مستقبل الإستثمار في مصر يكتنفه الغموض

في الفترة الإنتقالية التي تمر بها مصر الآن أصبح مستقبل الإستثمار غامضًا، حيث يؤكد الخبراء أن عودة الإستثمارات الأجنبية المباشرة والمحلية مرهونة بإستقرار الوضع السياسي والأمني.


القاهرة: الأحداث الملتهبة في مصر أثّرت بشكل كبير على مجرى الاستثمارات الأجنبية والمحلية على حد سواء، ففي ظل النظام القديم كان ينعم عدد من رجال الأعمال المقربين من البيت الرئاسي بامتيازات وتسهيلات ليس لها مثيل تصل لحد السفهة والإجحاف والجور على حقوق المواطنين البسطاء. وكانت الاستثمارات الأجنبية على الرغم من أنها تعود ببعض النفع إلا أنها كانت تلقى تنازلات كبيرة من قبل الحكومة المصرية المخلوعة وتضر باقتصاد البلاد أكثر من نفعها له ولكن في الوقت الراهن ليس الحال بأفضل مما كانت عليه فقد غابت عن أرض مصر عروض الاستثمارات الخارجية بل وتراجع كثير من رجال الأعمال المصريين عن خطوة فتح مجالات جديدة للاستثمار.

في الفترة الانتقالية التي تمر بها مصر الأن أصبح مستقبل الاستثمار غامضًا فكما يقول الدكتور حمدي عبد العظيم الخبير الاقتصادي لـquot;إيلافquot; إن عودة الاستثمارات الأجنبية المباشرة والمحلية أيضًا مرهونة باستقرار الوضع السياسي والأمني، وفي الحقيقة إن الوضعين يحتاجان إلى فترة زمنية وتحرك جدي حتى تستقر الأمور.

في حين يقول محمد المنوفي رجل الأعمال المصري أن بإمكان القطاع الخاص أن يخرج الاقتصاد المصري من كبوته فقد أثبتت التجارب في كل دول العالم أن الاقتصاد الحر والاقتصاد المفتوح هو الأقدر علي النهوض باقتصادات الدول ولكن يجب أن تقدم أجهزة الدولة الدعم اللازم كتسهيل الإجراءات المعقدة والقضاء علي البيروقراطية والفساد، ومن الجانب الآخر لا بدّ من إهتمام القطاع الخاص بالصالح العام وليس تحقيق الربحية على حساب مصلحة الدولة كما كان يحدث قبل ثورة يناير وأضاف أنه على القطاع الخاص أن يكون صاحب دورإيجابي داخليًّا أو خارجيًّا من خلال تنظيم المعارض الخارجية وفتح الأسواق الخارجية وتسويق المنتج المصري إلى جانب الاهتمام بجودة الإنتاج موضحًا أن هذا من شأنه حل العديد من المشاكل الاقتصادية والإجتماعية في مصر كالفقر والبطالة، مشيرًا إلى أن الجميع لا يفضل القطاع العام خصوصًا أنّه يتسم بالتخاذل والتراخي في العمل من جانب الموظفين والعاملين.

هاني توفيق رئيس الإتحاد العربي للاستثمار أكد أن هناك أولويات ضرورية حتى يستطيع الاقتصاد المصري أن يخرج من عثرته أهمها استعادة الأمن والشرطة لهيبتها والانتهاء من إجراءات الانتخابات البرلمانية والرئاسية سريعًا، وحتى يستطيع الاقتصاد المصري أن يسترد عافيته التي تأثرت خلال الأشهر الماضية، ويرى توفيق أن الأشهر القادمة في غاية الأهمية،وذلك بعد هروب بعض الاستثمارات في فترة الثورة والأشهر التي أعقبتها وأشار إلى أن القطاع الخاص الجاد يجب أن يعمل وفق آليات، ويجب قبل ذلك أن يتم تهيئة مناخ من الشفافية والمنافسة الحرة وإزالة البيروقراطية حتى يعمل القطاع الخاص بنجاح.

في حين نفى رئيس الهيئة العامة للاستثمار أسامة صالح، هروب الاستثمارات الأجنبية المباشرة من البلاد عقب ثورة يناير، وقال إنه لم يحدث خروج للاستثمار الأجنبي المباشر، وهو ما يعني الشركات أو المستثمرين الذين لهم مصانع أو شركات تقوم بتقديم خدمات في مصر أو من مصر، وإن ما حدث هو خروج بعض الاستثمارات الأجنبية من البورصة، وهي استثمارات غير مباشرة، وقال إن ذلك أمر طبيعي في الوقت الراهن والذي لا تنعم فيه مصر بالاستقرار السياسي ، كما أعرب عن اعتقاده ان يكون هناك دورة أخرى لعودة الاستثمارات الأجنبية للبورصة المصرية بعد استقرارها في الفترة الماضية وعودتها إلى طبيعتها. وأكد صالح أن الحكومة المصرية تتخذ إجراءات تيسيرية في هذه المرحلة لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وتعكف على دراسة جميع الإجراءات الخاصة بالجهات الحكومية وتيسيرها لدرجة تمكن الشركات الأجنبية من التعامل بيسر وسهولة، وبما يحقق الوضوح والشفافية في هذه الإجراءات بحيث لا تكون مختلفة من شخص إلى آخر.

أما الناشط الحقوقي حسام عبد الله فيرى أنه من الضروري أن يتم التنسيق بين الجهات المعنية الحكومية من جهة والمستثمرين المصرين والأجانب من جهة أخرى حتى ينتهي الاتفاق على صيغة ترضي الأطراف جميعها، فتكون عملية الاستثمار سهلة وميسرة. فعلى الحكومة الموقتة تحقيق الأمن والاستقرار لكي تكون مصر أرضًا جاذبة للاستثمار الأجنبي والمحلي، ومن الناحية الأخرى تضع الحكومة شروطًا تضمن حقوق المنافسة ومنع الإحتكار على أن يراعي المستثمر حقوق العاملين عن طريق وضع خطة تنظم عملية التشغيل على أساس التدريب والكفاءة. ويضيف حسام أن القضاء على الصعوبات الاقتصادية يأتي عندما نحقق الاكتفاء الذاتي من الغذاء وهو ما لابد أن تضعه الحكومة ورجال الاستثمار في حسبانهم ، وهناك العديد من الخطط والمشاريع قد تقدم بها علماء ومتخصصون في مجال التنمية لو أحسن التعامل معها سوف تكون بداية الانطلاقة الحقيقية لنهضة الاقتصاد المصري.