تشهد الاسواق العراقية حالياً ارتفاعاً واضحاً في أسعار بعض السلع الغذائية الاساسية فيما زادت اجور النقل على بعض الخطوط لاسيما سيارات النقل الكبيرة حيث عزا بقالون ومواطنون هذه الارتفاعات الى مؤتمر القمة المزمع عقده في بغداد نهاية الاسبوع المقبل. وعبّر العديد من المواطنين عن تذمرهم مما يحدث، ورأى الاغلبية منهم أن الحكومة بطرت حين أعلنت عن استضافتها لمؤتمر القمة، ووصفها البعض بأنها لا تأبه بحال المواطن الذي يعمل بالاجور اليومية لإعالة أسرته.


بغداد: تباينت وجهات النظر العراقية في ما يحدث على الساحة الآن، وتناقضت الاراء الى حد بعيد ما بين مؤيد للعطلة التي منحتها الحكومة لموظفي الدولة و بين رافض لها، وربما تجد الاشخاص انفسهم يغيرون اراءهم وفقاً لواقع الحال، وقد اشار آخرون الى أن المواطن العراقي اعتاد البحث عن الازمات، ما إن يشعر بشيء من الارتباك حتى يضع نفسه في قبل الازمات خالقاً منها أزمات أخرى، وهذا ما أدى بالعديد من سائقي السيارات الى المطالبة بأجور اكثر بحجة الزحام أو غلاء المعيشة وبالتحديد يمكن سماع جملة (غلاء الطماطة) !!، حيث يعدها المواطن (رمزاً) للخضر الأخرى، وأصبح (التأفف) واضحاً لاسيما أن سعرها ارتفع من 500 دينار(أقل من نصف دولار) الى ألفي دينار عراقي، أي (أقل من دولارين). ويؤكد عدد من البقالين الذين التقيتهمأن السبب يعود الى عقد مؤتمر القمة العربية بعد أن أُغلقت الحدود وصار الاعتماد فقط على ما يجيء من محافظة البصرة وبالتحديد من منطقة (الزبير)، فيما ينظر آخرون الى العطلة التي أعطتها الحكومة على أنها (تدمير) لحياة الباعة الجوالين واصحاب الاكشاك و (البسطيات) على ارصفة الشوارع !!، والطريف أن امرأة سألتني وقد كنت استمع الى رجل متذمر: (هل صحيح أن الطماطة صارت غالية اليوم؟) !!

وقال البقال عباس كريم: quot;إن الطماطة، بعد غلق الحدود هذه الايام بسبب الاجراءات الامنية المشددة وأصبح الاعتماد على انتاج منطقة الزبير مع زيادة الطلب عليها،ارتفعسعرهاوصرنا نحن نشتري الكيلو الواحد من المنطقة الخاصة ببيع الخضر بالجملة، والتي تسمى العلوة،من الفلاحين بمبلغ (1650)ديناراً، واذا ما حسبت أجور النقل معها من (العلوة) الى السوق سوف نجد أن بيع الكيلو الواحد بسعر ألفي دينار مناسب، ولكن المواطن يعتبره غالياً.quot;

ومن جهته، قال بقال آخر ساخراً من الوضع: (الحكومة لعبت بنا لعبا!!) اغلقت الحدود بسبب القمة ومنعت استيراد الخضر من الخارج وسمعنا أن الزرع قتلته موجة البرد التي تضرب البلاد حالياً، فارتفعت الاسعار ولانعلم خلال الايام المقبلة اذا ما كانت الاسعار تبقى نفسها أو سترتفع وأمامنا عشرة أيام حتى انتهاء العطلة التي اعلنتها الحكومة، انا أسمع الناس (تتضجور) من الاسعار ولكن ليس باليد حيلة، فنحن نريد أن نعيش ورزقنا يجبرنا على أن نأتي ببضاعة وإن كانت غالية الثمنلنبيعها لمن يشتري طبعاً، والله يساعد الفقير !!

اما في الوجه الآخر لـ (الأزمة)، فقد تذمر مواطن كان يقف بالقرب من ساحة (كهرمانة) حين سمع عن اعلان العطلة وصرخ بالقول كيف سيعيش اصحاب المهن الذين يعيشون على ما يحصلون عليه بالاجور اليومية، وقال: أنا أعيش على (بسطية) لي على رصيف شارع السعدون، وهو مغلق الآن وسيستمر إلى اكثر من أسبوع، فمن أين أكل؟، هل القمة العربية ستطعمني واطفالي؟، وأيده البعض ممن سمعوا كلامه، وهو ما جعل رجل يقول إن اصحاب سيارات النقل الكبيرة بدأوا يزيدون أجور النقل الى الضعف بحجة أنهم سوف لن يعملوا خلال الايام المقبلة، وقال: بدأ سائقو السيارات يزيدون الاجرة وحين سألت احدهم عن السبب قال إن المؤسسات الحكومية ستتعطل إلى اكثر من اسبوع ونحن نعتمد في رزقناعلى السيارة فلا بد أن نزيد الاجرة كي نوفر لايام البطالة ما يمكن توفيره !!.

واعرب مواطن عن حزنه للارباك الحاصل والازمات التي يخلقها الناس او الحكومة بلا سبب، وقال الرجل: انظر اليوم (الثلاثاء) الى بغداد هل تراها كما عهدناها في الايام السابقة، بغداد اليوم.. فيهاصخب، فوضى، أناس يبحثون عن سيارات تنقلهم الى بيوتهم، سائقو سيارات يتعالون على الناس، والانفجارات اليوم اخافت الناس وجعلتهم يكرهون القمة العربية، والحكومة تقول إنها تشدد وتؤكد أنها اكملت كل استعداداتها لعقد القمة العربية، ولا اعرف اين الصح، هل أقول المواطن على حق أم أقول الحكومة، يا عمي .. والله ضاعت علينا !!

أما عبد الكريم حاتم حسين، فيعمل في احدى منظمات المجتمع المدني، قال: quot;يبدو أننا نحن العراقيين نعشق الازمات، لا نرضى بأي شيء، واراؤنا تتقلب حسب الاهواء والامزجة، مثلا: انا قبل ايام كنت اسمع من الناس كلاماً مفاده: quot;لماذا الحكومة لا تعطي عطلة كي يخلص الناس من الازدحامات ما دامت منشغلة بعقد القمة، فهي كل يوم تقومباجراءات امنيةquot;، وسمعت الكثير من السباب والشتائم، ولكن اليوم سمعت كلاماً مغايراً،الناس تعتب على الحكومة لانها اعطت عطلة وسمعت ايضاًالسباب والشتائم ، الشيء الاخر الذيكنت اسمعهأن الناس تلوم الحكومة لأن الفلاحين العراقيين ما عاد منتوجهم الزراعي يباع لان المستورد كثير ورخيص، وكانوا يطالبون أن تقوم الحكومة باجراءات، ولكن عندما منعت الحكومة الاستيراد هبت عاصفة من الانتقادات، أليس هذا شيئاً غريباً؟، الامر الثالث الذي شاهدته اليوم وأكد لي اننا نعشق الازمات هوسائقو سيارات النقل العام الذين يقومون بنقل الركاب، اغلب هؤلاء عمد اليوم الى ركن سيارته او عدم تجاوبه مع الناس فتمر السيارات فارغة وحين يتجمعأناس تأتي سيارة يزيد سائقها الاجرة الى الضعف مع ذلك يصعد هؤلاءلأنهم لابد ان يصعدوا، وبصراحة هذه الحالة تثير حيرتي والسؤال المطروح: لماذا نحن هكذا؟