صنف تقرير صادر مؤخرا عن صندوق النقد الدولي ، الجزائر ضمن الدول التي تسجل أعلى معدلات التضخم في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وتوقع بلوغ نسبة 8.4 بالمائة نهاية العام الجاري، وجاءت توقعات الصندوق متناقضة مع الأرقام التي صدرت عن الحكومة الجزائرية بشأن نسبة النمو التي يتوقع أن تصل إلى 2,6 بالمائة في 2012، و 3,4 العام القادم ، فيما تتوقع الحكومة تسجيل 4,7 بالمائة هذه السنة و 5 بالمائة العام القادم، وتبقى النقطة الايجابية الوحيدة التي رصدها التقرير هي استمرار انخفاض معدلات البطالة.


الجزائر: تطرق التقرير للتطورات الاقتصادية في الجزائر، ولم تتطابق توقعات quot;الأفاميquot; مع الأرقام التي أعلنت عنها وزارة المالية ، بخصوص التطور الاقتصادي هذه السنة وفي 2013، ويظهر ذلك من خلال وتيرة النمو، فقد توقع صندوق النقد الدولي، انخفاض نسبة النمو الاقتصادي إلى 2,6 بالمائة في 2012، فيما توقعت الحكومة الجزائرية في قانون المالية التكميلي 2012 تحقيق نسبة نمو في حدود 4,7 بالمائة، وتوقع quot;الأفاميquot; بلوغ نسبة نمو بـ 3,4 في 2013، فيما تراهن الحكومة على تحقيق نسبة نمو بـ 5 بالمائة وأشارت مؤسسة بريتون وودس ، إلى تسجيل انخفاض في ميزان الحسابات الجارية، إلى 6.2 بالمائة من الناتج المحلي الخام سنة 2012 و 6.1 بالمائة في 2013 مقابل 10 بالمائة في 2011.

كما حذر التقرير من تداعيات ارتفاع مستوى التضخم، وقال بان التضخم في الجزائر بلغ مستويات جدا مرتفعة، وتوقع أن يصل إلى 8,4 بالمائة نهاية العام الحالي. وبحسب التقرير فان النقطة الايجابية المسجلة تتمثل في تراجع مستويات البطالة، وتطابقت أرقام quot;الافاميquot; مع المعطيات التي قدمتها الحكومة بشان سياسة التشغيل، حيث أشار الصندوق إلى أن نسبة البطالة شهدت تراجعا معتبرا في الجزائر من 10 بالمائة في 2011 إلى 9.7 بالمائة سنة 2012 متوقعا تراجعا إلى 9.3 بالمائة سنة 2013. و في تحليله لمحتوى التقرير أكد المستشار الاقتصادي ومسير مكتب الاستشارات العالمي quot; ألجيريا أنترناشيونال كونسولت quot; عبد المالك سراي لــ quot; إيلاف quot; quot; أن التقرير لا يعكس ما يجري حاليا في الجزائر من تحولات اقتصادية ومالية quot;، و أضاف quot; هناك تباينا في المعلومات التي نشرت في التقرير الذي أصدره بحر الأسبوع الماضي وما يجري في الواقع، لأن مستوى النمو في الجزائر هو أكبر مما أعلن عليه الصندوق quot; ، مستشرفا أن quot; يتم تغيير أرقام الصندوق الدولي حيال الجزائر في الشهرين المقبلين بناء على المعلومات التي ستقدم من الجزائر وخبرائها quot; .

وأضاف الخبير الدولي أن quot; نسب التضخم سوف تكون أكبر من تلك التي نشرها الصندوق، لأن الجزائر لا تزال تستورد بقوة وبكميات ضخمة، لاسيما في ما يتعلق بالمواد الغذائية التي أصبحت غالية في السوق الدولية، بالإضافة إلى الآلات الصناعية التي تستعمل في الاقتصاد القاعدي والمشاريع الكبرى، وهو تضخم آخر ستستورده الجزائر quot; . وأوضح سراي أن quot; الجزائر في وضعية مالية ممتازة ، كما أنها تسجل بدايات الإنتاج للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة المنشئة والمدعمة من طرف الدولة، بالإضافة إلى انتعاش قطاع الخدمات quot; الذي قال إنه quot; في الخط الأخضر في حين لا يزال القطاع الصناعي هو نقطة الأضعف في موازنتنا quot;.

