كاراكاس:في فنزويلا ليس هناك فارق إذا كانت سيارتك تستهلك ستة لترات أو ثلاثين لترا من البنزين لكل 100 كيلومتر لأن الدولة تنفق مليارات الدولارات لدعم الوقود، وهي تتميز عن أي دولة أخرى في العالم بأن الوقود أرخص فيها من المياه. ولم يفهم سائق الدراجة النارية التاكسي، الذي يقضي حتى عشر ساعات يوميا وسط الفوضى المرورية في شوارع العاصمة كراكاس التي يسكنها أكثر من ستة ملايين نسمة، السؤال حول كم ينفق لملء خزان دراجته النارية بعشرة لترات من البنزين.
وفي النهاية، وبالرغم من ذلك، يضع يده في عمق جيب بنطلونه ويبتسم وهو يخرج عملة معدنية صغيرة. إنه بوليفار واحد (ما يعادل 23 سنتا امريكيا طبقا لسعر الصرف الرسمي). ولكن معظم المواطنين يغيرون أموالهم في السوق السوداء، مما يعني أن ثمن لتر واحد من البنزين (أوكتان 95) يصل ثمنه إلى شيء مثير للضحك وهو سنت أمريكي واحد.
لا يوجد مكان في العالم يكون فيه البنزين أرخص من ذلك. وبالتالي فالأمر لا يدعو للدهشة أن تجد في الأحياء الغنية في كراكاس مثل ألتماريا انتشار السيارات القوية ذات الدفع الرباعي والسيارات الفخمة بمحركات تصل سعتها إلى أربع لترات تقف عند محطات تعبئة الوقود التابعة لشركة البترول الوطنية. ولا توجد علامات لأسعار مرتفعة مثل التي نراها في الدول الأخرى في العالم. ويقول انريكي سائق سيارة أجرة من طراز فورد فيوجين بمحرك ذي ست أسطوانات بقدرة حرق تبلغ ثلاث لترات 'أسعار البترول نكتة'. وفي الأحياء الأكثر فقرا، مثل باريو بيتاري، فان السيارات القديمة التي تعود إلى 20 و30 عاما من طراز شيفورليه وما يماثلها من سيارات تويوتا لاندكروزر تطوف الشوارع كسيارات أجرة. ولا تمثل كفاءة وقود السيارات أي فارق في حياة المواطن الفنزويلي. فالمياه في الواقع أكثر تكلفة بكثير من البنزين.
ويباع لتر المياه في المحال التجارية بثماني بوليفارات (1.86 دولار)، وهو ما يكفي لملىء خزان يسع 80 لترا من البترول. وفي الواقع يمكن للفرد أن يملأ خزانا ثلاث مرات بثمن علبة سكائر (30 بوليفارا أوحوالي 7 دولارات). ولا ترغب الحكومة اليسارية لفنزويلا برئاسة الرئيس هوغو تشافيز في المساس بأسعار البترول: حيث تعتقد أن أسعار البترول الرخيصة تصب في صالح الشعب الفنزويلي. إلا أن هذا الأمر يتم بتكلفة عالية حيث أن دعم البترول يغطي أكثر من 90' من التكلفة الحقيقية للبترول. ويدفع المستهلك فقط جزءا بسيطا من سعره. وللقيام بذلك تدفع الشركة الوطنية للبترول 1.5 مليار دولار سنويا، طبقا لإحصائيات رسمية، الا ان ان إجمالي الدعم طبقا لتقديرات مختلفة أعلى بكثير من ذلك الرقم ويصل إلى سبعة مليارات دولا سنويا.
يذكر أن فنزويلا إحدى أكبر الدول المنتجة للبترول الخام في العالم، وهي عضو في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك). وتمتلك، طبقا للسلطات الفنزويلية، 300 مليار برميل من البترول، مما يجعلها من أكبر الاحتياطيات في العالم. وبالرغم من ذلك، فان الدولة تحتاج إلى استيراد البترول، حيث أن مصافيها لا تمتلك القدرة الكافية لتلبية طلب السوق المحلي. وازداد هذا الوضع سوءا بسبب انفجار واشتعال الحريق منذ أسابيع قليلة في مصفاة أمواي وهي أكبر مصفاة في فنزويلا، الأمر الذي تسبب في مقتل أكثر من 40 شخصا.
وبالرغم من تفهم معظم المواطنين لتأثير الدعم، إلا إنهم لا يجرؤون على تصور حتى وصول أسعار البترول لنصف أسعارها الحقيقية. ويتفهم كل من تشافيز ومنافسه انريكي كابريليس هذه القضية خلال السباق الانتخابي على انتخابات الرئاسة المزمع إجراءها في السابع من تشرين أول/أكتوبر الجاري. وتستمر الحكومة الفنزويلية في حث المواطنين على توفير الوقود، حتى تتمكن من توفير مبلغ الدعم، ومع ذلك وطالما استمرت عائدات إنتاج البترول في التدفق واستمر سعر برميل البترول الخام فوق 100 دولار، لن يفكر أحد في فنزويلا بشكل جدي في توفير البنزين
التعليقات