تحرص كل من الأسواق المحلية والمواطنين العراقيين على حد سواء على ضمان نجاح البرامج والخطط الخاصة بشهر رمضان الكريم، وبين تاجر يسعى إلى توفير البضاعة المطلوبة، ومستهلك يستعد لشراء كل ما يحتاجه بأرخص الأسعار، فإن المعادلة تبدو غير متوازنة في الكثير من الحالات.


مع حلول رمضان.. أسواق العراق تتحول إلى معرض كبير للسلع الأجنبية

وسيم باسم من بغداد: بينما يشكو مواطنون عراقيون من أن أسعار السلع والمواد الغذائية بدأت ترتفع عن مستوياتها، فإن التجار يؤكدون أنهم يسعون إلى توفير البضاعة بأرخص الأسعار، وأن الزيادات التي تحصل في الأسعار سببها دول المنشأ والارتفاع الطبيعي لبورصة المواد الغذائية.
كما تشهد المراكز التجارية والأسواق زخمًا كبيرًا من قبل المواطنين، مع اقتراب شهر رمضان الكريم في كل مدن العراق.

وفرة وغلاء
يشير سعد حسن صاحب مخزن مواد غذائية في كربلاء (108 كم جنوب غرب بغداد) إلى أن هناك إقبالاً منقطع النظير على اللحوم والأرز والعصائر والأسماك والدجاج ومشتقات الألبان والتمور والعدس والفاصولياء من قبل المواطنين. ويتابع: تميز هذا العام بوفرة كبيرة من هذه المواد، مع ارتفاع في وتيرة أسعارها، لكن ليس بشكل حاد.

وحذر طارق الخيكاني رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس محافظة كربلاء التجار من رفع أسعار المواد الغذائية قبل شهر رمضان المبارك، مؤكداً أنه لن يسمح للتجار باستغلال المواطنين تحت أية ذريعة كانت. ولفت الخيكاني إلى تشكيل لجان ومفارز لمتابعة الأسعار خلال شهر رمضان.

تشير تجربة حسن إلى أن الأسبوع الأخير الذي يسبق شهر رمضان من كل عام، يشهد زخمًا كبيرًا، حيث يتهيأ الناس بشكل فعلي لتلبية احتياجات الصوم في الشهر الفضيل. ويركز المستهلك العراقي في الغالب عند التسوّق على السلع والمواد الأساسية، لاسيما بين محدودي الدخل حيث تحدّ الحالة المعاشية الميزانية المرصودة لتلبية حاجات الصوم الكمالية.

غني وفقير
وفي الوقت الذي تحرص فيه العائلات الغنية على رصد ميزانيات ضخمة لشهر رمضان الكريم، حيث تقام ولائم الإفطار الغنية، بما لذ وطاب من المأكولات والمشروبات، فإن المواطنين من ذوي الدخل المحدود، والذين يعانون ضيق ذات اليد، يميلون إلى اقتناء السلع الرخيصة الثمن، على الرغم منرداءة نوعيتها.

مآدب رمضانية عامة يقيمها أصحاب الخير للفقراء ومحدودي الدخل

لكنّ أبا كاظم العاطل عن العمل ليس في خطته التسوّق لشهر رمضان، بسبب الحاجة، مؤكدًا أنه يفطر في المآدب العامة التي يقيمها أصحاب الخير، وهي مآدب يرتادها في الغالب الفقراء ومحدودو الدخل. وفي غالبية مدن العراق، لاسيما المساجد والحسينيات والمراقد المقدسة، تقام موائد الإفطار.

اعتاد أبو حسن (تاجر) إقامة موائد إفطار مجانية لنحو عشرين شخصاً في مضيف بيته في مدينة الحلة مركز محافظة بابل (100 كم جنوب بغداد)، لذوي القربى من المحتاجين والفقراء. وتعرض المتاجر أنواعًا مختلفة من التمور التي تنال اهتمام الصائم في العراق، لكنّ معظمها مستورد، رغم أن العراق من أكبر البلدان المنتجة للتمور في العالم.

من جهة أخرى، يؤكد ضابط الشرطة أحمد حسين، أن الجهات الرقابية في بابل وكربلاء (108 كم جنوب غرب بغداد) وضعت يدها على الكثير من المواد المنتهية الصلاحية، حيث تباع بأسعار زهيدة. وبحسب حسين، فإن الظاهرة تتجدد مع كل رمضان، مما يطرح مخاطر على صحة المواطنين.

وأعلن مدير عام دائرة صحة محافظة بابل محمود عبد الرضا عن إتلاف نحو عشرين طنًا من المواد الغذائية غير صالحة للاستهلاك البشري، فيما فرضت غرامات مالية على تجار ومطاعم.

الخبير الاقتصادي جعفر حسين يشير إلى أن شهر رمضان يجب أن يكون فرصة لكي يعتاد المواطن على الانتباه إلى سلامة السلع، والتأكد من مصادرها، بغية محاصرة الفعاليات التي تستغل الشهر الفضيل لجني الأرباح عبر طرح سلع فاسدة في السوق.

سلع منتهية الصلاحية
رغم أن الرقابة على السلع الاستهلاكية تتضاعف قبل شهر رمضان وفي أثنائه، إلا أن ذلك لا يحدّ كثيرًا من تداول الأسواق للسلع المنتهية الصلاحية. لكن

سوق الشورجة وسط بغداد يستعد لحلول شهر رمضان

سعد القريشي (باحث اجتماعي) يؤكد أن المواطن العراقي اليوم يمتلك وعيًا استهلاكيًا، ويتنبه إلى المعايير الصحية، وليس سهلاً تمرير البضاعة السائدة، داعيًا إلى حماية المستهلك عبر وضع آليات صارمة، وقوانين تسهم في القضاء عليها.

يؤيد ليث حسين (تاجر) ما ذهب إليه القريشي في أن وعي المواطن العراقي يساهم كثيرًا في الحدّ من البضاعة الرديئة، حيث يستغل البعض شهر رمضان لتصريفها في الأسواق.

غير أن كريم الجبوري (صاحب مخزن)، يتألم كثيرًا لأن نحو خمسة وتسعين في المئة من السلع الغذائية في مخزنه هي بضائع أجنبية، حتى التمور منها، مما يشير إلى عدم قدرة الصناعة العراقية على توفير البضاعة المحلية للمواطنين.

وفي كل مدن العراق بدت الأسواق عبارة عن معارض للبضائع الأجنبية فقط. ويدعو الجبوري إلى أسواق خيرية، توفر السلع بأسعار مناسبة خلال الشهر الفضيل، للتخفيف عن المحتاجين والفقراء.