إزدحام لملء قوارير الغاز في مصر |
تصطف الحشود في القاهرة لملء القوارير الحديدية بغاز الطهي المدعوم، التي يتوجهون لاحقاً لبيعها في السوق السوداء، على أمل أن تساعدهم الأرباح في تحمل تكاليف العيش في ظل ارتفاع الأسعار.
إعداد لميس فرحات: الرجال يدحرجون قوارير الغاز على طول الطرقات المعفرة بالتراب، فيما تتوجه النساء برفقة بناتهن لشراء غاز quot;البروبانquot; الذي يستخدم عادة للطهي بأسعار بخيسة، ثم ينقلن القوارير بمساعدة بعض الصبية على الدراجات الهوائية التي تميل تحت الحمل الثقيل، أو بواسطة الدواب.
في هذا السياق، نقلت صحيفة quot;لوس أنجلوس تايمزquot; عن سميرة أحمد علي، التي تملأ قارورة الغاز المدعوم ثم تقوم بتهريبها إلى السوق السوداء، قولها: quot;لدي خمسة أبناء. زوجي مات، وهذا ما أفعله كي أعيش وأطعم أولاديquot;، مشيرة إلى أنها تملأ قارورة الغاز بـ 7 جنيهات (1،16 دولار) ثم تسرع لبيعها بقيمة 9 جنيهات (1.49 دولار).
واضافت: quot;لم أستطع بيع شيء يوم أمس، لكن اليوم استطعت الحصول على 10 جنيهات وأنا سعيدة فهذا أفضل ما يمكن أن نأمل فيه. إذا لم أؤمن المال، فسأضطر إلى تنظيف المنازل وإزالة الأوساخ عن السجادquot;.
تقف سميرة إلى جانب محاسن صالح التي بدورها تفعل ما في وسعها لتأمين لقمة العيش، فتقول: quot;أنا أبيع الغاز، والمواد الغذائية والخضروات والأغنام. بالكاد جنيت بعض المال خلال الأيام الأخيرة. المال بدأ ينفذ من الناس ولا أحد يستطيع الشراء. الوضع اليوم أسوأ من أي وقت مضىquot;.
أما في العاصمة، وتحديداً أروقة الحكومة، فتستمر المعركة على السلطة في مصر، بعد مرور أكثر من عام على الثورة التي أدت إلى خلع الرئيس السابق حسني مبارك، وبعد قطع العديد من الوعود التي لم تنفذ حتى اليوم.
وعلى الرغم من إسقاط النظام الفاسد، والعمل على انتخاب رئيس جديد في الشهر المقبل، إلا أنه من المستبعد ان توقظ هذه الوعود بارقة الأمل بالتغيير نحو الأفضل في هذا الحي الذي يقع أسفل المنحدرات، حيث يتم فرز القمامة وفصل وتشكيل العلب المعدنية.
يأتي السكان عند الفجر، بخطوات يثقلها اليأس، فيصطفون قبالة الحائط الملون، في انتظار فتح الباب لهم لشراء الغاز، لكن التضخم واكتناز ونقص الغاز أدى إلى ارتفاع سعره إلى نحو 30 جنيهاً للأسطوانة.
وتحوّلت عملية تأمين الغاز وبيعه في السوق السوداء إلى مغامرة قد تقتل صاحبها، ولا سيما أن رجلين قد توفيا في تبادل لإطلاق النار بين العائلات المتنافسة على بيع القوارير، فيما قتل صبي رمياً بالرصاص بعد أن تجاوز أحد الرجال في خط الانتظار.
وأشارت الصحيفة إلى أن الفقراء لا يؤمنون بأن الخطابات السياسية يمكن أن تحدث تغييراً في مجتمعاتهم وتحسن واقعهم المعيشي المر. فتقول سميرة: quot;أنا لا أؤمن بالسياسيين أو حتى بالقانون بعد الآن، فقد ضربني الشرطي لأني أبيع الغاز، كما ضرب شرطي آخر طفلي. الأمور لن تتحسن. لقد انهار كل شيء. ما حدث هو ثورة سوداء. ضاع كل شيءquot;.
تغضب محاسن وترفع اصابعها الأربعة في إشارة إلى السعر: quot;الطماطم التي كان ثمنها جنيهاً واحداً اصبحت اليوم بـ 4 جنيهات. كنا نشتري الأرز ب،2.5 جنيه أما اليوم فيكلفنا 5 جنيهات. أما أنا، فأملك 2 جنيه لإطعام ثمانية أطفال:، ثم تشيح بوجهها بعيداً لتغرق في البكاء.
في القاهرة، لكل وجه قصة، تحكي معاناة تعكس بدورها أوجه القصور في أي دولة.
تقول سامية محمد زكريا: quot;الشرطة العسكرية أخذت ابني قبل عام واحد، وحكمت عليه بالسجن لمدة سبع سنوات في سجن في الإسكندرية. كان يبيع الأدوات ليؤمن لنا المالquot;، مشيرة إلى أن زوجها رسام لكن منذ اندلاع الثورة خف الطلب على هذه المهنة، كما أنه يعاني مشكلة في بصره ويحتاج إلى عملية جراحية.
وأضافت سامية: quot;اضطررت إلى المجيء إلى هنا لتعبئة الغاز لأبيعه في السوق السوداء حتى نتمكن من دفع الإيجار والديون وتسديد أقساط الأطفال المدرسيةquot;.
التعليقات