عمان:يتجه الأردن لرفع أسعار بعض السلع الحيوية في محاولة للحيلولة دون تفاقم الأزمات في اقتصاده المتردي، وسط توقعات بتجاوز ديونه 24 مليار دولار، في خطوة اعتبرت ldquo;خطيرة جداًrdquo; في بلد يشهد منذ نحو عام ونصف تظاهرات مطالبة بإصلاح سياسي واقتصادي.
وقال فايز الطراونة، رئيس الوزراء الأردني، أمام مجلس النواب مؤخراً، إن حكومته ldquo;تدرس بتمعنrdquo; رفع تعرفة الكهرباء وأسعار بعض المشتقات النفطية لتفادي ارتفاع عجز موازنة عام 2012، التي بلغت 9,6 مليار دولار إلى ما يقارب ثلاثة مليارات دولار. وحذر من أن ldquo;العجز سيرفع صافي الدين العام إلى حوالي 17,5 مليار دينار (24,6 مليار دولار)rdquo; نهاية العام، بعد أن تجاوز خلال فبراير الماضي 21 مليار دولار مقابل نحو 18 مليار دولار خلال 2010. وأكد الطراونة أن ldquo;تصويب أوضاع المالية العامة للدولة يتطلب اتخاذ إجراءات وتدابير تمكننا من تجاوز هذه المرحلة الصعبة بأمانrdquo;، مشيراً إلى ldquo;إجراءات فورية كخطوة أولى نحو اعتماد برنامج وطني للإصلاح الماليrdquo;. ويتوقع أن يقود رفع تعرفة الكهرباء وأسعار بعض المشتقات النفطية إلى ارتفاع في أسعار عدة سلع أخرى في بلد يبلغ معدل دخل الفرد السنوي فيه حوالي 5900 دولار فقط، فيما سجل التضخم عام 2011 نحو 6,5%.
واعتبر جميل أبو بكر، الناطق الإعلامي لجماعة ldquo;الإخوانrdquo; في الأردن، أن رفع الأسعار يعد ldquo;خطوة خطيرة جداً يخشى معها أن تنفلت الأمورrdquo; في المملكة التي تشهد منذ يناير 2011 تظاهرات مطالبة بإصلاح سياسي واقتصادي ومكافحة الفساد. وقال أبو بكر إن ldquo;هذه الخطوة ستزيد حالة الاحتقان والتفجر الشعبي لأنها ستنتج إفقاراً جديداً للشعب الذي لم يقتنع بكل الإجراءات الحكومية ولا يثق بخططها للإصلاح الاقتصاديrdquo;. وأكد أن ldquo;الإصلاح الاقتصادي لن يتم إلا بإصلاح سياسيrdquo;، منتقداً ldquo;التقهقر في مسار الإصلاح السياسي إلى الخلف والتراجع عن الإصلاح الحقيقي الذي تمثل في الاستمرار بطريقة تشكيل الحكومات وقانون الانتخاب وعودة السطوة الأمنيةrdquo;.
وقررت الحكومة الأردنية السبت الماضي اقتطاع 20% من راتب رئيسها وأعضائها لصالح خزينة الدولة ضمن إجراءات تقشفية أخرى لتوفير نحو 300 مليون دينار أردني (حوالي 425 مليون دولار). لكن أبو بكر رأى أن ldquo;ما تم الإعلان عنه من إجراءات تقشفية لخفض النفقات الحكومية شكلية، أكثر منها إجراءات حقيقية على الأرضrdquo;.
