البرلمان الأوروبي

قرر البرلمان الأوروبي فرض عقوبات مالية على الحكومات التي تترك العنان لعجز موازناتها.


ستراسبورغ: تبنى البرلمان الاوروبي تدابير لضبط موازنات الدول الاعضاء في مواجهة أزمة الدين بفرضه عقوبات مالية على الحكومات التي تترك العنان لعجزها الا ان عددا من النواب اعتبر ان هذه الاجراءات جاءت متاخرة.

ولم يحسم هذا الاصلاح الذي كان موضع بحث منذ عام وخضع لمباحثات عميقة وشاقة، الجدل القائم بين الحكومات الاوروبية من جهة، والمفوضية الاوروبية والبرلمان من جهة اخرى.

فقد ابدت الحكومات الاوروبية قلقها ازاء نظام عقوبات تلقائي التنفيذ قد يخرج عن سيطرتها في حين سعت المفوضية والبرلمان الى تبني عقوبات تتمتع باكبر قدر ممكن من التلقائية في تنفيذها. وتم في نهاية المطاف التصويت على اجراءات توافق بين الموقفين.

وتم تبني العقوبات التي تهدف الى تعزيز معاهدة الاستقرار بفضل اصوات المحافظين والليبراليين. اما الاشتراكيون والخضر فقد اقروها جزئيا فقط معتبرين ان النصوص التشريعية التي طرحت على التصويت تتمحور بشكل كبير حول التقشف ولا تركز بشكل كاف على النهوض بالاقتصاد. ورفض الشيوعيون المشروع بالكامل.

ورحب المفوض الاوروبي المكلف الشؤون الاقتصادية اولي رين بهذا quot;التصويت التاريخيquot;. وقال ان تعزيز معاهدة الاستقرار quot;سيفتح الباب امام انشاء اتحاد اقتصادي حقيقي متمم للاتحاد النقديquot;.

واعتبر زعيم كتلة الليبراليين غي فرهوفشتات من جهته بان مبدا فرض عقوبات ضد الدول التي تترك العنان لعجزها، سيحول دون تشجيع هذه الدول quot;على الافلات من مسؤولياتها الواحدة حيال الاخرى بهدف ضمان استقرار منطقة اليوروquot; لكنه اضاف ان الاصلاح الذي تم تبنيه ليس quot;الترياق للازمة الاقتصادية الحاليةquot;.

وقبل ان يجف الحبر الذي كتب به الاتفاق بدا نقاش في اوروبا لوضع منطقة اليورو على طريق المزيد من الفدرالية والقيادة الاقتصادية المشتركة. وقد تم التطرق حتى الى فكرة تعيين quot;وزير ماليةquot;. واقترحت فرنسا والمانيا ان يتبنى شركاؤهما quot;قواعد ذهبيةquot; في مجال الموازنة وذلك من خلال نص دستوري يفرض حدا لقيمة العجز.

ورحب الوزير الفرنسي المكلف الشؤون الاوروبية جان ليونيتي باصلاح ينشىء quot;ظروف نمو سليم دائم في اوروباquot;.

والاصلاح اقترحته المفوضية الاوروبية لاستخلاص العبر من ازمة ديون اليونان.

وهو اصلاح اصبح لا غنى عنه بعدما تبين ان معاهدة الاستقرار كما وضعت في الاساس لترافق ولادة اليورو وتقوم بدور الشرطي لمراقبة عجز الماليات العامة لا تعمل بالشكل المطلوب لانها ليست رادعة بما يكفي. وقد امضت غالبية الحكومات وقتها منذ عشرة اعوام في الالتفاف عليها.

وفي المستقبل، سيكون من الممكن فرض عقوبات مالية على شكل وديعة مالية في حسابات مقيدة - يمكن ان تتحول الى غرامات - على الدول التي تترك العنان لعجزها. وستفرض العقوبات في وقت ابكر وبشكل اكثر سهولة من السابق.

وسيكون بامكان المفوضية ان تطلب اجراءات تصحيحية وحتى معاقبة الدول التي لا تحترم معايير العجز (3% من اجمالي الناتج الداخلي) والدين العام (60% من اجمالي الناتج الداخلي) عبر مطالبة الدولة المخالفة بايداع مبلغ يعادل 0,2% من اجمالي ناتجها الداخلي. وهذا المبلغ الذي سيتم ايداعه يمكن ان يتحول الى غرامة تفرض على الدول التي لا تمتثل.

وهذا الاجراء مثار جدل. فقد انتقدت نقابات ومنظمات غير حكومية في رسالة قبل تصويت النواب الاوروبيين بالقول quot;ان المواطنين سيدفعون ثمن تجاوزات البنوك وشركات اخرىquot;.

واعتبرت الرسالة quot;ان سياسات التقشف التي ستعززها هذه الاجراءات وتطبقها تجعل هذه الخطة كارثية. كما ستلزم الدول الاعضاء التي تقع ضحية الازمة الاقتصادية على مواصلة الحد من النفقات الاجتماعية وتقليص المعونات الاجتماعية وحقوق العمل لسنوات مقبلة عدةquot;.