يعتبر الاقتصاد الأردني من الاقتصاديات الصغيرة نسبياً في المنطقة، مما يجعله شديد التأثر بالظروف الاقتصادية، والسياسية والاجتماعية والديموغرافية المحلية والإقليمية، والدولية.


عمان: تعرض الأردن لأزمات متتالية ابتداءً من نكبة عام 1948 وحرب عام 1967، وأزمة حرب لبنان في الثمانينات، وبالركود الاقتصادي مطلع الثمانينات، وبنتائج حربي الخليج الأولى والثانية، وانتهاء بالأزمة المالية العالمية مع نهاية عام 2008. وكشف التقرير الأول حول حالة سكان الأردن والذي اعده المجلس الاعلى للسكان بالتعاون مع صندوق الامم المتحدة للسكان ان الفــقر يعتبر من أهم التحديات التي تواجه سكان الأردن، حيث بلغ خط الفقر المطلق (فقر الغذاء وغير الغذاء) 680 ديناراً ما يقارب 958 دولارا للفرد سنوياً في عام 2008 على مستوى المملكة.

أما على مستوى المحافظات، فقد سجلت محافظة العاصمة أعلى خط فقر، حيث بلغ 703 دنانير للفرد في السنة. أما أدنى خط فقرٍ مطلقٍ، فقد سجل في محافظتي المفرق وجرش ليبلغ 656 ديناراً للفرد في السنة. وبناءً عليه، يكون خط الفقر العام للفرد 56.7 ديناراً شهرياً(80 دولارا)، وللأسرة المعيارية البالغ حجمها 5.7 أفراد 323 ديناراً شهرياً. وبلغت نسبة الفقر في الأردن 13.3% لعام 2008. أما على مستوى المحافظات، فقد سجلت محافظة العاصمة أقل نسبة فقر بلغت 8.3%، في حين سجلت نسبة الفقر في محافظة المفرق النسبة الأعلى بين جميع المحافظات، حيث بلغت 31.9%.

وأظهرت المشاركة الاقتصادية للسكان في سوق العمل الأردني زيادة طفيفة، فارتفع معدل المشاركة الاقتصادية المنقح بشكل طفيف، حيث ارتفع من 39.4% في عام 2000 ليصل إلى 40.1% في عام 2009. ويتباين المعدل حسب الجنس تبايناً جوهرياً، حيث يلاحظ ارتفاعه بين الذكور بشكلٍ كبيرٍ مقارنة بقيمته للإناث (64.8% للذكور مقارنة بـ 14.9% للإناث في عام 2009).

وأظهر معدل البطالة تذبذباً بسيطاً خلال الفترة ( 2000-2009) ولكنه انخفض من مستواه في عام 2000 والذي بلغ 13.7% إلى 12.9% في عام 2009 أي بانخفاض مقداره 0.8 نقطةٍ مئويةٍ. وهنالك تباينٍ جوهريٍ في معدلات البطالة بين الذكور والإناث، حيث تتصف المعدلات بالارتفاع الكبير بين الإناث مقارنة بمثيلاتها بين الذكور.

وأظهرت إسقاطات حجم قوة العمل المستقبلية في المملكة أن حجمها سيرتفع من حوالي 1.603 مليون فرد في عام 2009 إلى 2.915 مليون فرد في عام 2030 بزيادة مقدارها حوالي 1.312 مليون فرد تقريبا. وسيرتفع حجم قوة العمل بشكلٍ كبيرٍ في عام 2050، حيث سيبلغ 4.01 ملايين فرد بزيادة مقدارها 2.408 مليون فرد عن حجمها في عام 2009 نتيجة للتغيرات المتوقعة في حجم السكان في الأعمار 15 سنة فأكثر والتغيرات المتوقعة في معدلي النشاط الخام والنشاط الاقتصادي المنقح. وتشير التوقعات المستقبلية لقوة العمل حسب المحافظات إلى أن حجم قوة العمل سيتضاعف بدرجات متفاوتة. وأشارت النتائج إلى أن حجم قوة العمل سيتضاعف بين عامي 2009 و2050 بما مقداره 3.1 مرات في محافظة الطفيلة و2.4 مرة في محافظة العاصمة.

