يرى محللون أن مشروع أوروبا الرئيس الهادف إلى تعزيز أمن الطاقة لديها عبر بناء خط نابوكو الرئيس لأنابيب الغاز، الذي يصل إلى بحر قزوين بالالتفاف على روسيا، يشرف على الانهيار، مع ظهور دور أكبر لتركيا في إنشاء خطوط الأنابيب.


مخاطر جدية تهدد اكتمال مشروع نابوكو

أنقرة: أدت تطورات أخيرة، ومن بينها قرارات اتخذتها أنقرة، إلى تخفيض أهمية خط نابوكو للغاز، الذي يهدف إلى نقل أكثر 30 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا من الدول المطلة على بحر قزوين إلى أوروبا.

ودفعت النزاعات المتكررة بين روسيا وأوكرانيا حول ترسيم خط مرور الأنبوب، والتي أدت إلى انقطاع الإمدادات عن أوروبا مرات عدة، دفعت بالاتحاد الأوروبي في العام 2009 إلى إطلاق مبادرة ممر الغاز الجنوبي، التي يعد خط نابوكو أكبر مشاريعها، من أجل خفض اعتمادها على إمدادات الغاز الروسي.

لكن في كانون الأول/ديسمبر أعطت تركيا روسيا الضوء الأخضر للبدء في مشروع quot;ساوث ستريمquot;، لكي يخترق مياه البحر الأسود التركية، حيث من المقرر البدء في بناء الخط القادر على نقل 63 مليار متر مكعب كل عام، في نهاية هذا العام. وصرح نجدت بامير نائب المدير السابق لشركة quot;تي بي ايه اوquot; النفطية التركية لوكالة فرانس برس إن quot;مشروع نابوكو يعيش في غيبوبة منذ فترة طويلة قبل إبرام اتفاق ساوث ستريمquot;. وأضاف quot;ولكن لا أحد يجرؤ أن يقول إن نابوكو أصبح ميتًاquot;.

وكان من المقرر أن يمتد نابوكو نحو 3900 كلم عبر تركيا، ويمر بعد ذلك ببلغاريا ورومانيا والمجر، ليصل إلى النمسا، حيث يتصل بشبكة توسيع كبرى. ووقعت تركيا كذلك في كانون الأول/ديسمبر اتفاقًا مع أذربيجان لبناء خط أنابيب quot;ترانز-أناضولياquot;، لينقل 10 مليار متر مكعب من الغاز من أذربيجان إلى الأسواق الأوروبية، مما يضعف من مشروع نابوكو، الذي يواجه صعوبة في الحصول على التزامات بإمدادات الغاز.

وفي العلن يقول مسؤولون أتراك أن واحدًا من بين ستة شركاء في نابوكو لا يزال يدعم هذا الخط. فقد صرح وزير الطاقة التركي تانر يلديز أخيرًا quot;نواصل جهودنا لتنفيذ هذا المشروعquot;. إلا أن محللين يعتقدون أن أنقرة ليست متحمسة لهذا المشروع.

ويقول أندرو نيف محلل الطاقة البارز في مؤسسة quot;اي اتش اس غلوبال انسايتquot; إن quot;تركيا ليست ملتزمة تمامًا بمشروع نابوكو.. فهي تعتبر نفسها وسيطًا للطاقةquot;. أما روس ويلسون السفير الأميركي السابق في تركيا والمدير الحالي لمركز دينو باتريشيو يوراسيا في المجلس الأطلسي في الولايات المتحدة، فقد أشار إلى أن الموافقة على مشروع quot;ساوث ستريمquot; حسّن من موقع أنقرة مع استمرار الخلاف حول المشروع النهائيquot;.

وقال إن quot;أيًا من التطورات الأخيرة بشأن ساوث ستريم لا تقوّض أو تهدد بأية طريقة أخرى ممر الغاز الجنوبي - حيث يمكن أن يكون هذا الممر هو خط نابوكو أو اي تي جي ايه أو تي ايه بي أو أي خط جديد في جنوب شرق أوروباquot;.

وصرح لفرانس برس إن ذلك quot;يمكن أن يزيد من وزن تركيا في المفاوضات النهائية خلال الأشهر المقبلة حول الانتهاء من خط ممر الغاز الجنوبي، واتفاقيات شراء المبيعات وغير ذلكquot;. ويعد اثنان من خطوط الأنابيب المنافسة الأخرى أكثر تواضعًا لنقل الغاز من تركيا عبر اليونان إلى إيطاليا، وهما مشروع اي تي جي اي، الذي يربط بين تركيا واليونان وإيطاليا، وترانس-ادرياتيك بايبلاين.

وقال ميتي غونكيل المدير السابق لشركة بوتاس التركية الحكومية، وهي واحدة من الشركاء في كونسورسيوم نابوكو quot;إن خط نابوكو هو مشروع غير مكتمل منذ البدايةquot;. ولكنه تساءل quot;من هي الجهة التي ستشحن الغاز عبر خط الأنابيب؟quot;.

وتعتبر وسط آسيا الساحة الخلفية لموسكو، وتحتفظ شركة غازبروم الروسية بمعظم الإمدادات، فيما يعد الحصول على الغاز من منطقة شمال كردستان العراقية أمرًا محفوفًا بالمخاطر نظرًا إلى الاحتكاكات السياسية مع الحكومة المركزية في بغداد.

كما إن النزاع بين الاتحاد الأوروبي وطهران حول برنامجها النووي يزيل إيران من قائمة المزودين المحتملين، كما إن سوريا مستبعدة كذلك بسبب الاضطرابات التي تشهدها.

وقال النور سولطانوف مدير مركز قزوين للطاقة والبيئة في أكاديمية أذربيجان الدبلوماسية أخيرًا إن خط أنابيب جنوب شرق أوروبا (اس اي اي بي) ،الذي تروّج له شركة بي بي بعملاق الطاقة البريطانية، يقدم الحل الأفضل. وتمامًا مثل نابوكو، فإن هذا الخط سيمتد إلى النمسا ليخدم الأسواق الأوروبية الأكثر ربحية، ولكنه أقل كلفة نظرًا إلى قدراته الأقل واستخدامه للبنية التحتية الموجودة حاليًا.

ويمكن أن يقدم الاتحاد الأوروبي مشروع هذا الخط بدلاً من نابوكو على المدى القصير، ولكن قدراته الأقل لن تستفز روسيا على الأرجح، حسب سلطانوف. وقال quot;في عالم خطوط الأنابيب غير المثالي، فإن مشروع اس اي اي بي يمثل أفضل الخيارات الممكنة بالنسبة إلى جميع الأطرافquot;.

ويشير المحللون إلى أنه حتى لو تم بناء خط أنابيب رئيس، مثل نابوكو، فإن تزايد احتياجات أوروبا من الغاز يعني أن هذا الخط لن يتمكن من خفض اعتمادها على روسيا بشكل كبير.

وتتوقع شركة بي بي أن يزداد استخدام الغاز لإنتاج الطاقة في الدول الأوروبية من نسبة 40% الحالية إلى 60% في العام 2030، مع توقع تضاعف واردات أوروبا من الغاز بحلول 2030 نتيجة لذلك.

وبلغت واردات أوروبا من الغاز 444 مليار مترًا مكعبًا من إجمالي 553 مليار مترًا مكعبًا، التي استخدمتها دول الاتحاد الأوروبي في العام 2010، طبقًا ليوروستات.