وقال سراي أن quot; الإجراءات التي أقرتها الحكومة لضبط وتنظيم قطاع الاستثمار في البلاد مهمة وحساسة بعد الفوضى التي عاشها القطاع خلال عشريتين كاملتين تحت شعار الانفتاح الاقتصادي الذي كانت نتائجه كارثية ولم يعد بفائدة تذكر على البلاد بسبب الأنانية المفرطة للمستثمرين ورجال الأعمال الأجانب الذين استفادوا من مزايا الاستثمار التي وفرها الدولة حينها ، لكن عوض الاستثمار المنتج راحــوا يعتبرونالجزائرسوقا استهلاكية ب quot; امتياز quot; ومفتوحة على كل السلع والخدمات المستوردة quot;.

من جانبه يرى الأستاذ أحمين شفير أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة الجزائر والخبير في الاقتصاد متحدثا لــ quot; إيلاف quot; أنه quot; يجب أخذالتقرير بمأخذ الجد لأنه صادر عن مؤسسة هامة جدا ، و أن ما جاء في التقرير رغم تعارضه مع الإحصائيات الرسمية الجزائرية إلا انه يبقى تقرير إيجابي من جانب التوازنات الاقتصادية الكلية و حيث أنه يشيد بالاقتصاد الجزائري quot;.

وأضاف أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة الجزائر أنه quot; إذا بقيت الأزمة الحالية على المستوى العالمي فإنه يمكن أن تكون هناك تداعيات للأزمة الأوروبية على الاقتصاد الجزائري ، و هو ما سيؤثر مباشرة على مداخيل الجزائر من العملة الصعبة في حال انخفاض أسعار البترول بفعل استمرار الأزمة، و بالتالي فستنخفض المداخيل و سيؤثر ذلك على الإنفاق العمومي للجزائر quot; ، من جانب آخر قال الأستاذ شفير إن quot; الاحتياطي الكبير من الصرف الذي تتمتع به الجزائر هام جدا و يمكن أن يجننا الدخول في الأزمة لسنوات قادمة quot; .

وفي نفس الوقت شدد أستاذ العلوم الاقتصادية على quot; ضرورة توخي الحذر و الأخذ بعين الاعتبار ما جاء في تقرير صندوق النقد الدولي مع محاولة تسيير موارد الجزائر بشكل أكثر عقلانية و اقتصاديةquot;. و فيما يتعلق بما ذكر حول الاقتصاد الجزائري فيرى الأستاذ أحمين شفير أنهquot; إذا أرادت الجزائر التخلص من التبعية المستمرة للمحروقات مع استمرار أزمة منطقة اليورو فعليها أن تنوع اقتصادها و أن تعتمد إستراتيجية جديدة تؤدي خاصة إلى التصنيع أي بناء صناعات على أساس ميزات تنافسية مكتسبة وفق التكنولوجيا الحديثة و البحث و التطوير لاسيما في المجالات التي تتمتع بها الجزائر و بمزاياها و هي عديدة وهذا سيجنبنا مستقبلا مثل هذه الأزمة quot; .

وتحظى الجزائر ndash; حسب سراي ndash; بمستوى عال من الثقة لدى الصندوق الدولي بناء على التسيير المعتدل للبنك المركزي ، فـ quot; مستوى الثقة الذي نعامل به لا يقل بما يعامل به في الجانب الدولي مع الاقتصاديات الأمريكية أو الأوروبية quot; ،و يشير إلى أن quot; البنك المركزي كان يسير بتحفظ للغاية وهو ما يزيح احتمال مواجهتنا للمشاكل التي تعيشها بعض الدول مثل اسبانيا وإيطاليا وفرنسا quot; ، مشيرا إلى quot; أن بلادنا في مستوى أحسن والظروف ستتحسن أكثر بدخول إنتاج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للأسواق المحليةquot;.لكنه يؤكد في سياق آخر يقول بأن quot; البحبوحة quot; المالية التي تعيشها الجزائر اليوم ظرفية وليست أبدية quot; ، و يسجل بأن quot; جزءا كبيرا من إيرادات البلاد تحول لتمويل مشاريع البنى التحتية والهياكل القاعدية و المرافق الخدماتية عوض تخصيصها لتمويل المشاريع الاستثمارية المنتجة ، مؤكدا أن quot; مشاريع مثل quot;التراموايquot; وquot; الميتروquot; اللذان يستنزفان المليارات من الدينارات سنويا رغم أهميتها على الصعيد الخدماتي إلا أنهما ليسا من quot;الأولوياتquot; على الأقل في الوقت الراهن quot; .