السياحة في الجزائر تمر حاليا بظرف انتقالي تسعى معه السلطات إلى إعادة بعث الفنادق وتحسين الخدمات، لذا لا يبدو بحسب مؤشرات توافرت لـquot;إيلافquot; أنّ الوضع السياحي في الجزائر سينتعش هذه السنة، حتى وإن كان يُفترض أنّ ظروف دول الجوار تؤهل الجزائر نظريا لتسجيل انتعاشة.


الجزائر: تتوقع الدوائر الرسمية الجزائرية توافد ما لا يقلّ عن مليوني شخص هذا الصيف، نصفهم من المغتربين الجزائريين، إلاّ أنّ الخبير quot;أنيس نواريquot; يشكك في إمكانية تجسيد هذه التوقعات ويراها مضخّمة، بحكم محدودية إمكانات الجزائر على صعيد الهياكل السياحية، حيث لا تتمتع سوى عشر الفنادق المحلية البالغ عددها 1047 فندقا، بتصنيف عالٍ، بجانب عامل غلاء أسعار الخدمات، ما سيرغم الكثيرين كالعادة على التوجه نحو تركيا بالدرجة الأولى، بعدما كانت تونس هي الوجهة المفضلة للجزائريين.

وعلى منوال السنة المنقضية، لن تكون السياحة الداخلية منتعشة بالشكل المأمول، ويتصور الخبير الاقتصادي الجزائري البارز quot;عبد الحق لعميريquot; أنّ الموسم السياحي في الجزائر سيتأثر بما يحدث حاليا في ليبيا، بحكم تخوف السياح الأجانب من حدوث قلاقل على الحدود، وكذا احتمال انفجار الوضع في الجزائر.

وإذا كان ثمة مراقبون يجزمون على الورق بأنّ ما حصل في تونس ومصر ودول عربية أخرى، يخدم الجزائر سياحيا، إلاّ أنّ شواهد الميدان تؤكد أنّ مردودية الموسم السياحي الحالي في الجزائر لن تكون أحسن من سابقاتها.

في سياق متصل، يدفع حلول شهر رمضان مبكرا مطلع شهر أغسطس/آب المقبل، واختزال الإجازات في شهر واحد إلى ارتضاء السكان المحليين وجهات داخلية كمناطق بجاية وجيجل وتنس، في حين يرتضي فريق من الجزائريين الميسورين الذهاب إلى تركيا وفرنسا، إضافة إلى دول الخليج العربي.

بيد أنّ quot;جهيد بن توميquot; صاحب وكالة خاصة للسياحة والأسفار، يكشف عن تراجع الطلب على الوجهات الخارجية، في وقت يبدي quot;طاهر حبشيquot; وهو مسير وكالة سياحية خاصة، تفاؤلا بحدوث طفرة سياحية في بلاده خلال شهر تموز/يوليو، أين سيكون الإقبال بحسبه في القمة على الفنادق والمنتجعات، على خلفية حرص مواطنيه على الاستمتاع بإجازاتهم قبل قدوم شهر الصيام، حتى وإن كان الإقبال بأعين متابعين سيغدو قليلا، بفعل الوضع الاجتماعي الكارثي لقطاع واسع من الجزائريين، وتحفظ هؤلاء إزاء إنفاق قد يضر بميزانياتهم الضئيلة عشية رمضان والدخول الاجتماعي.

بالمقابل، يبرز quot;إسماعيل ميمونquot; الوزير الجزائري للسياحة والصناعات التقليدية، أنّ الجزائر ستشهد نقلة نوعية لقطاعها السياحي هذه السنة، ويستدل ميمون بتسخير بلاده إمكانات ضخمة من أجل إغراء السياح، علما أنّ الجزائر اكتفت خلال العام الأخير بعائدات سياحية لم تتجاوز 330 مليون دولار، وهي إيرادات ضعيفة إذا ما قورنت بما حققته دول الجوار، رغم تأكيد الحكومة الجزائرية مرارا على اهتمامها بجعل السياحة اقتصادا بديلا يدرّ موارد مهمة ويمتص البطالة المتفاقمة، إلاّ أنّ الوضع السياحي الجزائري لا يزال هزيلا.

ويشير المسؤول ذاته إلى أنّ أفق الجزائر السياحي سيكون أكثر إشراقا، حينما يتم الانتهاء من مخطط عام لإنجاز 431 مشروعا سياحيا بطاقة إجمالية تقدر بـ41.376 سريرا، وتتوزع المشاريع المذكورة على أقطاب امتياز سياحية، وسلسلة منتجعات لاستقطاب أربعة ملايين سائح سنويا اعتبارا من العام 2015.

السياحة الصحراوية قد تصنع الاستثناء

سيكون الرهان كالعادة على السياحة الصحراوية، بحكم تفضيل السواح الأوروبيين غزو الصحراء الجزائرية الشهيرة بكونها الأجمل في العالم، إذ تتموقع في المركز الثاني وراء ايطاليا، تبعا لما تكتنزه من تراث أثري وفسيفساء طبيعية تتوزع على سبعة مواقع كبرى مصنفة في خانة quot;تراث البشريةquot;، ويُرشح quot;بلقاسم حموشquot; المدير العام للديوان الجزائري للسياحة، أن تكون مواقع الجنوب الجزائري القوة الضاربة للسياحة.

ويشير حموش إلى تسطير برنامج ثري لاستدراج السياح، وتتمثل الخطوط الكبرى في تنظيم عديد المهرجانات والفقرات السياحية التي تجمع بين الإقامة والتنقل والتسلية، ناهيك عن حملات مكثفة لاستغلال كافة المجالات السياحية في الجزائر بما فيها السياحة الثقافية والبيئية والرياضية والصحراوية للارتقاء بمنظومة العرض السياحي الجزائري، وتجاوز نقائص ظلّت قائمة لسنوات كـ: قلة المهرجانات وتدني نوعية الخدمات.

ويتوقع quot;أحمد قطوشquot; مسير إحدى الوكالات السياحية المحلية أن يبلغ عدد زوار الصحراء حدود الألفي شخص، علما أنّ الشتاء المنقضي شهد قدوم 1568 سائحا للاحتفال بأعياد نهاية رأس السنة وسط كثبان جانت، تيميمون، تمنراست وغيرها.