تبدأ الحكومة الأردنية خلال الأيام القليلة المقبلة إجراء حوار شامل في ما يخصّ الواقع الاقتصادي والمسارات التنموية، من دون إقصاء أحد أو تحفظ مسبق، وذلك لبحث الظروف الاقتصادية التي تمر بها المملكة، وكيفية التعامل معها، بما يضمن حماية المواطنين من ذوي الدخل المحدود، وخصوصًا الطبقتين الوسطى والفقيرة، من تداعياتها.


رئيس الحكومة الأردنية الجديدمعروف البخيت

عمّان: أكد رئيس الحكومة الأردنية الجديدمعروف البخيت أن السياسات الاقتصادية السابقة، وحتى القائمة، إنما استندت إلى قراءات متباينة، وخضعت لظروفها ولخلفيات راسميها. وهي بمجملها ليست قدرًا لا مفر منه؛ وإنما اجتهادات ورؤى ومحاولات حثيثة، بعضها أصاب وبعضها أخفق.

ويرى البخيت أن الاقتصاد الأردني بمؤسساته بني منذ عقود ليلاءم خصوصية الأردن، وطبيعته ومصالح أبنائه التنموية، على قاعدة من التنوع واعتبارات المواءمة بين الفعالية الاقتصادية التي توفرها المنافسة وبين متطلبات العدالة الاجتماعية.

وقال إن مراجعة الأداء وتقويم مواقع الخطأ أو الاختلالات، مهما كانت أسبابها أو سياقاتها، هي مسؤولية جماعية، تتأسس على الحوار وتقوم على التوافق.

إلى ذلك، يرى محللون أن من أبرز التحديات التي تواجه الحكومة هي مواصلة العمل على تحقيق غايات وأهداف البرامج الاقتصادية، وتحفيز زيادة إنتاجية وكفاءة الاقتصاد الوطني، مع إيلاء الاهتمام اللازم لتنمية المحافظات، والنهوض بقطاعات الإنتاج التقليدية، ودعم الزراعة والمزارعين وتأمين الرعاية والحماية اللازمتين لهذا القطاع الإستراتيجي والحيوي، وتكريس مكانته على صعيد الحياة الاقتصادية، للقيام بدوره المطلوب في مكافحة الفقر وتوفير فرص العمل للعائلات، مع ضمان التطوير وتحديث أدوات الإنتاج والتسويق.

كما إن تعزيز العلاقة والشراكة مع القطاع الخاص وهيئاته المتنوعة تعتبر هدفًا مهمًا؛ يتطلب دعم هذا القطاع وزيادة إنتاجيته وضمان نموه، ليأخذ دوره المتقدم والمطلوب في خدمة المجتمع والاقتصاد الوطني. ومن التحديات التي اعترف بها رئيس الحكومة تحقيق العدالة الاجتماعية مع فعالية اقتصادية أكبر ودراسة الحكومة إمكانيات استعادة أو تفعيل مؤسسات تُعنى بمنع الاحتكار وتكافح الغش والتدليس والتلاعب بالتسعيرة والأسعار.

ولفت إلى أنه مطلوب من الحكومة كذلك تعزيز الجهود المبذولة لتشجيع الاستثمار النوعي في المملكة؛ وتوجيهه من خلال الحوافز والسياسات اللازمة، نحو المحافظات تبعًا لخصائصها ومزاياها لتوفير فرص عمل دائمة وتوطين التكنولوجيا العلمية الحديثة.

من جهته، أوضح خبير الشؤون الاقتصادية الدكتور فهد الفانك أنه quot;بالرغم من نجاح عملية الإصلاح الاقتصادي في الأردن، التي انطلقت في عام 1989، حيث تم تجاوز أزمة المديونية، واستئناف النمو الاقتصادي، واستقرار سعر صرف الدينار، وارتفاع نشاط التصدير، وما إلى ذلك من المؤشرات الإيجابية، بقيت تحديات اقتصادية متعددة، لم تستطع عملية الإصلاح الاقتصادي التغلب عليها، وما زالت بحاجة إلى المزيد من العمل الجاد، قبل أن نقول إن الإصلاح الاقتصادي في الأردن قد استكملquot;.

ويذكر الفانك من هذه التحديات خمسة، هي أولاً: الفقر الذي ما زال يلف ثلاثة أرباع مليون من الأردنيين، يشكلون 14 % من السكان. ثانياً: البطالة التي ما زال يعانيها أكثر من 180 ألف باحث عن العمل، يشكلون بين 13 إلى 15 % من القوى العاملة. ثالثاً: المديونية الخارجية التي ما زالت تراوح مكانها في حدود 7.2 مليار دولار، تشكل حوالي 50 % من الناتج المحلي الإجمالي.

يأتي رابعاً استمرار العجز في الموازنة العامة، بل زيادته خلال السنتين الأخيرتين، ليتراوح حول 4 % من الناتج المحلي الإجمالي. خامساً وأخيراً، استمرار الاعتماد على المنح الخارجية غير المؤكدة، والتي تشكل حوالي 5 % من الناتج المحلي الإجمالي، أو 13 % من حجم الموازنة. ويؤكد أن هذه تحديات حقيقية لا يجوز الاستهانة بها، ولكن عملية الإصلاح الاقتصادي التي جرى تنفيذها خلال عقد ونصف من السنوات ليست مسؤولة عنها.

الخبير الاقتصادي الدكتور جواد العناني حدد أهم التحديات التي يواجهها الاقتصاد الأردني، وتتمثل في التوسع في فرص الاستثمار وخلق فرص العمل. وطرح مجموعة من البدائل والسياسات التي يمكن أن تساهم في معالجة الأزمة الاقتصادية في الأردن، خاصة في ما يتعلق بتشجيع الاستثمار.

في هذا الإطار، أكد العناني على ضرورة التركيز على المناخ الاستثماري في الأردن وإعطائه الأولوية القصوى في التخطيط، وعلى ضرورة مراجعة آليات الاستثمار المعمول بها، قائلاً quot;إننا لا نستطيع تحقيق أي توازن في الاقتصاد من دون توسيع الاستثمار. وعليه، فينبغي أولاً دراسة فرص الاستثمار الخلاقة، مشيرًا إلى أهمية إجراء رفع على سعر صرف الدينار مقابل الدولار، وذلك لكسب ثقة المواطن بالدينار الأردني، وبالتالي حفز الثقة بالاستثمارquot;.