الكويت: واصلت سوق الكويت للأوراق المالية مسلسل خسائرها المتتالية، والذي لازمها طوال الفترة الأخيرة، على وقع التراجع المستمر لأسعار العديد من الأسهم وبلوغها مستويات متدنية، نتيجة استمرار حضور العوامل السلبية، وتراجع السيولة التي تعد وقود السوق. هذا وما زالت السوق حتى الآن تعيش في ظل آثار الأزمات المحلية المتتالية، وعدم إعطاء الاقتصاد الوطني أي أهمية تذكر من قبل الحكومة، رغم أن دول العالم المتحضر وقادته عملهم الأساسي الدؤوب هو كيفية حماية وتنمية اقتصاديات دولهم، فوظيفة السياسة في علم الإدارة الحديثة هي خدمة الاقتصاد وليس العكس. هذا وقد فقدت السوق ما يقارب من نصف قيمتها الرأسمالية في الفترة ما بين شهر سبتمبر 2008 وحتى الآن، إذ بلغت حتى يوم الخميس 31.02 مليار دينار كويتي، بتراجع نسبته 45.75% عن قيمتها عند بداية الأزمة، والتي كانت وقتها 57.18 مليار دينار كويتي.

ولعل المؤثرات السياسية المحلية تأتي على رأس العوامل التي أثرت في السوق سلباً في الفترات الماضية، وخاصة، في ظل تصاعد وتيرة الخلاف المزمن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، والذي تشهد البلاد فصوله منذ فترة ليست بالقليلة، وذلك بعد أن أعلنت إحدى الكتل البرلمانية عن عزمها تقديم استجواب جديد لسمو رئيس مجلس الوزراء. وما زالت الرؤية غير واضحة حتى الآن حول وجود مخرج مناسب من حالة الخلاف المستمرة، والتي أصبحت تمثل عائقاً في طريق الاستقرار والنمو الاقتصادي، وخاصة في ظل حالة الركود التي يعانيها الاقتصاد الوطني منذ عام 2008.

هذا وقد شهد الأسبوع الماضي الإعلان عن النتائج النهائية للموازنة العامة للدولة، والتي أفادت بتحقيق الميزانية فائضاً قدره 6.5 مليارات دينار، وذلك بعد تحقق إيرادات تبلغ 20.9 مليار دينار، منهم 19.4 مليار دينار من الإيرادات النفطية، أي من المصدر الوحيد، وهو الثروة النفطية غير المتجددة. وتوضح تلك البيانات حجم الفوائض المالية المتوافرة لدى الحكومة، والتي ستضاف إلى الفوائض السابقة المتراكم معظمها في مصارف أجنبية في شكل سيولة. والجدير بالذكر، أن المزيد من السيولة لا يعبر دائماً عن المزيد من الثروة، فالثروة تعبر عن نفسها في قوة الاقتصاد الوطني بما فيه من أصول منتجة وبنية تحتية عصرية، ورفاهية المواطنين، وارتفاع مستوى معيشتهم. هذا ولم يستفد الاقتصاد الوطني من هذه الفوائض، والذي يعاني فعلياً شح الإنفاق الحكومي، رغم مروره بحالة كساد تستدعي هذا الإنفاق كإجراء رئيس لكسر دائرة الركود الاقتصادي وتحريك عجلة التنمية.

من ناحية أخرى، استمرت تداعيات قرار البنك المركزي الخاص بفصل نشاطي التمويل والاستثمار في الشركات الاستثمارية، في الاستحواذ على جانب كبير من الاهتمام، وفي هذا الصدد، أكد محافظ البنك أن المركزي ليس لديه مانع من أن تبقى الشركات الراغبة في الجمع بين النشاطين كما هي عليه الآن، ولكن ما يجب تأكيده أنه سيكون لكل جهة رقابية سواء البنك المركزي أو هيئة أسواق المال، معاييرها وشروطها الخاصة في الرقابة. ويعد هذا تحولاً إيجابياً بعد المخاوف التي ثارت من احتمال عجز الشركات الاستثمارية عن تمويل شركاتها التابعة، والذي يعد جزءا أساسيا من نشاط العديد من الشركات. على صعيد آخر، أعلن وزير المالية أن الحكومة الكويتية ستعمل على إحياء الدور المحوري للقطاع الخاص في قيادة التنمية الاقتصادية، إلا أن هذا الكلام الإنشائي أصبح مكرراً في كل عام عند طرح الميزانية دون أن يواكبه أي أفعال على أرض الواقع لدعم القطاع الخاص.

وعلى صعيد حركة التداول في الأسبوع الماضي، فقد شهدت السوق أداءً مائلاً للتراجع، حيث انخفض مؤشره السعري متأثراً بضغوط البيع القوية التي شملت العديد من الأسهم القيادية والصغيرة، وسط إحجام وعزوف واضح من قبل بعض المتداولين عن التعامل، وهو الأمر الذي أدى إلى انخفاض مؤشرات التداول، وخاصة القيمة التي وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ بداية العام الجاري خلال إحدى الجلسات اليومية من الأسبوع. غير أن السوق تمكنت من تحقيق ارتفاعات محدودة في بعض الجلسات. إلا أن المضاربات السريعة وعمليات جني الأرباح التي تركزت على الأسهم الصغيرة، أدت إلى تزايد خسائر المؤشر السعري، ما أدى إلى تراجعه بنهاية الأسبوع. وأنهت السوق تداولات الأسبوع الماضي على تباين لجهة إغلاق مؤشريه الرئيسين، حيث أقفل المؤشر السعري عند مستوى 6,306.7 نقطة، بانخفاض نسبته 0.50%، في حين سجل المؤشر الوزني نمواً محدوداً بنسبة بلغت 0.08% بعد أن أغلق عند مستوى 439.47 نقطة.

