الاستثمار العقاري لا يسير وحيدًا، إذ يرتبط به عدد كبير من الصناعات التكميلية بما تستوعبه من قدرات تشغيلية. ولهذا، حين يتأثر بأي تقلّبات تحدث في الحياة السياسية أو الاقتصادية، تتأثر كل القطاعات المرتبطة به. وفي الفترة الأخيرة، عانى الاستثمار العقاري المصري نتيجة الأحداث، لكنه يستعيد عافيته سريعًا.

القاهرة: يعتبر قطاع الإسكان والتشييد من القطاعات الاقتصادية بالغة الأهمية في مصر، لأنه ساهم بنحو 14 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنوات الاخيرة. تمتد أهمية هذا القطاع من وجود أكثر من خمسة ملايين مواطن يعملون فيه، وبارتباطه بأكثر من 110 قطاعات صناعية، إلى جانب آلاف الشركات العاملة في المجال، ومنها 260 شركة كبرى على الأقل. وعلى الرغم من هذا، تلف الضبابية، التي تحيط بحالة مصر العامة، مصير هذا القطاع الحيوي، بعدما اصاب الركود السوق العقارية، وانتقل آلاف العاملين بالقطاع إلى خانة العاطلين، وجمد كثير من المستثمرين نشاطهم في انتظار وضوح الرؤية في المرحلة المقبلة، لاتخاذ قرار بمواصلة النشاط والاستفادة من فرص الاستثمار العقاري الواعدة في مصر، أو الانسحاب والبحث عن أسواق بديلة.
آثار الثورة
أكد المهندس طارق شكري، عضو شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، لـquot;إيلافquot; أن إحدى النتائج السلبية لأحداث ثورة 25 يناير، كانت تأثر حركة التشييد والعمران، مشيرًا إلى أن السنة الماضية شهدت بناء 149 ألف وحدة سكنية فيما وصل المعدل في السنوات السابقة إلى 300 ألف وحدة، كما وصل ناتج البناء في قطاع الفنادق خلال العام الماضي إلى صفر في المئة.
واوضح شكري أن الظرف السياسي، وما صاحبه من حديث في الاعلام عن إعادة تخصيص الأراضي التي سبق تخصيصها بعد ظهور فساد في اجراءات التخصيص، دفع بالزبائن إلى تأجيل الشراء حتى استقرار الأوضاع السياسية. وعلى الرغم من الظروف السابقة، فإن حالة من التفاؤل تسود حاليًا في المستثمرين في السوق، وخصوصًا مع البدء في استقرار الاوضاع، وتنفيذ واستكمال الكثير من المشروعات، بالتزامن مع الاتجاه نحو إنشاء شركات تمويل عقاري جديدة، ما ينشط الطلب. هذا بالاضافة إلى ما أعلنته الحكومة عن عزمها اصدار تشريع موحد يقنن التصرف في أراضيها، ما يشجع الاستثمار العقاري في البلاد.
المطلوب تمويل ودعم
يقول حسن عبد العزيز، رئيس الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، لـquot;إيلافquot; إن الحصول على التمويل كان أهم معوقات قطاع الاستثمار العقاري في مصر. وأوضح ذلك قائلًا: quot;مصر هي البلد الوحيد الذي يعتمد على التمويل الذاتي في سوق العقارات، لأن المستثمر يلعب دور المصرف بالنسبة للمشتري وعليه ايجاد التمويل اللازم لاستثماره، خصوصًا أن معدل الفائدة البنكية يعاكس الطلب على المساكنquot;.
وطالب عبد العزيز الدولة بدعم العاملين في قطاع التشييد والبناء، لأن قطاع العقارات من أول القطاعات التي تتأثر بالأحداث السياسية والاقتصادية، وآخر الاستثمارات التي يمكن أن تتعافى منها.
وأشار عبد العزيز إلى تراجع عدد المشروعات المطروحة من الدولة على شركات المقاولات بنسبة 30 في المئة مقارنة بالعام الماضي، وهو ما لا يفي بحاجة الشركات من فرص العمل، خصوصًا أن السوق الخاصة يسودها الركود حاليًا، فيما يعمل بقطاع التشييد ما يقرب من 5 ملايين عامل.
تعافٍ سريع
من جانبه، توقع الدكتور أحمد أنيس، مدير مركز خبراء التقييم العقاري في جامعة القاهرة، لـquot;إيلافquot; عودة العافية إلى سوق العقارات في وقت قريب، مشيرًا إلى زيادة الاقبال على الاراضي الصناعية، التي تتراوح مساحاتها ما بين 15 و20 ألف متر، خلال شهري تموز (يوليو) وآب (أغسطس) في المدن الجديدة، كالعاشر من رمضان والسادس من اكتوبر.
وأعتبر أنيس أن المدن الجديدة تمتلك فرصاً جيدة في الاستثمار العقاري خلال الفترة المقبلة، لأنها تضم مساحات واسعة يمكن إستغلالها في انشطة واستثمارات عقارية جديدة.
واوضح أنيس لـquot;إيلافquot; أن صناديق الاستثمار العقاري التي لجأت لها بعض البنوك في الفترة الأخيرة، تعد عاملًا مهمًا في مجال عودة قطاع العقارات للعمل بكامل طاقته، ويمكن استخدامها في تمويل تكاليف المباني التجارية والصناعية والسكنية.