بروكسل: قال الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي يوم الثلاثاء إن تعافي الاقتصاد العالمي يواجه تهديدا خطيرا بسبب المضاربة على أسعار المواد الغذائية والمواد الخام في السوق الدولية، ودعا إلى وضع قواعد جديدة من أجل ضمان تنظيم أكبر لهذه السوق على غرار القواعد المنظمة للقطاع المصرفي العالمي حاليا. وقال ساركوزي إن الغياب الكبير للقواعد المنظمة في أسواق المال العالمية أدى إلى الأزمة المالية العالمية التي كادت تدمر النظام المالي الدولي مضيفا أن 'أي سوق بدون قواعد لا يمكن اعتبارها سوقا'. وجاءت تصريحات ساركوزي أمام مؤتمر عن تجارة السلع والمواد الخام في العاصمة البلجيكية بروكسل قبل طرح القضية على اجتماعات مجموعة الدول العشرين الكبرى.


وأضاف ساركوزي أن التنظيم لا يعني السيطرة ولا يعني الحمائية ولا حتى يعني التحكم في الأسعار بعيدا عن آليات العرض والطلب. 'علينا إيجاد طريق ثالث بين الغياب الكامل للقواعد الذي يؤدي إلى سيادة قانون الغاب وبين الإفراط في القواعد الذي يؤدي إلى الشلل'. وقد وضعت فرنسا قضية التصدي للمضاربات المالية على أسعار المواد الخام على قمة جدول أعمال رئاستها لمجموعة الدول العشرين وتقول إن هذه المضاربات يمكن أن تؤدي إلى مجاعات واضطرابات سياسية في العالم. وقال ميشيل بارنيه مفوض شؤون السوق الداخلية بالاتحاد الأوروبي إن 'أسواق المواد الخام تختلف عن الأسواق المالية.. فأداؤها الجيد (أسواق المواد الخام) يؤثر على الحياة امسية لكل المستهلكين وفي بعض الدول يؤثر على الأمن الغذائي لكل قطاعات السكان'.


من ناحيته قال جوزيه مانويل باروسو رئيس المفوضية الأوروبية إن قضية تنظيم سوق المواد الخام في العالم ظل 'بصورة أو بأخرى أحد المحظورات' لفترة من الفترات. وأضاف 'لكن نستطيع أن نقول الآن إن هناك توافقا متناميا ويزداد قوة حول الحاجة إلى معالجة هذا وجعل هذه السوق أكثر شفافية'. كان الاتحاد الأوروبي قد تعهد في وقت سابق من العام الحالي بضبط قواعده المالية من أجل ضمان 'التكامل والشفافية والاستقرار' في أسواق المواد الخام. وأشار ساركوزي إلى سوق النفط العالمية كأحد الأمثلة على التأثير السلبي للمضاربة على المواد الخام حيث انخفض سعر البرميل من 140 دولارا إلى 40 دولارا فقط خلال ستة أشهر تقريبا عام 2008. ومنذ قليل زاد السعر بأكثر من 10' خلال أسبوع واحد فقط. وقال إنه في ضوء هذا الواقع لا يمكن القول إن سوق النفط تعمل بصورة جيدة وفقا لآليات العرض والطلب. وأضاف أن الأمر نفسه ينطبق على سوق المنتجات الزراعية حيث يؤثر تقلب الأسعار على المواد الغذائية مثل الأرز وحذر من 'حروب جوع' في المستقبل حيث يواجه العالم احتمال وصول عدد سكانه إلى 9 مليارات نسمة عام 2050.


من ناحيته قال لوك لامبريه مدير منظمة أوكسفام الخيرية غير الحكومية إن المضاربة المالية تهدد الحق في الطعام بالنسبة لمئات الملايين من البشر في الدول النامية التي تكون عرضة للتغييرات المفاجئة في الأسعار في الأسواق العالمية. ودعت المنظمة ومقرها بريطانيا الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوة إضافية بطرح مقترحات عملية على المائدة لضمان شفافية السوق ومنع المضاربة.