تناولت صحيفة quot;لوس أنجلوس تايمزquot; الوضع الإقتصادي المتردي في إيران على خلفية العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة، واصفة المرحلة التي تمر بها الجمهورية الإسلامية بـ quot;الربيع الأسود الايرانيquot; لأن استمرار هذا الوضع سيجعل المستقبل الإيراني قاتماً أكثر فأكثر.الدليل على تدهور الوضع الإقتصادي والمعيشي للإيرانيين يبدو جلياً في الحادثة الغريبة التي تعرض لها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد عندما كان في جولة وصرخ أحد الإيرانيين في وجهه quot;أنا جائع...أنا جائعquot;. وسرعان ما انتشر الفيديو في وسائل الإعلام، إذ اعتبر العدد الأكبر من الايرانيين هذا الرجل الجائع بمثابة رمز للنضال اليومي في محاولة مواجهة ارتفاع الأسعار وتكاليف المعيشة.


إعداد لميس فرحات: أشارت الصحيفة إلى وجود عوامل إضافية تؤدي إلى تزايد الاستياء بين الإيرانيين، فالحكومة تعاني ضائقة مالية منذ فترة طويلة مما أثر على دعم الوقود والسلع الأساسية، بعد عقوبات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على البنك المركزي الإيراني وصناعة النفط. ونتيجة لإصرار إيران على استكمال برنامجها النووي المثير للجدل، من المتوقع أن يزداد الوضع سوءاً خصوصاً فى ظل تراجع قيمة العملة الإيرانية (الريال).ويلقب أصحاب الأعمال والمحال التجارية الفترة التي تلت السنة الفارسية الجديدة بالربيع الأسود لأنها تتميز ببطء في حركة العمل والركود الإقتصادي في البلاد. لكن من المتوقع أن يكون الربيع الأسود أكثر قتامة في ايران ويستمر لفترة أطول من المعتاد، وربما حتى نهاية تموز/يونيو.


ونقلت الصحيفة عن ماجد، صاحب محل تنظيف في غرب طهران (40 عاماً) قوله: quot;هذا العام، العمل فيه محكوم عليه بالفشل، إذ يمكننا القول إنه أكثر سواداً من المتوقعquot;. الوضع الإقتصادي سيء إلى حد أن الشكوى والتذمر لا يقتصران فقط على عامة الشعب، إذ انضم البعض في الحكومة ورجال الدين إلى جوقة التأفف، إما تعاطفاً مع المواطنين أو قلقاً من أن الوضع يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية.كتب آية الله محمد يزدي، وهو عضو قيادة رجال الدين الذي يرأس جماعة دراسية في مدينة قم المقدسة، رسالة مفتوحة في الآونة الأخيرة لأحمدي نجاد اشتكى فيها من ارتفاع الأسعار، مشيراً إلى أن الناس يشعرون بالاحباط بشكل متزايد بسبب التدهور الاقتصادي.

وكتب يزدي في رسالة نشرها موقع الأنباء الإيرانية: quot;من الواضح إذا ما استمر هذا الوضع، فإن الشعب الضعيف في مجتمعنا الإسلامي، وهو الصاحب الحقيقي للثورة، سوف يواجه مشاكل خطيرةquot;، وحث نجاد للتشاور مع خبراء الاقتصاد وخبراء المال حول كيفية حل المشكلة. في اليوم التالي نشرت صحيفة quot;شارغquot; الإيرانية في الصفحة الأولى عنواناً: quot;رجال الدين يصرخون ضد ارتفاع الاسعار.quot;

يشار إلى أن رجال الدين يلعبون دوراً مؤثراً في الحياة السياسية الايرانية، ولديهم القدرة على الضغط على الحكومة لاتخاذ إجراءات لتخفيف المشقة على الشعب، ورفع الأعباء المعيشية عن كاهلهم.
واعتقد البعض أن انخفاض قيمة الريال على رأس المشاكل المالية في البلاد حالياً، قد يكون حافزاً للتفاوض مع القوى الغربية لتخفيف العقوبات. لكن بدلاً من ذلك، يدعي الزعماء الإيرانيون أن العقوبات لم يكن لها أي تأثير. في هذه الأثناء، يتزايد الإحباط بسبب ارتفاع الأسعار بين الايرانيين العاديين، وقد بدأ بعضهم في التحدث عن تنظيم الاحتجاجات.

يوم الخميس الماضي، تجمع ما يقاربالـ 100 شخص في جامعة طهران للاحتجاج على خفض الدعم، وقال بعض الشهود إنه تم اعتقال العديد من المتظاهرين الشباب. وعلى الرغم من أنالاستياءقد يؤدي إلى مظاهرات في بعض الأحيان، إلا أنه من غير المحتمل أن تؤدي هذه العوامل إلى أي تعبئة على الصعيد الوطني، في جزء منه بسبب عدم وجود منصة موحدة لأولئك الذين يطلبون المساعدة. في سوق طهران في الآونة الأخيرة، كانت امرأة أربعينية تشتري الخضار بعناية. تقول: quot;ارتفعت الأسعار بشكل جنوني إلى درجة أن المشرعين ورجال الدين، وحتى الحكومة نفسها، كلهميشكونquot;.
وأضافت ساخرة، في إشارة إلى مثل فارسي يقول: quot;الطعام مالج جداً إلى درجة أن الطباخ نفسه يدرك ذلكquot;.