أحدث الجانب الإقتصادي لخطاب الرئيس السوري بشار الأسد للحكومة السورية ردود فعل سلبية، حيث تحدث سوريون لـإيلاف عن أن الشّعب السوري عانى إهمالاً وتهميشًا طيلة عهد البعث، وفي حين لم يحصل على حقوقه السياسية، الآن تُسلب منه حقوقه الإقتصادية.


دمشق: تحدث سوريون عن التهميش والاهمال الذي عاناه السوريون بشكل عام والأكراد بشكل خاص، وأن الشعب السوري، وفي حين لم يحصل على حقوقه السياسية، سُلِبت منه الحقوق الاقتصادية.

الدكتور محمد صالح الغيدا أكاديمي سوري قال لـquot;ايلافquot;: quot;عانى الشعب السوري عمومًا والشعب الكوردي في سوريا الإهمال والتهميش طيلة عهد البعث، والآن تكثر الوعود من قبل رأس هرم السلطة بعد التظاهرات، وهو الذي كان يترفع عن لفظ كلمة quot;أكرادquot;quot;.

وأضاف quot;أما المكرمات وحلول quot;بالقطارةquot; والتسويف فهي التي أوصلت الشعب السوري إلى هجرة الجزيرة التي مثلت السلة الغذائية الوفيرة لسوريا سابقًا، وبفضل الخطط السنوية والخمسية الفاشلة تمكنت الحكومات المتتالية وبجدارة تحويل المنطقة إلى صحراء جرداء. وها هي مدن الصفيح الكردية تطوق المدن الكبرى في الداخلquot;.

ورأى quot;أن الوعود التي أطلقها الأسد في خطابه الأخير أمام حكومته الجديدة القديمة لا تختلف عن خطاباته السابقة الغنية فقط بالوعود والتسويف وتشكيل اللجان التي تدرس الموضوعات وغيرها من الشكليات، التي ما وجدت يومًا طريقها إلى النورquot;.

وقالquot; لم يعوّل الشباب الأكراد على الوعود.. وهاهم يتجاوزون حتى حدود مطالب الحركة السياسية التنظيمية والأحزاب الكردية، وترتفع مطالبهم لتلامس السقف الوطني، متفاعلين مع بقية مكونات المجتمعquot;.

وعبّر عن اعتقاده أن الشباب الكوردي سينخرط في التظاهرات بشكل يليق بالأكراد كشركاء فاعلين في الوطن، كما كانوا على مر التاريخ، ولن تثنيهم خطابات ووعود من السيد بشار الأسد.

لا جديد في الخطاب

علي الحاج حسين الناشط السوري قال لـquot;ايلافquot; على إثر احتجاجات ما بعد خطاب الرئيس السوري بشار الأسد في مجلس الشعب أتبعه بالخطاب التوجيهي للحكومة quot;لم أر أي جديد، حيث إن الخطاب قد تكررquot;.

وأضاف quot;في البداية اتهام فلسطينيين، وبعدها مندسين، وبعدها أردنيين، والتلميح للأكراد لعدم قبولهم رشاوي التفرق عن بقية المكوناتquot;، وقال لم يعد ممكنًا اتهام الاكراد بالانفصالية، وهم لم يبدأوا التظاهرات، ولا يمكن اليوم الاستفراد بهم.

وأشار الحاج حسين الى أن الرئيس الأسد تحدث عن الشفافية بقوله quot;عندما نكون شفافين فبكل تأكيد المواطن السوري واع وسيكون متفهمًا... نبدأ من الحكومة بتقديم براءة ذمة quot;بيانquot; وأن يقوم وزراء الحكومة بتقديم بيان بالأملاك الخاصة quot;وطلب من أعضاء حكومته quot;جردة حسابquot; وكشوف ماليةquot;، مستثنيًا من ذلك الجميع والأكبر مركزًا مما يعني أن هذه محاولات تجميل ظاهرية.

ولفت الحاج حسين أيضًا الى قول الأسد: quot;... عندما نكون شفافين مع المواطن ونقول له هذه هي الإمكانيات وهذه هي الحاجات أو التحديات ...quot;، ولكنه لم ولن يقول للمواطن إن قطاع الاقتصاد يهيمن عليه قطيع من القطط السمان وذوي الياقات البيضاء يمتصون دم الشعب .....، ولا يمكن اعتبار الرئيس جاهلاً بكل هذا النهب والفساد.

بخصوص البطالة والفقر المدقع، اعتبر الحاج حسين أن الرئيس الأسد يحمّل الشباب مسؤوليات جمة، وكان حري بنظامه تحقيقها، وكاد يقول أن الشباب العاطل عن العمل يتناسل بكثرة ويشكل خطرًا على الوطن، حيث قال الأسد quot;.. لدينا الكثير من الشباب العاطل عن العمل، ولدينا نسبة تزايد سكاني عالية جدًا، نسبة حتى إلى الدول العربية الأقل تقدمًا من سورية.. عندما يشعر هذا الشباب بأن الأفق مسدود أمامه، فربما يحبط، ويصل إلى اليأس، وربما يدفعه هذا اليأس إلى الانقلاب على كل مفاهيمه العائلية أو حتى الاجتماعية والوطنية ..quot;.

