تتزايد الهواجس في تونس فيما يخص الوضع الاقتصادي للبلاد بعد ثورة 14 جانفي/كانون الثاني الفارط ويحتل شاغل إعادة دواليب الاقتصاد إلى سالف عهده على الأقل صدارة أجندة الحكومة المؤقتة وجوهر الإجراءات المتخذة في الفترة الأخيرة من محاولات لإعادة الأمن والاستقرار الاجتماعي
تونس: أكد مختصون تخوفهم من صعوبة المرحلة المقبلة وتميزها بالغموض واستحالة استشراف المستقبل الاقتصادي التونسي رغم تأكيد بعض الدول والبنوك على استعدادها منح مساعدات وقروض لتونس نظرا لتوقف الإنتاج في عديد المؤسسات الاقتصادية وإتلاف بعضها مع توقف شبه تام للسياحة التي تعتبر من ركائز الاقتصاد التونسي ومغادرة بعض المستثمرين الأجانب
وخلال لقاء مع إيلاف قال الخبير والمحلل الاقتصادي عبد الجليل البدوي (لإيلاف) quot; الثورات تاريخيا تخلف خسائر مادية ضخمة والفترة الحرجة التي يمر بها الاقتصاد التونسي متوقعة ولكن الوضع ليس كارثيا وفي المقابل لا يمكن الجزم بيسر المرحلة المقبلة فالدولة ستواجه تحديات كبرى في ظل انكماش الإنتاج و تراجع في إيرادات الضرائب والتعامل مع مطالب عامة لزيادة الأجور وحساب تكلفة الممتلكات التي دمرت في الاضطرابات التي أعقبت الإطاحة برئيس البلاد إضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الأساسية والمحروقات التي نستوردها
وتابع المحلل الاقتصادي قائلا quot;الحكومة سيكون لها هامش كبير لتعبئة الموارد فالدين العمومي في حدود 42 بالمائة وهو منخفض مقارنة مثلا مع اليابان التي تصل النسبة فيها إلى 200 بالمائة وهذا يمكن من الاقتراض سواء من السوق المالية الداخلية أو الخارجية وحسب رأيي من الأفضل أن تتجه الحكومة إلى الداخل للاقتراض لأن تكاليف الدّين في السوق الخارجية ستكون مرتفع لأن ثقة الممولين الدوليين في استرداد أموالهم لن تكون كبيرة وكذلك لتجنب طبع النقود لتفادي التضخم المالي التي ستكون نتائجه وجوبا وخيمة على الاقتصاد التونسي
واستنادا إلىوكالة الأنباء الرسمية التونسية, فقد أكد صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد التونسي بإمكانه معاودة الانطلاق بنسق أسرع من الاقتصاد المصري رغم أن اقتصادي البلدين سيواجهان تأثيرات هبوط السياحة وتراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة نتيجة حالة عدم الاستقرار السياسي بعد تغير نظام الحكم
ويعتبر قطاع السياحة الشبه متوقف حاليا اكبر مصدر للعملة الأجنبية في تونس وتغطي عائداته 60 بالمائة من عجز الميزان التجاري التونسي، وتمثل 6،5 بالمائة من إجمالي الناتج الداخلي ويعمل في قطاع السياحة التونسي 350 ألف شخص من جملة الفئة النشيطة التونسية
وتوقعت السلطات التونسية أن النمو الاقتصادي هذا العام سيكون بنسبة تتراوح بين 2 و3 بالمائة. وأعلن البنك المركزي خلال ندوة حضرتها (إيلاف) أن الاحتياطي من العملة الصعبة تراجع من 13 مليار دينار في موفى شهر ديسمبر/كانون الأول 2010 ـ 147 يوم توريدـ إلى 12،2مليار دينار حاليا ـ ما يعادل 139 يوم توريد. وقدر وزير التنمية الجهوية والمحلية التونسي أحمد نجيب الشابى قيمة الخسائر التي تكبدها الاقتصاد خلال ثورة الياسمين بخمسة مليارات دينار (3،52 مليار دولار) أي ما يوازي 4 بالمائة من جملة الناتج المحلي
قروض ومنح
وعبر البنك الأفريقي للتنمية عن استعداده لإقراض تونس ما يصل إلى مليار دولار هذا العام لمساعدة اقتصاد البلاد على التعافي من الأضرار
وفي هذا السياق أكد البدوي ان quot; هذه المساعدات والقروض الدولية رغم أنها غير ضخمة لكنها ستساهم في تعبئة ميزانية الدولة وإنعاش الاقتصاد نسبيا وأموال بن على وعائلته المجمدة بالخارج ستكون ضمان على المدى المتوسط والطويل للممولين الدوليين في حالة أرادت الدولة الاقتراض من السوق المالية العالمية و حقيقة أتأسف لتنكر وعدم مد يد المساعدة بعض الدول المجاورة كليبيا والجزائر خلال هذه الفترة الدقيقة التي نمر بهاquot; .
وأضاف أن المطلبية الاجتماعية المشطة التي تقف وراءها قوى الردة ستكون عائق كبير أمام إدارة عجلة الاقتصاد من جديد وتعجيز الحكومة المؤقتة مؤكدا أنه في حال استكمال الثورة وتحقيق الانتقال الديمقراطي سيفتح آفاق اقتصادية عريضة في المستقبل ويشجع المبادرة الداخلية إضافة إلى تدعيم مكانة البلاد على الساحة الدولية ويعطيها أكثر مصداقية وقدرة على نسج علاقات اقتصادية أكثر مرد وديةويعزز ثقة المستثمرين الأجانب في تونس
صندوق المواطنة
أعلن البنك المركزي التونسي خلال ندوة حضرتها (إيلاف) عن إحداث صندوق مستقل يحمل اسم quot;صندوق المواطنةquot; لجمع تبرعات عدة أطراف تونسية وأجنبية عبرت عن رغبتها في تقديم الدعم المادي لتونس بعد الثورة.
التعليقات