بعد عام صعب جدا عقب الثورة نتيجة الإعتصامات والإحتجاجات و قطع الطرق وغلق المؤسسات ما رفع عدد العاطلين عن العمل ليتجاوز 800 ألف وخفّض في نسبة النمو العام إلى ما دون الصفر، بدأت في الفترة الأخيرة بشائر الأمل تطفو من جديد من خلال عودة الإستثمارات الأجنبية إلى تونس.


تونس: تلعب كل من قطر و تركيا و ليبيا والولايات المتحدة الأميركية والإتحاد الأوروبي واليابان وفرنسا أدوارا هامة في دفع نسق الإستثمار في تونس من خلال عديد الإتفاقيات والمشاريع التي سترى النور قريبا . وخلال 2011 تأثرت الإستثمارات الأجنبية حيث تدنت بنسبة 35.5% حيث أكدت وكالة النهوض في الإستثمار الخارجي أن تونس استقطبت ما قيمته 990 مليون دولار خلال 2011 مقابل 1.535 مليار دولار سنة 2010 منها 937 مليون دولار في شكل استثمارات أجنبية مباشرة و49.03 مليون دولار استثمارات في صورة quot;محفظة ماليةquot;.

وقد توزعت هذه الإستثمارات على عديد القطاعات منها قطاع الطاقة باستثمارات بلغت 620.68 مليون دولار ثم الصناعات المعملية 204.62 ملايين دولار ومن جهة ثانية شهدت الاستثمارات الأجنبية تراجعا واضحا في قطاع السياحة عام 2011 بنسبة 87.5% . تعتبر فرنسا الشريك الإقتصادي الأول لتونس وتبقى فرنسا الحريف الأول لتونس حيث استقبلت 30% من الصادرات التونسية خلال عام 2011 وهي المزود الأول لتونس حيث 18% من الواردات التونسية مصدرها فرنسا وهي إلى جانب ذلك المستثمر الأول في تونس.

وخلال السنة الماضية 2011 وعلى الرغم من مغادرة 57 مؤسسة فرنسية البلاد نتيجة الإعتصامات، الإستثمارات الفرنسية شهدت تطورا واضحا حيث ارتفع عدد المؤسسات الإقتصادية الفرنسية في بلادنا من 1200 مؤسسة سنة 2010 إلى 1270 مؤسسة خلال 2011 وهو ما ساهم في إحداث 115 ألف موطن شغل تقريبا وتبلغ استثماراتها 169 مليون دينار .

ايطاليا من ناحيتها وهي الشريك الثاني لتونس ضمن بلدان الإتحاد الأوروبي واصلت استثماراتها في تونس خلال 2011 وركزت 85 مشروعا بتكاليف بلغت 64.2 مليون دينار وفرت 56 ألف فرصة عمل. الدول المغاربية هي الأخرى ساهمت في الإستثمارات التونسية خلال 2011 من خلال تركيز 19 مؤسسة تشغيلية بتكاليف بلغت نحو 129.4 مليون دينار.

خلال زيارته الأخيرة إلى تونس ببادرة من كنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية ومنظمة الاعراف التركية وسفارة تركيا في تونس ضمن وفد يضم أكثر من 150 رجل أعمال وأصحاب مؤسسات أكد وزير الإقتصاد التركي ظافر كاغيان أنّ لتركيا إرادة كبيرة في تقديم المساعدة لتونس وفتح آفاق جديدة للتعاون الذي يصل حدّ الشراكة بين البلدين وقد تم إمضاء مذكرة تفاهم في إطار التعاون في مجال المناطق الحرة إلى جانب التوقيع على قرار يتعلق بتعديل قائمة المواد الفلاحية التي تتمتع بامتيازات. وأضاف تشاغيان أنّ تركيا مستعدّة لمنح تونس قرضا بحوالى 500 مليون دولار متى يطلب منها ذلك على أن يسترجع بعد عشر سنوات وبفوائد منخفضة.

وأشار كاغليان إلى أنّ حجم المبادلات التجارية بين تركيا و تونس ضعيف جدا و لا يتعدى 1.1 مليار دولار, ويمكن لتونس الإستفادة من الإنجازات التي حققها الإقتصاد التركي وأن الوقت موات لتحقيق تعاون مثمر بين البلدين حتى يرتفع حجم التجارة التونسية ويتخطى مبلغ 45 مليار دولار الذي يحتله حاليا بينما يصل حجم التجارة التركية إلى 375 مليار دولار.