من جانبه، رأى لبيب قمحاوي، المحلل السياسي، أن ldquo;هذا الصيف سيكون ساخناً لأسباب اقتصادية أولاً وسياسية ثانياً، ولكن في الأساس قوت المواطن بات في خطرrdquo;. وأضاف ldquo;استغرب طريقة تفكير الحكومة، لا أحد يضع نفسه في الزاوية ويأخذ مجموعة من القرارات السيئة في نفس الوقتrdquo;. وأعتبر أن ldquo;هناك إما غباء في تقدير تبعات هذا الإجراء أو محاولة لتحويل نظر الأردني من قضايا سياسية إلى قضايا اقتصاديةrdquo;، منتقداً ldquo;التوجه مباشرة إلى جيب المواطن رغم وجود قنوات أخرى لتعزيز دخل الدولةrdquo;. ودعا قمحاوي الحكومة إلى ldquo;تحصيل المال العام الذي سلبه الفساد على الأقل لسد عجز الموازنةrdquo;، مؤكداً أن ldquo;لجوءها لجيب (المواطن) غير مقنع ويؤدي إلى غضب شديد وثورة فـالأردني مثقل أصلاً بتضخم الأسعار وشح بالموارد والدخلrdquo;.
laquo;الاقتصاد ينزفraquo;
ويتفق المحلل الاقتصادي، يوسف منصور مع أبو بكر وقمحاوي ويرى أن ldquo;رفع الأسعار بالتأكيد سيؤدي إلى قلقلة في الشارع ويزيد من السخط العامrdquo;، معتبراً أنها ldquo;مخاطرة تدل للأسف على غباء وعدم تمرسrdquo;. وأشار إلى ldquo;توقعات بارتفاع التضخم هذا العام من 5% إلى 18%rdquo;، متسائلاً ldquo;إن كان أبناء الطبقة الوسطى يشعرون بالظلم فماذا تتوقع من أبناء الطبقة الفقيرة؟rdquo;.
وانتقد منصور ldquo;تصريحات الطراونة نفسه بأن (الاقتصاد ينزف)، وكأنها دعوة لعدم البيع أو الشراء مما يؤثر على استقرار الدينار ويضع الأردن في مهب الريحrdquo;. وأضاف ldquo;أن أرادت الحكومة استقراراً سياسياً فالأفضل أن تعمل على عدم رفع الأسعار في المرحلة الحاليةrdquo;. وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني كلف في 26 أبريل الطراونة (63 عاماً) تشكيل الحكومة الجديدة خلفا لعون الخصاونة الذي استقال بعد نحو ستة اشهر فقط من توليه منصبه لتنفيذ إصلاحات في البلاد.
وانتقدت وكالة التصنيف الائتماني الدولية ldquo;موديزrdquo; الشهر الماضي كثرة تغيير الحكومات في الأردن، معتبرة أنها ldquo;تؤثر سلباًrdquo; على التصنيف الائتماني لاقتصاد المملكة. من جانبه، قال طالب عوض، مدير قسم الدراسات الاقتصادية في مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، إن ldquo;جميع المؤشرات الاقتصادية سلبية في الأردن والخيارات أمام الحكومة صعبة جداًrdquo;. ودعا إلى ldquo;البدء بترشيد استهلاك الطاقة والحد من استخدام السيارات الكبيرة وإجراء إصلاحات اقتصادية تخفض الإنفاق الحكومي إلى النصف على الأقل إلى جانب فرض ضريبة دخل تصاعدية على الأرباحrdquo;.
ويقول المسؤولون الأردنيون إن تكرار انقطاع إمدادات الغاز المصري، الذي تعرض أنبوبه الناقل لتفجير في التاسع من الشهر الماضي هو الـ14 الذي يستهدف هذا الخط منذ فبراير 2011، سيكلف خزينة المملكة حوالي ملياري دولار سنوياً.
والأردن الذي يزيد عدد سكانه على 6,5 ملايين نسمة، ذو ldquo;دخل متوسط أدنىrdquo;، وفقاً لتصنيف البنك الدولي، وتقدر نسبة البطالة فيه وفقاً للأرقام الرسمية بـ14,3% بينما تقدرها مصادر مستقلة بـ30%. وسجل معدل التضخم في الأردن العام 2008 مستوى قياسياً بارتفاعه إلى 15,5% مقارنة مع 2007، إلا أنه انخفض خلال 2009 إلى 7% والى نحو 5% خلال 2010.
التعليقات