بعد أشهر طويلة من الجدال، توصل القادة الحكوميون إلى إستراتيجية جديدة تعني بالحيلولة دون تفاقم الاضطرابات في منطقة اليورو، لكن السؤال الذي رأت وسائل إعلام وتقارير صحافية أنه يطرح نفسه الآن هو ذلك المتعلق بمدى تقبل الأسواق لتلك الخطة.


القاهرة: قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية أن وزراء المالية، الذين اختتموا اجتماعاتهم في واشنطن يوم أمس، يأملون أن تنجح مساعداتهم المالية الجديدة في إقناع المستثمرين بأن الحكومات تحظي بالقوة المالية اللازمة لمواجهة الأزمة.

وقالت الصحيفة إن تلك المساعدات الحاضرة في صورة أموال متراكمة قد تستخدم في تقديم قروض طوارئ للحكومات المعرضة لخطر العجز عن سداد ديونها بسبب ارتفاع تكاليف الاقتراض. وإذ يأمل الوزراء حالياً منع ارتفاع تكاليف الاقتراض لتلك المرحلة.

ومع هذا، نوهت الصحيفة إلى أن المسؤولين يواجهون قيوداً ضخمةً بشأن الطريقة التي قد يتم من خلالها توزيع الأموال وشكوكاً قائمةً من جانب المستثمرين بشأن ما إن كانت الأموال كافية أم لا. وأعقبت بقولها إن الاختبار المتعلق بهذا الأمر قد يأتي سريعاً، في ظل تصاعد تكاليف الاقتراض بالنسبة لكل من اسبانيا وايطاليا خلال الأسابيع الأخيرة، وتحضر المصارف الأوروبية لخفض تصنيفاتها الائتمانية، واحتمالية أن تُجدِّد الانتخابات بفرنسا واليونان الشكوك بشأن التعهد بإجراء تخفيضات مؤلمة في الميزانية والقيام في الوقت ذاته كذلك بمجموعة من الإصلاحات الإقتصادية.

وفي مقابلة مع الصحيفة، قال ايوالد نووتني، محافظ البنك المركزي النمساوي quot; لا يمكنك أن تعرف مطلقاً ما إن كان سيتم اختبار أوروبا مجدداً أم لا. لكن عليك أن تستعد على أية حالquot;.

وذكرت الصحيفة أن خطتي المساعدة الكبيرتين، اللتين تتمثلا في زيادة الأموال الجديدة لقدرة صندوق النقد الدولي الإقراضية إلى حوالي700 مليار دولار ودعم أوروبا بحوالي 925 مليار دولار، تهدفان إلى توفير أموال كافية لطمأنة الأسواق بأن الحكومات لن تتعثر في محاولاتها لسداد الديون المتراكمة عليها. بيد أن الصحيفة أشارت إلى أن هذه الأموال، نتيجة لقيود سياسية، أصغر بكثير مما كان يسعى إليه المسؤولون في الأساس حين قيَّموا التهديدات الاقتصادية على مدار العام الماضي.

وبسؤالها الأسبوع الماضي عما إن كان تراكم الأموال الجديد لصندوق النقد الدولي سيكون كافياً، قالت المديرة، كريستين لاغارد، إنه لابد وأن يكون كافياً. وتابعت الصحيفة بإشارتها إلى أن المعارك المقبلة قد تتمركز على الطريقة التي يمكن من خلالها توزيع الأموال الجديدة إن اقتضى الأمر. فيما شكك محللون في أن الأموال ستكون كافية إن زادت تكاليف الاقتراض في اسبانيا وايطاليا ndash; وهما اثنان من أكبر الاقتصاديات في منطقة اليورو ndash; لدرجة تستدعي تحصلهما على خطط إنقاذ ومساعدة.

ومع هذا، أشارت الصحيفة إلى أن الاستفادة من أموال صندوق النقد الدولي ستكون كذلك بمثابة المهمة الصعبة. حيث سيقتضي طلب أي دولة من الدول المتعثرة الحصول على مساعدة إجراء تصويت منفصل بمجلس إدارة صندوق النقد الدولي، الذي يمثل الحكومات المشتركة في عضويته والتي يقدر عددها بـ 188 حكومة.

ومازال كثير من كبار حملة أسهم صندوق النقد رافضين بشدة لمسألة تقديم الصندوق مزيداً من الأموال لمنطقة اليورو المكونة من 17 دولة بعد دعمه بالفعل لخطط إنقاذ كبرى تم تقديمها لليونان وأيرلندا والبرتغال. ثم لفتت الصحيفة إلى أن كثير من المسؤولين الدوليين في واشنطن اعترفوا بأن الأموال ستكون ضئيلة للغاية إذا لم يعتقد المستثمرون أن الحكومات المستقبلة ستقوم بإصلاحات ضرورية، كخفض الميزانية وإجراء إصلاحات هيكلية، لجعل اقتصادياتها أكثر تنافسية.

وفي هذا الإطار، قال ماريو دراغي محافظ البنك المركزي الأوروبي :quot; ما لم تبقى الحكومات على نفس نهج أوروبا المتعلق بالتقشف والإصلاحات الاقتصادية الهيكلية، فلن تكون هناك من قوة كافية للتأقلم مع تقلبات السوق التي لا مفر منهاquot;.

وختمت ستريت جورنال بقولها إنه وارتكازاً على التجارب الماضية طوال مراحل الأزمة، فإنه من غير الوارد أن تقتنع الأسواق بالإجراءات التي قامت بها الحكومات مؤخراً. وان واصلت اقتصاديات اسبانيا وايطاليا انكماشهما، فسيرتفع عبء الديون الملقى على كاهلهما حتى وإن اتخذا تدابير صارمة لخفض الإنفاق الحكومي وزيادة عائدات الضرائب. وقال اقتصاديون لدى مصرف كوميرتسبنك الألماني quot; لا تزيد أموال صندوق النقد الإضافية بكثير عن كونها مهدئ للأسواق، في وقت تتزايد فيه الشكوك لدى المستثمرين بخصوص الاحتمالات المستقبلية لاسبانيا وايطالياquot;.rlm;