واشنطن: اظهر التقرير المالي لشركة ابل الذي يغطي الفصل الثاني من العام ان مبيعات اجهزتها سجلت في هذه الفترة ارقاما قياسية بتسويق 9.3 مليون وحدة من كومبيوتر آيباد اللوحي و20.3 مليون وحدة من هواتف آيفون. وبلغت ايراداتها الفصلية 28 مليار دولار بزيادة تربو على 80 في المئة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي ، وارتفعت ارباحها بنسبة 125 في المئة. ولكن ابل ليست الشركة الوحيدة المزدهرة في ظل أزمة عامة يمر بها الاقتصاد الاميركي. فان شركة آي بي أم ايضا فاجأت محللي وول ستريت بقوة أدائها. وحتى شركة اميركان اكسبريس الأوثق ارتباطا بالوضع المالي في الداخل حققت ايرادات وارباحا قوية من مبيعات بلغت 7.5 مليار دولار في الفصل الأخير.

ولاحظ مراقبون اقتصاديون ان هناك هوة بين اداء شركة مثل ابل وعشرات ملايين الاميركيين الذين يعانون مصاعب اقتصادية جمة. وكتب المحلل الاقتصادي زكراي كارابيل في مجلة تايم ان هناك تفسيرا بسيطا ومعقدا لتنامي أرباح الشركات الاميركية. وهو بسيط لأن الشركات تعيش في عالمها الخاص الذي له افضليات يمكن اجمالها في سوق عمل عالمية تتيح للشركات ان تجد فيها ارخص الأيدي العاملة وأكثرها انتاجية ، وتكنولوجيا تستمر في رفع كفاءة عملها وبناء شبكات تجهيز متداخلة ومنتشرة على رقعة واسعة ، ونشوء طبقة وسطى صاعدة في الصين والبرازيل والهند وعشرات البلدان الأخرى ، ورأس مال زهيد الكفلة ، والقدرة على توطين الأرباح في أي بلد يجبي منها أقل الضرائب ، وخارج اوروبا لا تكون الشركات مطالَبة بتوفير العناية الصحية والخدمات التقاعدية لعمالها. فلا غرو والحالة هذه ان تزدهر الشركات في عالم ينمو اقتصاده بصعوبة.

من جهة أخرى تواجه الدول والحكومات تحديات متعددة. فهي مثقلة بتكاليف العلاج الطبي وتوفير التعليم ، ومطالب مختلفة بتوفير شبكات أمان اجتماعية سواء في حالة البطالة أو العوق ، وعليها ان تحفظ امن البلد ، وان تتولى صيانة البنى التحتية ، وإذا لم تفعل ذلك كله فانها تواجه مصاعب حقيقية في استدراج رؤوس الأموال وتحسين اوضاع مواطنيها ، كما في حالة بلدان مثل نيجيريا وباكستان ، بحسب المحلل كارابيل.

وتوقع كارابيل ان تشتد حدة المفارقة بين ازدهار الشركات من جهة وضعف الاقتصاد الاميركي من جهة أخرى. ولكنه يرى ما هو ايجابي في هذا الوضع. فان العديد من الشركات العالمية الكبرى والناجحة ما زالت شركات اميركية وما زالت ترفد الاقتصاد الاميركي بمساهمتها. فان شركة ابل توفر فرص عمل ، من مخازنها الى مكاتب مقراتها ، وكذلك آي بي أم رغم ان مساهمتها الآن أقل بكثير منها في القرن العشرين.

كما ان شركات مثل ابل تزدهر في الولايات المتحدة لأن هناك عشرات الملايين الذين يعيشون وضعا اقتصاديا جيدا ويستطيعون الانفاق رغم مصاعب الاقتصاد الوطني عموما.وفي حين ان تقارير مكتب احصاءات العمل ترسم صورة قاتمة عن معدلات البطالة وركود الأجور فان التقارير الفصلية التي تنشرها شركات مثل ابل تتحدث عن عالم من الأجهزة القوية والجميلة التي ينفق المستهلكون اموالا ضخمة على شرائها.

ولكن المحلل كارابيل يحذر من ان نجاح بعض الشركات يجب ألا يقلل من خطورة التحديات العامة التي تواجه الولايات المتحدة رغم ان صورة المعاناة التي تلم بشرائح واسعة ليست صورة كاملة. وتُعتبر ابل هنا دليل عافية في الاقتصاد المحلي حتى وإن كان نجاحها يسطع في عالم الشركات التي لا تحتل مقعدا في الأمم المتحدة لكنها تؤثر في حياة مليارات البشر تأثيرا يفوق ما يمكن ان تمارسه غالبية دول العالم أو سوف تمارسه في السنوات المقبلة ، بحسب المحلل كاربيل.