شهد شهر أغسطس عودة أزمة الديون السيادية الأميركية إلى صدارة المشهد الاقتصادي العالمي، وسط تجدد المخاوف من اشتداد وطأة الأزمة المالية العالمية مجدداً، وذلك بعدما خفضت وكالة quot;ستاندرد آند بورزquot; للتصنيف الائتماني للولايات المتحدة الأميركية من AAA إلى AA+ للمرة الأولى في تاريخها، الأمر الذي أشاع جواً من التشاؤم بين الأوساط الاستثمارية، في ظل تخوفات من أن تؤثر هذه الأزمة على الاقتصاد العالمي بشكل عام، وهو ما ترك وراءه تبعات سلبية واضحة على أداء أسواق المال العالمية، بما فيها أسواق دول مجلس التعاون الخليجي.


الاقتصادات الخليجية المرتبطة بالدولار من المحتمل أن تواجه وضعاً حرجاً

عواصم: أصدرت وكالة التقويم الائتماني quot;موديزquot; تقريراً قالت فيه أن الاقتصادات الخليجية المرتبطة بالدولار، والتي تعتمد ميزانياتها على معدلات أسعار نفط مرتفعة نسبياً، من المحتمل أن تواجه وضعاً حرجاً نتيجة للأوضاع الاقتصادية التي يشهدها العالم في الوقت الراهن.

من جهة أخرى، لعبت العوامل الداخلية دوراً في التأثير أيضاً على اتجاهات أسواق الأسهم الخليجية في الشهر الماضي، وخاصة الأخبار والتصريحات الحكومية المتعلقة بالشأن الاقتصادي، إضافة إلى أخبار الشركات المدرجة، والتي كان أبرزها النتائج المالية لفترة النصف الأول. هذا وبالرغم من ارتفاع نشاط التداول في معظم الأسواق، إلا أن مجموع كل من أحجام وقيم التداول للأسواق ككل سجل تراجعاً بنهاية الشهر. ونتيجة لذلك شهدت أسواق الأسهم الخليجية خلال الشهر الماضي موجة بيع شملت العديد من الأسهم المدرجة، لتقود مؤشراتها إلى تسجيل خسائر جماعية بنهاية الشهر.

السوق السعودية الأكثر تراجعًا
على صعيد الأداء الشهري، كانت السوق المالية السعودية هي الأكثر تراجعاً، حيث شهدت ضغوطاً بيعية بشكل قوي وواضح، نتيجة تأثر المتداولين بانخفاض معدلات أسعار النفط خلال معظم فترات الشهر، وقد شملت عمليات البيع العديد من الأسهم القيادية والصغيرة، ولاسيما أسهم قطاع البتروكيماويات القيادي، إضافة إلى بعض أسهم قطاع التأمين الذي تأثر بدوره بعمليات المضاربة التي كانت حاضرة في بعض الفترات.

أما المرتبة الثانية، فشغلتها سوق الكويت للأوراق المالية، التي تأثرت بشكل واضح بالضغوط البيعية التي تركزت على أسهم قطاع البنوك، مما أثر بشكل لافت على مؤشري السوق، ولاسيما المؤشر السعري الذي تراجع دون مستوى الـ6،000 نقطة النفسي، بل ووصل إلى أدنى مستوياته منذ عام 2004.

وقد ظهرت عمليات البيع في ظل حالة عامة من التشاؤم تنتاب بعض المتداولين، إضافة إلى عزوف البعض الآخر عن التعامل في السوق، وهو الأمر الذي أدى إلى تراجع مستويات التداول خلال العديد من الجلسات اليومية بشكل ملحوظ، وخاصة قيمة التداول التي وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2002.

أخبار اقتصادية مهمة في الكويت
هذا ولم يخلُ أغسطس/آب من أخبار اقتصادية مهمة في الكويت، إذ صرّح أمير البلاد أن الاقتصاد الوطني يعاني من اختلالات عدة، منها الإفراط في زيادة الإنفاق غير المنتج، وسوء استغلال الفوائض المالية، ومظاهر الهدر الاستهلاكي غير المسئول، وبناءً على ذلك، فقد أطلق الأمير دعوة إلى الاعتماد على حزمة من الإجراءات للمساهمة في عملية الإصلاح، حيث شكل لجنة استشارية لبحث التطورات الاقتصادية العالمية والمحلية، والتي بدورها ستضع حلولاً وتوصيات تساهم في عملية الإصلاح الاقتصادي في البلاد.

البحرين... ثالثًا
أما المرتبة الثالثة، فقد شغلتها بورصة البحرين، وقد صدر خلال الشهر الماضي تقرير مجلس التنمية الاقتصادية في البحرين، والذي توقع أن يتراجع نمو الناتج المحلي للمملكة خلال العام الجاري ليبلغ 1.6% بدلاً من 5.7%، وهو الأمر الذي ألقى بتأثيرات سلبية على بورصة البحرين، والتي شهدت اندفاع العديد من المتداولين، بما فيهم المستثمرين الأجانب، نحو عمليات البيع المكثفة، والتي تركزت على الأسهم القيادية والثقيلة في السوق، خاصة في قطاعي البنوك والاستثمار.

