موجة جديدة من الركود الإقتصادي العالمي تلوحبالأفق

في وقت تسود فيه مخاوف من إحتمالية أن يتعرض الاقتصاد العالمي لموجة ركود أخرى، بدأت تتصاعد أخطار حدوث حريق إقتصادي في أوروبا، وتقف إيطاليا، التي تعصف بها معدلات النمو البطيء والدين العام المرتفع، على الخطوط الأمامية لتلك الأزمة.


القاهرة: أكدت اليوم مجلة quot;فورين بوليسيquot; الأميركية أنه في حال وجدت روما نفسها لم تعد قادرة على تمويل ديونها، فقد تشهد أوروبا أزمة مصرفية كبرى، قد تضع على الأرجح نهاية العملة الأوروبية الموحدة quot;اليوروquot; كما نعلمه الآن.

ورأت المجلة في هذا الشأن أن المشكلة تكمن في أنه قد يكون من الصعب بمكان توفير السبل اللازمة لإنقاذ إيطاليا، التي سبق لها أن واجهت أسعار فائدة تزيد عن 6% إلى أن تدخل البنك المركزي الأوروبي، وإن تم الاعتبار بالنموذجين اليوناني والأيرلندي، فإنها قد تجد نفسها خارج تقويمات أسواق الدين الدولية في غضون أشهر قليلة.

وحذرت المجلة من أنه في حال خضوع إيطاليا وفقدانها قدرتها على المواجهة، فقد تسير إسبانيا على النهج عينه تقريباً. وربما يأتي الدور على فرنسا، الذي يعتبر قطاعها الاقتصادي تحديداً معرضاً لأسبانيا وإيطاليا، وهو ما دفع بالرئيس الفرنسي، نيكولاس ساركوزي، إلى عقد اجتماع وزاري طارئ يوم الأربعاء الماضي.

ولسوء الحظ، لن تجدي أي محاولات لترقيع هيئة الاستقرار المالي الأوروبي (EFSF) وشروط الإنقاذ الخاص بها في دعم إيطاليا، التي قدرت احتياجاتها المالية خلال السنوات الثلاث المقبلة بأكثر من ضعف حجم قدرة الإقراض للصندوق الحالي.

ولفتت فورين بوليسي في تلك الجزئية إلى أن تكلفة إنقاذ إيطاليا وإسبانيا ربما تقدر بـ 1.4 تريليون دولار و700 مليار دولار، على الترتيب، وهو ما قد يرقى إلى نحو 25 % من الناتج المحلي الإجمالي للقوام الرئيس لمنطقة اليورو.

ومضت المجلة تقول إن هذا المبلغ لا يمكن تصوره من الناحية السياسية فحسب، بل إنه سيقوّض أيضاً قدرة تحمل الديون للقوام الرئيس لمنطقة اليورو. كما لم تشجع خطة الإنقاذ الفاشلة لليونان الساسة وصناع القرار على المضي قدماً بهذا الطريق أيضاً.

وأوضحت المجلة أن إيطاليا سيتعين عليها المباشرة بسرعة في إجراء الإصلاحات التي تملصت منها على مدار عقود. وستحقق وستحافظ على ميزانية متوازنة بدءًا من العام 2013 بموجب حكم منصوص عليه حديثاً في دستورها.

لكن مثل هذا التعديل الدستوري يتطلب موافقة واضحة من مجلسي البرلمان الإيطالي، وهو ما سيستغرق أشهرًا عدة. وإن تحقق ذلك، فيحتمل أن تصل حينها إيطاليا إلى نسبة يمكن التعامل معها بشأن الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي تقدر بحوالي 85 % في غضون 10 سنوات.

في الوقت نفسه، ستسمح إصلاحات سوق العمل لنمو الإنتاجية بزيادة الأجور بنسبة 1.5% كل عام، وهي النسبة التي تقترب من النسبة اللازمة لإلغاء فقدان إيطاليا للتنافسية منذ أن تم طرح اليورو عام 1999. مع هذا، قد تنظر الأسواق إلى تلك الإجراءات باعتبارها قليلة ومتأخرة للغاية.

ونتيجة لذلك، سوف تطلب الأسواق من إيطاليا استمرار دفع أسعار فائدة مرتفعة جداً. ولفتت المجلة في ختام حديثها إلى ثلاثة خيارات يمكن الاستعانة بها في إنقاذ إيطاليا، أولها تحويل ديونها لأموال نقدية، وهو ما سيدفع المركزي الأوروبي لشراء الدين الإيطالي بكميات غير محدودة.

والخيار الثاني، وفقاً للمجلة، هو تأسيس اتحاد نقدي، تقوم فيه حكومات الدول الأعضاء في منطقة اليورو بتمويل أنفسها عبر سندات يورو يتم إصدارها وضمانها بشكل مشترك. أما الخيار الثالث والأخير فهو المتعلق باستدعاء ما وصفته المجلة بـ quot;سلاح الفرسانquot; في إشارة إلى مجموعة العشرين كلها وكذلك صندوق النقد الدولي.

حيث ستتحمل كل هذه الأطراف تكلفة خطة إنقاذ إيطاليا، وهي الأطراف التي من مصلحتها جميعاً درء الانعكاسات العالمية الهائلة للخطر المتعلق باحتمالية تعثر إيطاليا.