مؤشرات القطاعات

سجلت أربعة من قطاعات سوق الكويت للأوراق المالية نمواً في مؤشراتها بنهاية الأسبوع الماضي، فيما تراجعت مؤشرات القطاعات الأربعة الباقية، وجاء قطاع الأغذية في مقدمة القطاعات التي سجلت نمواً، حيث أغلق مؤشره مرتفعاً بنسبة 0.73% بعدما وصل إلى 4,321.1 نقطة، تبعه في المرتبة الثانية قطاع الشركات غير الكويتية الذي أنهى مؤشره تداولات الأسبوع عند مستوى 6,499.5 نقطة، مرتفعاً بنسبة 0.72%. أما أقل القطاعات تسجيلاً للارتفاع، فكان قطاع التأمين الذي أغلق مؤشره عند 2,594.4 نقطة مسجلاً زيادة نسبتها 0.21%. من ناحية أخرى، تصدر قطاع الخدمات القطاعات التي سجلت انخفاضاً، حيث أغلق مؤشره عند 14,277.0 نقطة منخفضاً بنسبة 1.10%، في حين شغل قطاع البنوك المرتبة الثانية، إذ تراجع مؤشره بنسبة بلغت 1.06% بعد أن أغلق عند 11,906.7 نقطة. أما أقل القطاعات تراجعاً فكان قطاع الصناعة والذي انخفض مؤشره بنسبة بلغت 0.60% مغلقاً عند مستوى 4,483.9 نقطة.

مؤشرات التداول

تراجعت مؤشرات التداول الثلاثة خلال الأسبوع الماضي، حيث نقصت كمية الأسهم المتداولة في السوق بنسبة بلغت 4.19% عن الأسبوع السابق لتصل إلى 576.92 مليون سهم، فيما سجلت قيمة الأسهم المتداولة خلال الأسبوع انخفاضاً نسبته 31.18% لتصل إلى 77.72 مليون د.ك.، كما تراجع عدد الصفقات المنفذة، حيث شهد الأسبوع الماضي تنفيذ 10,204 صفقات بانخفاض نسبته 8.15% عن الأسبوع الذي سبقه.

أما لجهة المتوسطات اليومية، فقد بلغ معدل قيمة التداول اليومي خلال الأسبوع الماضي 15.54 مليون د.ك. منخفضاً من 22.59 مليون د.ك. في الأسبوع ما قبل السابق، في حين نقص متوسط حجم التداول من 120.44 مليون سهم ليصل إلى 115.38 مليون سهم، بينما بلغ المتوسط اليومي لعدد الصفقات المنفذة 2,041 صفقة مقارنة بـ2,222 صفقة في الأسبوع قبل الماضي.

تداولات القطاعات

شغل قطاع الخدمات المركز الأول لجهة حجم التداول خلال الأسبوع الماضي، إذ بلغ عدد الأسهم المتداولة للقطاع 212.04 مليون سهم شكلت 75.36% من إجمالي تداولات السوق، فيما شغل قطاع العقار المرتبة الثانية، حيث بلغت نسبة حجم تداولاته 34.38% من إجمالي السوق، إذ تم تداول 198.34 مليون سهم للقطاع. أما لجهة قيمة التداول، فقد شغل قطاع الخدمات المرتبة الأولى، إذ بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 13.37% بقيمة إجمالية بلغت 28.86 مليون د.ك.، وجاء قطاع البنوك في المرتبة الثانية، حيث بلغت نسبة قيمة تداولاته إلى السوق 24.66% وبقيمة إجمالية 19.17 مليون د.ك.

القيمة الرأسمالية

ارتفعت القيمة الرأسمالية لسوق الكويت للأوراق المالية بنسبة 0.10% خلال الأسبوع الماضي لتصل إلى 31.02 مليار د.ك. بنهاية تداولات الأسبوع، حيث نمت القيمة الرأسمالية لستة من قطاعات السوق الثمانية، فيما تراجعت للقطاعين الباقيين. وتصدر قطاع الأغذية القطاعات التي سجلت نمواً، إذ ارتفعت قيمته الرأسمالية بنسبة بلغت 1.93% بعد أن وصلت إلى 733.48 مليون د.ك. جاء بعده قطاع الشركات غير الكويتية الذي وصلت قيمته الرأسمالية إلى 1.93 مليار د.ك. مسجلاً نمواً نسبته 1.10%، وحل قطاع العقار ثالثاً بارتفاع نسبته 0.73% بعد أن وصلت قيمته الرأسمالية إلى 1.80 مليار د.ك.، هذا وكان قطاع الاستثمار أقل القطاعات ارتفاعاً، إذ وصلت قيمته الرأسمالية إلى 2.52 مليار د.ك. بنمو نسبته 0.24%. من جهة أخرى، بلغت نسبة تراجع القيمة الرأسمالية لقطاع البنوك 0.31%، حيث بلغت بنهاية الأسبوع 13.66 مليار د.ك.، في حين وصلت القيمة الرأسمالية لقطاع الصناعة إلى 2.40 مليار د.ك. بتراجع نسبته 0.14%.