ولفت حاج حسين الى ماقاله الأسد عن الزراعة quot;.... اهتمت الدولة بشكل كبير بهذا القطاع خلال العقود الماضية، ولكن أيضاً خلال الأعوام القليلة الماضية لم يكن الاهتمام بالمستوى المطلوب..quot;، ورد بالقول كأن تشريد الناس والفشل في أهم قطاع يبرر بكلمات بسيطة من دون التبرير لماذا وكيف وماذا سيفعل في جموع الأسر التي هجرت الجزيرة مثلا وتشكلت أحياء حول المدن الكبرى من بيوت الصفيح، والغريب أن يكلف وزير الزراعة السابق الفاشل في وزارته بتسلم دفة رئاسة الحكومة.

ضعف الامكانيات واستشراء الفساد وجوه لعملة زائفة

الدكتور لؤي صافي أستاذ الدراسات الشرق أوسطية وناشط في الدفاع عن حقوق الجالية العربية والإسلامية في أميركا، اعتبرquot;أن خطاب الرئيس أظهر بوضوح أن أولويات التعاطي مع المشاكل لا تزال في إطار الدولة الأبوية التسلطية التي تعتقد أنها قادرة على مقاربة المشاكل عبر تقديم الافكار والنصائح والارشاداتquot;.

ورأى أنّ الخطاب الرئاسي quot;نجح في توصيف المشكلات التي تعانيها البلاد، في حين بقيت مقاربة هذه المشاكل والموقف الرئاسي من مسؤوليات الشعب ودور المواطن في تحقيق الاصلاح السياسي ضمن إطار الدولة الأبوية التي تعتقد أنها قادرة من خلال التوجيهات والاملاءات على تحقيق المطالب والرغبات. هنا تكمن المشكلة في الطرح الذي قدمه بشار الأسد في لقائه مع الحكومة السورية العتيدة، وهنا تكمن العقبة كأداء لتجاوز حالة الاسئثار السلطوي التي تعانيها البلاد، والوصول إلى آليات الانتقال إلى المتجمع السياسي الحر الذي يقوم على نموذج الدولة الديمقراطيةquot;.

وقال ان سوريا اليوم تحتاج نورالحرية السياسية والمدنية لتمكين أبنائها من تسليط الضوء على أوكار وطاويط الفساد التي تمتص أموال الناس وثرواتهم، وإتاحة المجال للمبادرات الفردية والجمعية التي يقوم بها المواطنون الشرفاء بعيدا عن التوجيهات والاملاءات المركزيةquot;.

وأضاف quot; سوريا اليوم تحتاج وزارة يستمد وزراؤها مواقعهم من خيارات الناس وأصواتهم ليتمكنوا من التحرك واتخاذ القرارات بغطاء شعبي يسمح لهم بالتأثير والمبادرة، لا وزراء يرون في اختيارهم للمنصب الوزاري منحة يتكرم بها ولي النعمة، ويشعرون بالحاجة إلى أن يبارك رأس السلطة كل حركة من حركاتهم وكل قرار من قرارتهمquot;.

وقالquot;إن ضعف الامكانيات وضياع الثروات واستشراء الفساد وجه لعملة زائفة وجهها الآخر التسلط وانعدام المسؤولية وغياب الحرية. فهل يعي النظام السوري ذلك قبل فوات الأوان، ويبادر إلى تعديل الدستور واحترام الحريات واعتماد التعددية السياسية والقبول بالمعارضة المنتخبة رسميًا على أنها شرط لقيام حياة سياسية ديمقراطية حرة، وركيزة ضرورية لمساءلة الحكومة والحيلولة دون فساد السياسيين واستئثار مراكز القوى بالقرار؟quot;.

وكانت النقاط التي حددها الرئيس السوري في كلمته التوجيهية تمحورت حول أولويات عمل الحكومة الجديدة بمحاربة البطالة عبر اعتماد مشاريع سريعة تعالج هذه الظاهرة، ومكافحة الفساد وزيادة الشفافية في الأداء الحكومي، داعيا مجلس الوزراء الجديد إلى التخفيف من مركزية القرار والصلاحيات لتسهيل توفير الخدمات للمواطنين، مشيرًا إلى أهمية الدفع باتجاه الأتمتة التي تساهم في محاربة الفساد من جهة وتسريع العمل وتقديم الخدمات من جهة أخرى.

وشدد الرئيس الأسد على ضرورة تطوير المؤسسات التي ستدير العملية الإصلاحية، لافتًا إلى أهمية الجداول الزمنية للمشاريع والتحاور مع المواطن عبر الإعلام من خلال اعتماد الشفافية في عملية التواصل، معتبراً أن فقدان الكرامة قد يعني إهمال المواطن أو تأخير معاملة له أو طلب رشوة، وأكد الأسد أن دوره سيكون بالنسبة إلى الحكومة الجديدة هو quot;الدعم والمراقبة والمحاسبةquot;.