جني الأرباح يقود مؤشري الإمارات إلى منطقة حمراء
أما سوقا الإمارات، فبالرغم من القوى الشرائية التي شهداها في أحيان كثيرة من شهر أغسطس، والتي شارك فيها المستثمرون الأجانب، إلا أن عمليات جني الأرباح كانت حاضرة بقوة وتمكنت بدورها من دفع مؤشري السوقين إلى المنطقة الحمراء. وقد تركزت تلك العمليات على الأسهم القيادية في السوقين، وخصوصاً أسهم القطاع العقاري، كما وتأثر السوقين بعمليات المضاربة التي كانت حاضرة أيضاً خلال العديد من الجلسات، والتي ساهمت في ظهور بعض التذبذبات الخفيفة لمؤشري السوقين.

ومع نهاية شهر أغسطس شغلت سوق دبي المالي المرتبة الرابعة بين ترتيب أسواق الأسهم الخليجية لجهة حجم التراجع، في حين كانت سوق أبوظبي للأوراق المالية الأقل تسجيلاً للخسائر.

هذا وقد حلت سوق مسقط للأوراق المالية في المرتبة الخامسة، حيث تراجع مؤشرها بشكل طفيف، بالرغم من ارتفاع مؤشرات التداول بشكل واضح، حيث تأثر سلباً بعمليات البيع التي تركزت على بعض الأسهم القيادية التي كانت قد حققت ارتفاعاً في السابق، وذلك رغم إفادة أحد مسؤولي البنك المركزي العُماني أن اقتصاد السلطنة من المنتظر أن يشهد نمواً نسبته 5% خلال العام الجاري، نتيجة ارتفاع إنتاج النفط هذا العام ونمو الناتج المحلي غير النفطي، إلا أن السوق تعرض لعمليات جني أرباح دفعته إلى منطقة الخسائر.

أما بورصة قطر، فقد شغلت المرتبة السادسة لجهة التراجع، حيث شهدت عمليات بيعية على الرغم من التعزيزات الإيجابية التي تلقتها بعد توجيهات أمير دولة قطر بالالتزام بالجدول الزمني لتنفيذ خطط التطوير الاقتصادي في الدولة. هذا إضافة إلى التقرير الذي أصدره quot;QNB Capitalquot;، والذي أكد فيه أن الاقتصاد القطري حقق نمواً مركباً خلال الفترة بين عامي 2006 و2010 بنسبة بلغت 15.7%، متوقعاً بأن يزيد هذا النمو ليصل إلى 21% خلال العام الجاري. هذا وقد شهدت البورصة عمليات بيع كثيفة شارك فيها المستثمرون الأجانب بقوة، مما أجبر مؤشرها على الإغلاق في المنطقة الحمراء بنهاية الشهر.

المؤشرات الرئيسة
أنهت كل أسواق الأسهم الخليجية تداولات شهر أغسطس الماضي مسجلة خسائر متفاوتة لمؤشراتها الرئيسة، إذ تصدرتها السوق المالية السعودية التي تراجع مؤشرها بنهاية الشهر بنسبة بلغت 6.46%، وذلك بعدما أغلق عند مستوى 5.979.30 نقطة. تبعها في المرتبة الثانية سوق الكويت للأوراق المالية، والتي أغلق مؤشرها عند مستوى 5.791.3 نقطة منخفضاً بنسبة 3.97%.

فيما جاءت بورصة البحرين في المرتبة الثالثة بعدما سجل مؤشرها خسارة شهرية نسبتها 2.59% مقفلاً عند مستوى 1,258.25 نقطة. أما المرتبة الرابعة فشغلها سوق دبي المالي، حيث انخفض مؤشره مع نهاية الشهر بنسبة بلغت 1.66% منهياً تداولاته عند مستوى 1.492.44 نقطة.

في حين شغلت سوق مسقط للأوراق المالية المرتبة الخامسة بعدما تراجع مؤشرها بنسبة 0.70% مغلقاً عند مستوى 5.767.35 نقطة. وجاءت بورصة قطر في المرتبة السادسة بعدما أغلق مؤشرها مع نهاية أغسطس عند مستوى 8.351.77 نقطة، مسجلاً خسارة شهرية بلغت 0.61%. سوق أبوظبي للأوراق المالية بدورها، كانت أقل الأسواق تسجيلاً للخسائر، وذلك بعدما تراجع مؤشرها إلى مستوى 2.616.02 نقطة مسجلاً خسارة طفيفة نسبتها 0.14%.

