مدريد: نفى رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي امس الاثنين أن إسبانيا تخطط لطلب مساعدة من صناديق إنقاذ أوروبية لبنوكها المتعثرة ودعا الاتحاد الأوروربي 'لتبديد كل الشكوك بشأن اليورو'. قال راخوي إنه 'لن تكون هناك أي برامج إنقاذ للبنوك الإسبانية' وذلك على خلاف ما أوردته تقارير بأن الحكومة تدرس طلب مساعدة من الاتحاد الأوروبي. غير أن راخوي اعترف بأن ارتفاع تكاليف الاقتراض يجعل الأمر 'صعبا جدا' على البلاد للعثور على تمويل في الأسواق الدولية.

جاءت تصريحاته بعد أن وصلت علاوة المخاطرة للاستثمار في السندات الإسبانية - والتي يتم قياسها بالفارق بين عائد السندات الإسبانية ونظيره الألماني القياسي إلى مستوى 513 نقطة أساس (5.13').
قال رئيس الوزراء إن الاتحاد الأوروبي في حاجة لأن يوضح أن اليورو 'أمر لا رجعة فيه' داعيا إلى 'تحرك واضح ومؤكد ونشط' من أجل اليورو. كما دعا إلى إندماج مالي ونقدي وسياسي أكبر بين دول الاتحاد الأوروبي. وقال 'يجب على اوروبا ان تبدد كل الشكوك حول اليورو'. واضاف 'هناك شكوك كبيرة تسود منطقة اليورو وذلك يجعل من علاوة المخاطر في بعض البلدان مرتفعة جدا ولذلك من المهم جدا اصدار اعلان واضح حول عدم امكانية التراجع عن اليورو'. من جهة ثانية نفى راخوي أن تكون أسواق المال تتحرك كرد فعل على إنقاذ مصرف بنكيا رابع أكبر البنوك الإسبانية والذي طلب مساعدة حكومية بقيمة 19 مليار يورو (24 مليار دولار) يوم الجمعة الماضي. يأتي ذلك إضافة إلى 4.5 مليار يورو كان تم ضخها بالفعل في بنكيا بما يجعل قيمة إنقاذ البنك تصل لأكثر من 23 مليار يورو وهو ما يعد أكبر برامج الإنقاذ تكلفة على الإطلاق في إسبانيا. وأوضح راخوي أن إنقاذ بنكيا وإجراء إصلاحات مالية حكومية أخرى كان 'ممارسة للشفافية' ما خلق 'هدوءا'، متعهدا بمواصلة التركيز على خفض عجز الموازنة الإسبانية . غير ان راخوي بدا غير متأكد تماما بشان الديون العامة عندما دعا الى 'عدم الدخول في تكهنات' ذلك 'لاننا لم نتخذ بعد قرارا بشان الاجراء' الذي يجب المصادقة عليه من اجل دعم بانكيا، ثالث مصرف في البلاد من حيث عدد الاصول.

ويرى الاقتصاديون ان انقاذ الدولة مصرف بانكيا سيؤدي الى ارتفاع الديون الاسبانية الى اكثر من 79.8' من اجمالي الناتج الداخلي الذي تتطلع اليه مدريد مع نهاية 2012. كما يرى هؤلاء ان انقاذ مصرف بانكيا ادى الى زعزعة موقف اسبانيا في الاسواق المالية وزاد من احتمالات ان يلجأ الاقتصاد الرابع في منطقة اليورو الى طلب مساعدة خارجية لتمويل مصارفه.وكما كان متوقعا فتحت بورصة مدريد جلستها امس على انخفاض وانهارت اسهم بانكيا بنحو 30'. وفي دليل على الشكوك المحدقة بالمصارف الاسبانية، تأثرت حتى المصارف الاكثر متانة مثل سانتاندير او بي.بي.في.ايه.وقال مكتب الوساطة لينك سيكوريتيز انه 'يتعين ايضا الان تحديد طريقة تمويل عملية' انقاذ مصرف بانكيا و'هذه اللحظة هي التي ستشد اهتمام المستثمرين خلال الايام المقبلة' الامر الذي قد يزيد في زعزعة موقف اسبانيا في الاسواق.

ويفترض ان يتدخل الصندوق الحكومي للمساعدة، لكنه مع اقل من خمسة مليارات يورو ما زالت متوافرة لديه 'لا يملك المبلغ الكافي'، كما اشار محللو بانكنتر. وفي 'هذه الظروف تتمثل خطة الحكومة في تقديم المساعدة عبر ضخ ديون عامة مباشرة في مصرف بانكيا الام (بنكو فينانسييرو دي آوهوروس: مصرف الادخار المالي) لتفادي طرح ديون في الاسواق' من اجل الحصول على هذا المبلغ في حين ارتفعت فيه نسب الفوائد بالنسبة لاسبانيا بشكل كبير جدا. وبحسب هؤلاء المحللين، فان مصرف بانكيا قد يطلب من البنك المركزي الاوروبي مبادلة تلك الموارد مقابل سيولة، وهي طريقة تمويل غير مباشرة لانقاذ الهيئة الاوروبية. لكن ذلك لن يمنع الديون العامة الاسبانية من الارتفاع الى اكثر من 79.8' من اجمالي الناتج الداخلي الذي تتطلع اليه مدريد مع نهاية 2012.

وقال خوان خوسيه توريبيو الاستاذ في معهد الاعمال في مدريد 'في اخر خطوة هناك امكانية ان تلجأ الحكومة الى آلالية الاوروبية للاستقرار المالي'. لا سيما وان الفاتورة قد تتفاقم. وقالت صحيفة (الموندو) انه سيكون على الدولة ان تضخ ثلاثين مليار في 'كاتالونياكاخا' و'نوفاكاخاغاليسيا' و'بنكو دي فالنسيا' وهي ثلاثة مصارف وضعت ايضا تحت الوصاية بسبب الصعوبات التي تواجهها. وبذلك قد تبلغ الاموال العامة الضرورية للمصارف الاسبانية ما مجموعه خمسون مليار يورو، الامر الذي يثير شكوكا حول قدرة البلاد على توفير تلك الاموال بمفردها. واوضح مصدر حكومي لصحيفة الموندو (يمين وسط) انه اذا استمرت التوترات في الاسواق 'فقد تضطر اسبانيا الى طلب مساعدة الصندوق الاوروبي للاستقرار المالي'، وربما حتى من صندوق النقد الدولي.