غرقت السرية المصرفية السويسرية في مستنقع الانتقادات الدولية والدعوات القضائية الأميركية التي ترمي الى تدميرها على غرار ما تفعله مقاتلات الجيوش الغربية في ليبيا. صحيح أن مصرفي quot;يو بي اسquot; وquot;كريدي سويسquot; يتحكمان، عن قرب وعن بعد، بما يجري هنا من أحداث وردود فعل مالية تجاه أي شيء يعكر مزاج سويسرا بيد أن الانتقادات اللاذعة الموجهة لمدراء هذين المصرفين، من جهة، ومعاناة المصارف الخاصة(لا سيما الصغيرة) مما يحصل حولها من استبداد واستغلال، من جهة أخرى، بات الشغل الشاغل لخبراء المال المحليين.


برن:فان شد الطوق على السرية المصرفية السويسرية آل الى هرب العديد من المستثمرين من المصارف الخاصة، ومن ضمنها فروع المصارف الأوروبية العاملة هنا. وبما أن الأزمة المالية quot;قصفتquot; ثروات الأغنياء والفقراء معاً، مؤثرة بالتالي على تحركات المصارف السويسرية، فان الأرباح منذ مطلع العام الماضي غير كافية، للمصارف الخاصة هنا، للقيام بأي تحرك أم توسع خارجي. لكن، وبما أن حالة عدم الاستقرار المالي ما زالت مهيمنة على منطقة اليورو، فان سويسرا، التي تتمتع بصلابة عالمية في بنيتها المصرفية التحتية، تنجح دوماً سوية مع مصارفها(بغض النظر عن حجمها) في استقطاب فئات طازجة من المستثمرين الجدد.

في سياق متصل، تشير الخبيرة نيكول ايسير، من مصرف (Pictet)، الى أن قوة الفرنك السويسري الحالية لا يمكنها الا أن تترك أثراً عميقاً في موازنات المصارف الخاصة هنا. اذ ان مبيعات المنتجات المصرفية السويسرية في تراجع مستمر منذ أن قررت حكومة واشنطن اهمال قوة الدولار الأميركي عالمياً وجعله ضحية عملات أخرى، كما الفرنك السويسري، الذي يعادل اليوم 1.08 دولار أميركي، تنظر بغرابة الى مكانتها المالية العالمية، اليوم. لذلك، وبدلاً من انعاش سوق العمل المحلية لعب تراجع الأرباح دوراً هاماً في تحويل قلوب المصرفيين السويسريين الى حجر من جراء قراراتهم التقشفية المتعلقة بوقف تجنيد الموظفين الجدد، العام. بالطبع، فان الأمر لا يتعلق بتنظيم دورات في التأهيل التي تستقطب، بانتظام، المتخرجين والمتخرجات.

علاوة على ذلك، تنوه الخبيرة ايسير بأن المستثمرين العرب(وموكلين عنهم) يقبلون، بالجملة والمفرق، على ايداع قسم من أموالهم في سويسرا(وامارة ليشتنشتاين). مما لا شك فيه أن هذه الأموال الطازجة، المقدرة ببلايين الفرنكات السويسرية، تساعد المصارف الخاصة في الاستعانة بها للاستثمار في قطاعات هامة، كما الطاقة والمواد الأولية.