وزير الزراعة المصري أيمن أبو حديد

في خطوة وصفت بأنها ضربة قاصمة لبعض رجال الأعمال الذين انتهزوا الثورة لجمع أموال المصريين في الخارج، حذرت وزارة الزراعة المصرية من محاولة شركة إستثمارية لجمع 10 مليار جنيه من المصريين في الخارج تحت شعار quot;الإكتفاء الذاتي من القمحquot;.


القاهرة: فاجئت وزراة الزراعة المصرية المصريين في الخارج بالإعلان رسمياً عبر تصريح صادر من د. محسن البطران رئيس قطاع الشؤون الاقتصادية، يحذر فيه من محاولات بعض رجال الأعمال من جمع أموال من المصريين في الخارج، تحت زعم الحصول فعلياً على 500 ألف فدان من أراض الدولة وتخصيصها فقط لزراعة القمح، وذلك بهدف تحقيق الإكتفاء الذاتي من المحصول الإستراتيجي.

منبهاً المصريين في الخارج بأنها محاولة لإستدرار عواطفهم تجاه مصر، خاصة بعد الثورة، من أجل تحقيق أهداف مشبوهة، كما أكد أن البعض إستغل الأحداث الماضية، وبدأ يتاجر باسم إئتلافات الثورة المصرية أو إئتلافات ثورة الشباب المصري للحصول على منافع شخصية، وهي ـ كما وصفها ـ محاولات إبتزاز فعلية، يتعرض لها المصريون في الخارج تسعى إلى التأثير على عواطفهم.

الوزارة وصفت أيضاً هذا العمل بأنه يعد بمثابة عملية تربح غير مشروعة، خاصة وأنه لم يتم تخصيص أي أراض لهذه الشركات أو الأفراد، كما إنه ووفقًا لتقديراتهم الرامية إلى إستصلاح 500 ألف فدان وزراعتها بالقمح، فإن الأموالالتي سيتم جمعها من المصريين في الخارج ستتجاوز 10 مليارات جنيه (1.7 مليار دولار) وفقًا للتقديرات التي تم إعلانها، وهو مبلغ ضخم جداً لا يمكن جمعه إلا بوساطة تنظيمات إقتصادية ومؤسساتية منظمة، ترتبط بعقود وإتفاقيات إقتصادية، وخاضعة لإشراف الجهات الرقابية الإقتصادية، كالبنك المركزي وهيئة سوق المال.

البطران أكد في تصريحاته أن الدولة لن تعيد تكرار التجارب السابقة في عمليات تخصيص الأراضي الزراعيةبالأمر المباشر، ولن يتم تخصيص أي أراض لأي شركة إلا بالقانون، وبموافقة مجلس الوزراء، ووفقاً لسابق خبرات الشركة في مجال الزراعة، موضحاً أن مصر لديها من القوانين والقرارات المنظمة للتصرف في أراضي الدولة بما يحقق أهدافها في التنمية الزراعية، وبما يحقق مصلحة الدولة والمواطن، وينعكس على التنمية الزراعية لتحقيق هذه الأهداف.

من جهة أخرى، قالت صحف مصرية إن الحكومة تتعرض لضغوط من قبل بعض رجال الأعمال والشركات خاصة من البعض الذين لديهم توجهات فكرية معينة بهدف الحصول على إمتيازات إقتصادية ومالية وإستثمارية في مصر، بزعم تأسيس شركات لخدمة الإقتصاد الوطني، وتشغيل العمالة، حيث ظهرت بعد الثورة جهات عدة وأفراد يزعمون بقدرتهم على حل مشاكل مصر، ففي فترة ما بعد الثورة ظهر أحد المستثمرين على شاشات الفضائيات المصرية يزعم أنه قادر على حل مشكلة الإسكان في مصر عبر بناء حوالي مليون وحدة سكنية بتكلفة تقل عن ثلثي الأسعار الموجودة حالياً.