دولة قطر و خلال زيارة أميرها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني تم توقيع جملة من اتفاقيات التعاون و مذكرات التفاهم ومنها اتفاقية استثمار في سندات على الخزينة التونسية واتفاقيات لإنجاز مشروع تهيئة محطة الأرتال بسوسة و مشروع سبخة بن غياضة في المهدية والتعاون في مجال تكرير النفط وبرامج شبكة الغاز الطبيعي للمدن و لاستكشاف آفاق استثمارية في مجال حماية البيئة ودعم جهود مكافحة التلوث ومجالات التكوين المهني.

الإستثمارات الخارجية شهدت مساهمة اليابان بتمويل انجاز مشروعين بتكاليف بلغت 356 مليون دينار منها 254 مليون دينار لتمويل تعبيد الطريق السريعة قابس ndash; مدنين و 102 مليون دينار لإعادة تأهيل شبكة الماء الصالح للشرب في المراكز الحضرية في ولايات القصرين و الكاف وجندوبة وسيدي بوزيد ويستفيد منه 2.2 مليون مواطن ، وهذا القرض الياباني بشروط ميسرة وبنسبة فائدة تبلغ 0.95%.

من جهة ثانية, أعلنت سفيرة هولندا في تونس كارولين ويدجرز عن برنامج هولندي لتسيير و تطوير مشاريع الشراكة و انجاز الإستثمارات الثنائية بشراكة جديدة بين المؤسسات في البلدين وتم رصد اعتمادات قيمتها 250 ألف يورو وقد تصل إلى 1.5 مليون يورو لمساعدة مؤسسات القطاع الخاص. المستثمرون القطريون بدأوا فعلا في تركيز مشاريعهم في تونس ومنها مشروع سياحي كبير في ولاية توزر حیث أعلن المدیر الإقلیمي لشركة الدیار القطریة ولید كلداري quot;أنّ الشركة عاقدة العزم على تنفیذ مشروع منتجع توزر الصحراوي في الجنوب التونسي.

وسينطلق قريبا في أعمال البناء لمنتجع توزر الذي یعتبر ثمرة التعاون الاستراتیجي بین قطر وتونس، وهذا المشروع یمسح 40 ھكتارا، وسيتم الإهتمام بالخصوصیات المعماریة لجھة توزر، والمشروع يضمّ شققا وأجنحة فاخرة ومطاعم ومحال تجاریة وغیرھا من المكونات الأخرىquot;. وسيكون هذا المشروع الذي تبلغ تكاليفه 80 ملیون دولار وجھة للسیاح العرب والخلیجیین والأوروبیین و سیوفر عددًا كبیرًا من فرص العمل في العدید من الإختصاصات.

الخبير الإقتصادي د. محمد الفريوي يتحدث في إفادته لـquot;إيلافquot; عن تدنّي الإستثمارات الأجنبية خلال 2011 :quot; لقد شهدت الإستثمارات الأجنبية خلال العام الماضي تقلصا كبيرا وذلك يعود إلى الوضع الصعب الذي عاشته بلادنا بعد ثروة 14كانون الثانيحيث كثرت الإعتصامات والإحتجاجات وقطع الطرق ومنع العمال من الوصول إلى مؤسساتهم و بالتالي العمل و هذا ما ساهم في مغادرة عدد كبير من المؤسسات الإقتصادية الأجنبية وهو ما ضاعف في عدد العاطلين عن العمل ، ومن الطبيعي أن يشهد الإستثمار الأجنبي انخفاضا في الفترة الأخيرة فإذا كان المستثمر المحلي يطلب الإستقرار والأمن والبنية التحتية الجيدة التي تعينه على الإستثمار وقانون يحمي ملكيته ورؤيا واضحة بالنسبة إلى البرامج المستقبلية للسلطة فإن المستثمر الأجنبي فهو يطلب الحوكمة الرشيدة إلى جانب اليد العاملة ذات الكفاءةquot;.

ويضيف د. الفريوي حول الوضعية الحالية والرؤية المستقبلية للإقتصاد التونسي: quot; في الأيام الأخيرة شهدت الإستثمارات الأجنبية بعض الإنتعاشة من خلال عديد المحاولات والتحركات والتفاهمات و الإتفاقيات التي أبرمت مع قطر و تركيا و اليابان وغيرها من وعود الإتحاد الأوروبي و الولايات المتحدة الأميركية وغيرها من الدول لمساعدة تونس حتى ينهض اقتصادها من جديد ليكون أكثر قوة وسيكون الوضع أحسن إذا شهدت البلاد استقرارا اجتماعيا وأمنيا في الفترة الأخيرة لأنه سيشجع المستثمرين على الإنتصاب بمشاريع جديدة وهو ما سيساعد على توفير مواطن شغل وسيقلص بالضرورة من عدد العاطلين عن العملquot;.