تتكبد الدولة التونسية سنوياً خسائر مالية تناهز 200 مليون دينار جراء بيع السجائر المهربة عبر المعابر الحدودية بين تونس والجزائر وليبيا والتي غزت الأسواق التونسية دون أن تتمكن مصالح الديوانة أو سلطة الإشراف على قطاع التبغ رغم تشديد المراقبة واليقضة المستمرة من ردع الشبكة التي تقف وراء ترويجها.


تونس: آلاف من السجائر المهربة يتم حجزها باستمرار في محاولة من السلط المعنية لمحاصرة هذه شبكة التوزيع والسيطرة عليها وعلى نزيف تسريبها ولكنها في كل مرة تطفو من جديد لتهدد لا فقط الصالح الوطني ولكن وبالأساس صحة المستهلك خاصة الشباب.

ويذكر أن هذه السجائر التي لا احد يعرف منطلقها ولا مكوناتها انتشرت بكثرة في الأسواق التونسية خاصة خلال فترة الثورة وما صاحبها من انفلات امني تمرد على أثره المهربون ونشطت تجارتهم وتضاعفت بفعل الفراغ الأمني الذي شهد البلاد خلال تلك الفترة ورغم متابعة الأمن لهذه المسالة إلا أن الأسواق تكاد لا تخلو من هذه المادة التي تهدد الاستقرار الاقتصادي خاصة إذا علمنا أن السجائر المحلية توفر للدولة عائدات مالية هامة تتأتّى من الضرائب غير المباشرة الموظفة على التبغ و المقدرة بــ76 بالمائة.

العرض العشوائي

حول المضار التي تخلفها السجائر المهربة على صحة الفرد أكد السيد سامي العبيدي أخصائي في أمراض الصدر والحساسية في تصريح خص به ايلاف ان هذه السجائر المهربة والتي تباع على قارعة الطريق إنما هي سموم تهدد صحة المستهلك وصحة المستنشق المدخن السلبي الذي يتعرض إلى أمراض خطيرة بسبب استنشاقه للدخان السجائر في المناطق المغلقة ويقول إن هذه السجائر تكون عادة مستوفية لمدة الصلوحية كما تكون معروضة بطرق عشوائية ودون رقابة وهي بالأساس مضرة لصحة الشباب المبتدئين في التدخين وخاصة الفتيات الأكثر عرضة إلى التغيير في لون بشرتهن وصوتهن هذا إلى جانب المدة الزمنية الطويلة نسبيا التي يقضيها المنتوج بالسوق الموازية حتى يصل إلى المستهلك علاوة على تأثير العوامل الطبيعية في المنتوج الذي يعتبر سريع التأثر بالرطوبة خاصة.

وقال إن المستهلك التونسي صنف كأول مستهلك للسجائر في الوطن العربي حيث يفوق عدد المدخنين بتونس 4 ملايين مدخن منهم 21% من صنف الإناث اللواتي تتراوح أعمارهن بين 17 و64 سنة.

وأكد الدكتور العبيدي أنه يجب التوقي من هذه الممارسات الغير مسؤولة والتي تتمثل في الإقبال بدون وعي على اقتناء هذه السجائر المضرة والتي ساهمت بعدة دول في قتل العديد من الأشخاص دون وعي منهم.

تراجع المبيعات

من جهته أكد السيد محمد صالح الشابي المدير العام لوكالة التبغ و الوقيد أن نسبة تهريب السجائر عبر المعابر الحدودية للبلاد تجاوزت 20 بالمائة من المبيعات الجملية للتبغ و هي نسبة مرتفعة جدا أدت إلى تراجع مبيعات الإنتاج المحلي، وأكد انه ورغم مساعي مصالح الديوانة وسلطة الإشراف على قطاع التبغ من السيطرة على منافذ العبور وإيقاف الشبكة التي تقف ورائها فان العديد من الماركات الأجنبية المهربة اقتحمت الأسواق التونسية بشكل ملفت للانتباه وتباع بشكل دائم ومستمر في الأسواق وعلى الأرصفة وبأسعار زهيدة تشجع المستهلك على اقتنائها وتساهم في تدهور صحته وصحة الاقتصاد الوطني، مشيرا إلى أن بيع السجائر المحلية يوفر للدولة عائدات مالية هامة تتأتّى من الضرائب غير المباشرة الموظفة على التبغ و المقدرة بـ76 بالمائة.

كما أشار الشابي إلى أن تراجع مبيعات الإنتاج المحلي كان له انعكاس سلبي خاصة على الدولة لان عائداتها متأتية بالأساس من المعلوم الجبائي.

يذكر في هذا الشأن إن قطاع التبغ ومواد الاختصاص يشغّل 80 ألف شخص بين مزارعين وباعة وموزعين ويساهم بـ8% في ميزانية الدولة ويرجع هذا القطاع بالنظر إلى وزارة المالية والوكالة الوطنية للتبغ والوقيد وهي مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المدنية وتتمتع برأسمال قدره 3,5 مليون دينار وذلك حسب ما جاء في الموقع الخاص بالمؤسسة.

وتستغل كل من الوكالة ومصنع التبغ بالقيروان مزارع فلاحية تمسح 1900 هكتار وفرت جميعها محصولا وصل إلى حدود 2541 طنا من التبغ. وتصل طاقة إنتاج الوكالة من السجائر 320 مليون علبة سنويا، أي ما يعادل 27 مليونا شهريا، مما يقابل 900 ألف علبة يوميا. وتصنع الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد 9 أنواع من السجائر منها 5 نوعيات من فئة العلب اللينة و4 أنواع من فئة العلب المقوى و5 أنواع من السيجار ونوعيتان من تبغ الاستنشاق ونوعية من تبع الغليون.