على صعيد الأداء منذ بداية العام، فلم يتمكن أي من أسواق الأسهم الخليجية من تحقيق أي مكاسب سنوية بنهاية شهر أغسطس، وكانت سوق الكويت للأوراق المالية الأكثر تسجيلاً للخسائر، إذ وصلت نسبة تراجع مؤشره منذ بداية العام إلى 16.74%. فيما شغلت سوق مسقط للأوراق المالية المرتبة الثانية بنسبة انخفاض بلغت 14.62%. أما المرتبة الثالثة، فشغلتها بورصة البحرين، والتي نقص مؤشرها منذ بداية العام الجاري بنسبة 12.15%.

في حين شغلت السوق المالية السعودية المركز الرابع بنسبة تراجع بلغت 9.69%، فيما شغلت سوق دبي المالية المركز الخامس بتراجع نسبته 8.47 %، فيما كانت المرتبة السادسة من نصيب نظيره سوق أبوظبي للأوراق المالية، التي تراجع مؤشره دون مستوى عام 2010 بنسبة 3.82 %. هذا وكان مؤشر بورصة قطر هو الأقل خسارة على المستوى السنوي، حيث أقفل مع نهاية الشهر مسجلاً تراجعاً بنسبة 3.80%.

مؤشرات التداول لشهر أغسطس 2011
بالرغم من ارتفاع مؤشرات التداول في معظم الأسواق، إلا أن مجموع كل من أحجام وقيم التداول سجل تراجعاً بنهاية الشهر، حيث نقص عدد الأسهم المتداولة لكل الأسواق بنسبة بلغت 4.65%، بعدما بلغ 6.70 مليار سهم مقابل 7.03 مليار سهم في يوليو/تموز، كما وانخفض مجموع قيم التداول بنسبة 14.48%، بعدما وصل إلى 17.80 مليار دولار أميركي في أغسطس، مقابل 20.81 مليار دولار أميركي في يوليو.

على صعيد الكمية المتداولة، نما حجم التداول في أربع من أسواق الأسهم الخليجية، بينما تراجع في الأسواق الثلاث الباقية. وتصدرت سوق مسقط للأوراق المالية الأسواق التي حققت ارتفاعاً، وذلك بعدما سجل عدد الأسهم المتداولة فيها نمواً نسبته 73.25%. فيما جاءت بورصة قطر في المرتبة الثانية، إذ زاد عدد الأسهم المتداولة فيها بنسبة بلغت 70.42%.

فيما شغلت بورصة البحرين المرتبة الثالثة بعدما نما حجم تداولاتها خلال الشهر بنسبة 41.37%. أما أقل الأسواق ارتفاعاً من حيث حجم التداول خلال شهر أغسطس، فكانت سوق دبي المالية، حيث نما عدد الأسهم المتداولة فيها بنسبة بلغت 9.35%، وذلك بالمقارنة مع شهر يوليو الماضي.
من ناحية أخرى، تصدرت السوق المالية السعودية الأسواق التي سجلت تراجعاً، إذ نقص حجم التداول فيها بنسبة 13.52%. وتلاها في المرتبة الثانية سوق الكويت للأوراق المالية بنسبة تراجع بلغت 10.75%. في حين كانت أقل الأسواق انخفاضاً سوق أبوظبي للأوراق المالية، والتي سجل عدد الأسهم المتداولة فيها خلال شهر أغسطس تراجعاً بلغت نسبته 5.32%. هذا وكان أكبر حجم تداول بين أسواق الأسهم الخليجية في الشهر الماضي من نصيب السوق المالية السعودية، والذي بلغ 2.23 مليار سهم، في حين جاءت سوق الكويت للأوراق المالية ثانياً بحجم تداول بلغ 1.59 مليار سهم.

أما على صعيد قيمة التداول، فقد نمت في خمس أسواق، وتراجعت في سوقين فقط، وكان سوق مسقط للأوراق المالية هي الأكثر ارتفاعاً، حيث زادت قيمة تداولاتها بنسبة بلغت 80.26%. فيما جاءت بورصة قطر في المرتبة الثانية، إذ ارتفعت قيمة التداول فيها في الشهر الماضي بنسبة 75.89 %.

في حين شغلت سوق دبي المالية المرتبة الثالثة بنسبة نمو بلغت 21.62%. فيما شغلت نظيرتها سوق أبوظبي للأوراق المالية المرتبة الرابعة، إذ سجلت قيمة تداولاتها في الشهر الماضي نمواً نسبته 10.37%. أما بورصة البحرين، فكانت الأقل ارتفاعاً لجهة قيمة التداول بين أسواق الأسهم الخليجية في الشهر الماضي، حيث ارتفعت قيمة تداولاتها بنسبة 1.25%.

من ناحية أخرى، بلغت نسبة تراجع قيمة التداول في السوق المالية السعودية 21.27%، فيما سجلت قيمة التداول في سوق الكويت للأوراق المالية تراجعاً نسبته 11.32%. هذا وكانت أكبر قيمة تداول بين أسواق الأسهم الخليجية خلال الشهر الماضي من نصيب السوق المالية السعودية، والتي بلغت 13.98 مليار دولار أميركي، فيما حلت بورصة قطر ثانياً بقيمة تداول بلغت 1.55 مليار دولار أميركي.