأكيد سيكون الضرر كبيرا على الوضع الاقتصادي العراقي ، علما ان حجم الصادرات بين العراق وايران عام 2010 بلغت 10 مليار دولار ،وهذا حجم كبير ، وهذا يعني ان الحصار على ايران سيؤدي بالنتيجة الحتمية الى ضرر للعراق للاقتصاد العراقيquot; .