قبل حلول شهر رمضان، تبدأ أسعار المواد الأولية والمواد الغذائية بالارتفاع بشكل كبير ومهول، يعزو العديد من المواطنين ذلك إلى جشع التجار ورغبتهم في زيادة مبيعاتهم على حساب المواطن، وفي الجانب الآخر يحمل التجار ارتفاع أسعار المواد الأولية لزيادة أسعار المواد النهائية.


أمر ملكي بزيادة دعم الأعلاف ومدخلاتها بنسبة 50%

حسن الأحمري من الرياض: صدر في الأمس أمر ملكي بزيادة دعم الأعلاف ومدخلاتها بنسبة 50% عما هو معمول به حالياً وقيام الجهات المعنية باتخاذ اللازم بتشديد مراقبتها للأسواق وأسعار السلع وإيقاع أقصى العقوبات تجاه كل مخل أو متكسب جشع.

وجاء في نص البيان انه quot;تصدياً لدورنا تجاه الأمانة الملقاة على عاتقنا نحو ديننا، ثم وطننا، وأهلنا شعب المملكة العربية السعودية، الذي يستدعي منا التدخل، والمبادرة، بشكل عاجل، وسريع لكل أمر يخص شؤونهم، بما في ذلك معيشتهم، وفق مبدأ لا ضرر ولا ضرار. ولما لاحظناه في الآونة الأخيرة من ارتفاعات متواترة في أسعار بعض السلع الأساسية بشكل لا يمكن أن نقبل به، ما دمنا قادرين على الحد منها، ورغبة منا في تخفيف تكلفة أسعار اللحوم والدواجن ومنتجات الألبان وغيرها على المواطنينquot;.

وجاء الأمر الملكي بالبنود الآتية:
أولاً: زيادة دعم الأعلاف ومدخلاتها بنسبة 50% عما هو معمول به حالياً.
ثانياً: على جميع الجهات المعنية، اتخاذ اللازم بتشديد مراقبتها للأسواق، وأسعار السلع، وإيقاع أقصى العقوبات، تجاه كل مخل، أو متكسب جشع، مع شكرنا في الوقت نفسه كل رجل أعمال أدى الأمانة، واضعاً نصب عينيه الخشية من الله، والرجاء في الثواب، مقدرين له دوره الجاد للحد من استغلال إخوانه المواطنين، وذلك نتيجة تخفيضه لهامش الربح لأعماله، إلا أنه في الوقت نفسه نأسف للبعض منهم، الذين لم يراعوا الله في أهلهم، فغلّبوا متاع الدنيا على متاع الآخرة، متناسين أن الشريعة الإسلامية أمرت بالقسط والعدل، ونهت عن الغش والشح.

ويلاحظ من الامر الاهتمام الكبير بما يحدث حاليًا من لغط شعبي وغضب عارم على التجار من قبل المواطنين، والحملات الشعبية على الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وكذلك اجهزة بلاك بيري وغيرها، الداعية الى مقاطعات كبيرة للتجار الذين يقومون برفع الاسعار في مثل هذه الاوقات من كل عام، في المقابل نجد ان هناك جدلاً كبيرًا حول ارتفاع اسعار الشعير والاعلاف التي تستخدم كغذاء للمواشي، ومن المنطقي والطبيعي ان ينعكس ذلك على اسعار المواد النهائية، وربما يؤثر على مبيعات الشركات.

وجرى أخيرًا ازدياد الجدل حول شركة الالبان quot;المراعيquot; التي قامت برفع اسعار بعض منتجاتها، وعزت الشركة ذلك الامر الى ارتفاع اسعار المواد الاولية، كالاعلاف وبعض المواد الكيميائية المستخدمة في التغليف، مما يؤدي الى ارتفاع تكاليف الانتاج، وبالتالي من الطبيعي ان يتم رفع الاسعار، الا ان المواطن الذي لا يملك معلومات كافية في الاقتصاد والتحليل المالي لا يعرف هذا الامر، وبالتالي يتخذ المسار الاسود في الموضوع مباشرة ويلجأ إلى الغضب والحملات الشعبية.

منهج الحرية الاقتصادية وحرية الاسواق التي ينادي بها الاقتصاد الاسلامي وتعمل به السياسة الاقتصادية في المملكة ينافي هذا الامر، فرفع الاسعار امر طبيعي، وعلى المستهلك الاتجاه الى منتج آخر إن لم يناسبه السعر، وانتهى الامر. اما سياسة اللجوء الى حملات مقاطعة وتشويه سمعة هو امر غير مقبول من وجهة نظر القلة فقط.

ومن المفترض ان يظهر خبراء الاقتصاد على شاشات التلفاز او في الصحف المحلية لتوضيح هذا الامر ومناقشته مع المستهلك ، الا ان احد المتخصصين في الاقتصاد الدكتور. عمر، وهو احد اساتذة الاقتصاد في إحدى جامعات المملكة، يرى أن الامر زاد عن حده، فاصبحت الاسعار ترتفع بشكل كبير، والشماعة هي ارتفاع اسعار المواد الاولية، والسؤال المطروح quot;لماذا لا تقوم بقية الشركات برفع اسعارها، الا اذا كانت لا تستخدم المواد الاولية نفسهاquot;.

العكس تمامًا يراه أحد المحللين الاقتصاديين في حديثه لأحد الصحف المحلية بقوله ان تدخل وزارة التجارة وتثبيت الاسعار او الزام الشركات بتخفيض اسعارها مخالفة شرعية، وهو اسلوب ننظام اشتراكي ومخالف للسياسة الاقتصادية المتبعة في المملكة القائمة على الحرية وسياسة الاقتصاد المفتوح.

ويرى ان المنافسة تحكم، وليس التدخل السعري من قبل الوزارة، إضافة الى ان الحملات الشعبية ليس لها مبرر. المشكلة تكمن في قلة المعرفة الاقتصادية وتدني مستوى الثقافة الشعبية، التي ادت الى تذبذب الاسعار واستغلال التجار لهذا الامر من ناحية، وعدم الاستيعاب لضرورة رفع السعر من ناحية، وكأننا نشاهد قصة الذئب وراعي الغنم.