يشترك قادة العالم الذين حثوا قبل بضعة أيام المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على التراجع عن نهجها الذي لا يرحم في التعامل مع المشكلات الاقتصادية التي تعانيها أوروبا في ثمة شيء، هو أنهم لا يقدمون أي إجابات أو إفادات للناخبين الألمان.


القاهرة: وسط نكسة صاخبة بشكل متزايد على خطة التقشف التي تدعمها ألمانيا، بدت ميركل منعزلة خلال النقاشات التي دارت في قمة مجموعة الثماني بكامب دافيد بشأن تزايد معدلات البطالة في القارة العجوز واستمرار المعاناة الاقتصادية. لكنها بقيت وفية للرأي العام في بلادها، حيث تقف البطالة عند أدنى مستوياتها منذ عقود ولازالت سياساتها المتشددة تحظي بشعبية وسط اعتقاد أن الدين الأوروبي المفرط هو سبب الأزمة.

ونوهت في هذا الصدد اليوم صحيفة واشنطن بوست الأميركية إلى أن أعداد متزايدة من الألمان، أكثر من ذي قبل، باتوا مستعدين لتقبل فكرة خروج اليونان من الاتحاد الأوروبي.

لكنها شددت في السياق ذاته كذلك على أن تلك الاحتمالية ستزيد من حدة متاعب باقي البلدان الضعيفة وستخلق رياحاً معاكسةً لتعافي الولايات المتحدة البطيء، وهي الاحتمالية التي تثير قلق الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في عام الانتخابات الحالي.

أنجيلا ميركل

وأعقبت واشنطن بوست بقولها إن ميركل تسير على نحو متزايد فوق حبل مشدود لربط الأولويات الداخلية لألمانيا بالأولويات الدولية. ورغم تقديمها تنازلات للقادة الذين يفضلون حفز النمو على التخفيضات، إلا أنها رفضت مقترحات أكبر في النطاق لدعم الدول المتعثرة، وهي التدابير التي ستناقش غداً في اجتماع طارئ لقادة منطقة اليورو.

وأشارت الصحيفة إلى أن الاقتراح الأبرز هو الذي يتبناه الرئيس الفرنسي الجديد فرانسوا أولاند باعتباره خطوة كبرى نحو إعادة ثقة المستثمرين مرة أخرى في دول مثل اسبانيا وايطاليا. وهو ما رفضه حلفاء ميركل يوم أمس بشكل قاطع. وفي تصريحات أدلى بها لإذاعة دويتشلاندفونك، قال نائب وزير المالية الألماني، ستيفن كامبيتر، إن سندات اليورو ستكون وصفة طبية في الوقت غير المناسب ولها آثار جانبية خاطئة.

وقال وزير المالية الفرنسي، بيير موسكوفيتشي، للصحافيين يوم أمس الاثنين في برلين، بعد لقائه مع نظيره الألماني، فولفغانغ شويبله، إن quot; أوروبا بحاجة إلى إرسال إشارات لزيادة الاستثمار والنمو في اليونان وهي تواجه الآن موجة ركود حادةquot;.

ومع هذا، أوضحت الصحيفة أن النهج الذي تتبعه ألمانيا مع القضايا الأصغر في النطاق يتسم بلينه مع جيرانها. وقد اتخذت برلين خلال الأسابيع الأخيرة عدة خطوات ترمي من ورائها إلى تخفيف العبء على البلدان الأوروبية التي تعاني من ركود بطرق تكون خاضعة لرقابة الناخبين الألمان، الذين لم يقفوا إلى جوار حزب ميركل، الاتحاد الديمقراطي المسيحي، في الانتخابات التي شهدتها البلاد خلال الآونة الأخيرة.

وقد تحققت إحدى النتائج الجيدة، بعدما أعلن يوم السبت الماضي واحد من أكبر الاتحادات التجارية في ألمانيا وإحدى مجموعات أصحاب العمل أنهما توصلا لاتفاق يقضي بزيادة أجور عمال المعادن البالغ عددهم 3,6 مليون عامل في ألمانيا بنسبة 4,3 %.

وأضافت الصحيفة أن تلك الخطوة، التي اتخذها القطاع الخاص ووافق عليها بهدوء صناع القرار في ألمانيا، جاءت لتمهد الطريق أمام زيادة الأجور في أكبر اقتصاديات القارة.

ومضت الصحيفة تنقل عن أولريكه غويروت، رئيس مكتب برلين للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، قوله :quot; ميركل محاصرة. ويمكنها قبول أشياء صغيرة، لكن لا يمكنها المجاهرة بتقبلها. وقد تحب أن تفعل ذلك، لكن الرأي العام الألماني غير مستعد للمنعطفquot;. وتابع غويروت بالقول :quot; ونحن لا نأمل سوى أن تكون الأشياء الصغيرة كافية. والمشكلة هي أننا نواجه موقفاً قد يخرج عن نطاق السيطرةquot;.

وستجتمع ميركل بعد غد مع قادة المعارضة للضغط من اجل الموافقة بشكل سريع على الاتفاق المالي الذي سيلزم دول منطقة اليورو بفرض ضوابط صارمة على الاقتراض والإنفاق.