وتضاعف عدد سكان المملكة حوالي عشر مرات منذ منتصف القرن الماضي ليتجاوز في عام 2010 ستة ملايين نسمة، مضيفاً ثلاثة أرباع مليون نسمة منذ التعداد السكاني الخامس لعام 2004. وقد ساهمت الهجرة الوافدة ومستويات الإنجاب المرتفعة مصحوبة بانخفاض مستويات الوفاة في تحقيق هذا النمو السريع في عدد السكان الذي تجاوز معدله السنوي 4% لفترة زمنية طويلة (1952-1994)، ولكنه انخفض إلى 2.4% خلال الفترة الفاصلة بين تعدادي السكان للعامين 1994 و2004 والى 2.2% للعام 2010.

وقال التقرير ان الأوضاع المستقبلية المتوقعة للسكان في الأردن تستدعي العمل على زيادة وتوسيع مصادر الدخل للأسر والأفراد من خلال رفع الحــدّ الأدنى للأجور، وايجاد فرص للعمل في المشاريع والشركات العامة، وفي مؤسسات وشركات القطاع الخاص، وتحفيز الاستثمار المحلي، والعربي، والأجنبي بما يوفر فرص العمل، والدخل المناسب للقوى العاملة المحلية، وتشجيع مشاريع التشغيل الذاتي كأداة هامة في الحدّ من انتشار ظاهرتي الفقر والبطالة خاصة بين النساء.

وأشار الى اهمية مراجعة قوانين الاستثمار للتأكد من اشتراط تشغيل العمال الأردنيين بنسبة لا تقل 60% من إجمالي عمالة المشروع. وكذلك، لا بدّ من إحلال العمالة الأردنية محلّ العمالة الوافدة بطرق علمية سليمة، وضمن خطوات رصينة، تبدأ بإعادة تأهيل العمالة الأردنية، وتدريبها مهنيا، وفنيا، وثقافيا، وتكنولوجيا، ومتابعة التدريب والتطوير، لمواكبة العصر، وتمكينهم من ضمان توفر الميزة لهم عن غيرهم.

وأكد التقرير أهمية تفعيل دور السياستين المالية والنقدية، والعمل على توافقهما وتناسقهما، وأن تكملا بعضهما البعض، إذ أن هاتين السياستين تلعبان دورا فاعلا، ومتناسقا لتحقيق أهداف استئصال الفقــر، والحــد من البطالة بشفافية. ويؤمل على مستوى المشاريع الميكروية والصغيرة، أن تلعب السياسة النقدية دورا واضحا في تنظيم القروض الميكروية والصغيرة، وكذلك في توجيه، وادارة المؤسسات المالية، والبنكية نحو تنمية المشروعات الصناعية بكافة احجامها، حتى لا يبقى دورها محصوراً في حماية سعر صرف الدينار، بعيداً عن السياسات التحفيزية للاستثمار، وبالتالي يهمش دورها وقدرتها في تفعيل برامج التنمية المختلفة، وبرامج الريادة في المناطق الصناعية، والمناطق التنموية، والمجتمعات المحلية التي تعاني من النمو غير المتوازن، ومن التحديات التنموية بشكل واضح.

وتعتبر تحويلات العاملين الأردنيين في الخارج المرتكز الأساس في دعم ميزان المدفوعات، حيث أن لها فوائد جمــّة للاقتصاد الوطني، إذ لا تتضمن التحويلات أية تكاليف، أو التزامات مالية يقتضى دفعها، وبالتالي فتشجيع الأردنيين على العمل في الخارج، ومنحهم كافة التسهيلات، والدعم، يعد اساسا وأولوية من أولويات التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ليس للمهاجرين للعمل فحسب، بل لذويهم، وللمجتمع، وللاقتصاد ككل. ولذلك نوصي بإنشاء وحدة معنية بهم ترعى مصالحهم وشؤونهم.

وفي المقابل، لا بــدّ للحكومة من أن تعمل على إحلال العمالة المحلية، مقابل جزء من العمالة الوافدة في الحالات التي يمكن لعملية الإحلال أن تنجح؛ وذلك من خلال تحسين بيئة العمل، وجودة الوظائف، وانصاف المواطن في العمل؛ خاصة فيما يتعلق بعدد ساعاته، وحصوله على مكتسباته التي يمنحها القانون له.

وتمركزت الاستثمارات في قطاعات الخدمات نتيجة لعدم توفر خرائط استثمارية واضحة قابلة للتطبيق، ونتيجة لنقص المعلومات. وللخروج من هذه المشكلات، ينبغي تشجيع وتحفيز الاستثمار في القطاعات الصناعية، والزراعية، وخاصة من قبل المستثمر الأجنبي، بغية تعزيز القاعدة الانتاجية للقطاعات السلعية للاقتصاد الأردني.