ويخشى مراقبون إقتصاديون من أن تتوجه الدفة الإقتصادية إلى شركات توظيف الأموال، خاصة مع تنامي التيار الديني، الذي يزعم أصحابه أن فضيلة شيخ الأزهر الراحل قد أخطأ في فتواه عندما كان مفتياً للديار المصرية بشأن أرباح البنوك، وأن تلك الأرباح حرام، وأن على المصريين العودة إلى توظيف أموالهم في شركات تعمل وفق النظام الإسلامي، وهو ما يخيف الإقتصاديون من بدء عمليات لجمع الأموال بصور غير نظامية وقانونية، ستكبد الإقتصاد الوطني مليارات الجنيهات من الخسائر، في الوقت الذي لم تتعاف فيه بعد من أزمة شركات توظيف الأموال، التي ظهرت بداية التسعينات، ولم تنته أزمات كل المودعين فيها حتى اليوم.

ما يثير الشك في تلك الشركات هو أن الشركة المصرية التي رغبت في إستصلاح الأراضي الزراعية وزراعتها بالقمح رفضت عرض الوزارة بالبدء بمساحة 3000 فدان، إلا أنها أصرّت على طلب 500 ألف فدان، مما تسبب في شك الوزارة، لأنه يخالف القرارات المنظمة للتصرف في أراضي الدولة.

الشركة من جانبها سارعت في عقد مؤتمر صحافي أبدت فيه انزعاجها من تجاهل وزارة الزراعة لها وعدم تسليمها 500 ألف فدان لبداية المشروع، بعدما عرضت المشروع على مجلس الوزراء، وبدأت بالعمل مع وزارة الزراعة، التي قررت منحها 3000 فدان فقط، مطالبة الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء والدكتور أيمن فريد أبو حديد وزير الزراعة، بمساواة المصريين في المعاملة مع شركة المملكة القابضة، التي يملكها الوليد بن طلال، وأيضًا شركة الشرقية الإماراتية، وهي النقطة التي رد عليها فيها الوزير بالقول إن ما منح لتلك الشركات هو تصحيح لعقود سابقة، وليست عقودًا جديدة.

مؤسسو المشروع وصفوا في المؤتمر الصحافي عملية توزيع الأراضي على المتخرجين بالخطوة السيئة، لأن الوزارة توزّع الأراضي عليهم في الصحراء من دون تقديم أي دعم مادي لهم، مشيرين إلى أن مشروعهم الخاص بالاكتفاء الذاتي من القمح هو بمثابة quot;محاولة للإنقاذquot; بالتعاون مع شباب الثورة، وهو ما نفته الوزارة، ووصفته بالمتاجرة باسم الثورة.

كما إن المؤسسين أعلنوا صراحة أنهم يستهدفون بصفة خاصة المصريين في السعودية، حيث يوجد هناك 1.5 مليون مصريًا من أصل 8 مليون مصريًا في الخارج، حيث بدأوا جولات في الكثير من الدول العربية والأجنبية، وقرروا إنشاء صندوق لـ quot;مساعدة مصرquot;، وإنعاش اقتصادها، وتم الاستقرار على إنشاء شركة عملاقة لزراعة القمح في مصر وتحقق ربحًا لأبناء مصر في الخارج.

ما بين تحذيرات الوزارة ورغبة مؤسسي الشركة فجوة معلوماتية واضحة وتخوفات أمنية لم تفصح عنها الوزارة، وربما كان هناك ما أبعد من ذلك، وهو ما أوضحه أحد المصريين الذين حضروا أحد اللقاءات مع مؤسسي الشركة حينما سألهم كيف تدبرون المبالغ المالية المتعلقة بسفركم خارج مصر لبلدان أوروبية وعربية عدةتكلفكم الكثير من المال؟ ومن وراء هذا التمويل؟ وكيف تتركون أعمالكم طيلة هذه المدة؟ ولم يجد إجابة منهم سوى أنهم يفعلون ذلك من أجل مصر وشعبها!.