أكد خبير إقتصادي أن الوديعة القطرية التي منحت لمصر مؤخراً أعطت إقتصادها قبلة الحياة، وشجعت البنك الدولي على منح مصر المزيد من القروض، بالإضافة إلى رفع تصنيفها الإئتماني.

القاهرة: بينما تدور رحى الحرب على الإرهاب في سيناء، تواجه الحكومة المصرية الجديدة برئاسة الدكتور هشام قنديل العديد من الأزمات الطاحنة، لعل أخطرها على الإطلاق الأزمة الإقتصادية والمالية التي تمر بها مصر، لاسيما في ظل
حمد بن خليفة ومحمد مرسي
مماطلة صندوق النقد الدولي في منح مصر قرضًا بقيمة 3.2 مليارات دولار، وعدم وفاء العديد من الدول الخليجية بالتزاماتها في مساعدة مصر، وجاءت الوديعة التي قرر الأمير حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر إيداعها في البنك المركزي المصري، لتكون بمثابة القشة التي تعلق بها الغريق لإنقاذه، هذا وفقاً لما يراه خبراء الإقتصاد، مؤكدين أنها سوف تساهم في تحسين مركز مصر المالي ورفع تصنيفها الإئتماني، وبالتالي زيادة ثقة المستثمرين في اقتصادها، وتشجيع باقي الدول على مساعدتها، وضخ استثمارات فيها.
عجز الموازنة
ووفقاً للدكتور عادل عامر رئيس مركز المصريين للدراسات الإقتصادية والإجتماعية، فإن مصر تواجه أزمات مالية طاحنة، ومنها عجر الموازنة والتضخم وارتفاع الديون الداخلية والخارجية، وأضاف عامر لquot;إيلافquot; أن العجز وصل إلى 147 مليار جنيه خلال العام المالي 2011 - 2012 في ضوء ارتفاع مخصصات دعم الطاقة حيث يبلغ اجمالي دعم الطاقة بالميزانية حوالى 95.5 مليار جنيه وتقدر نسبته بحوالى 71 % من إجمالي الدعم في الموازنة العامة للدولة لعام 2011/ 2012 وهو ما يمثل عبئا كبيرا يقدر بنحو 19% من إجمالي الإنفاق العام و6% من الناتج المحلي الإجمالي. ويذهب الجزء الأكبر من دعم الطاقة إلى الصناعات كثيفة الإستخدام للطاقة والشرائح الغنية من المجتمع التي تستهلك المنتجات البترولية بصورة أكبر، ما يتطلب إيجاد بدائل لإصلاح منظومة دعم الطاقة.
التضخم والفساد
ويشير عامر إلى أن معدلات التضخم المرتفعة تشكل مشكلة عميقة تحتاج إلى إزالة تشوهات سعر الصرف واستهداف التضخم لتعزيز القدرة التنافسية للصادرات واحتواء التوقعات بارتفاع الاسعار، لافتاً إلى أن أسعار السلع الغذائية شهدت ارتفاعات متتالية على مدى السنوات القليلة الماضية نتيجة التشوهات السعرية الناجمة عن الممارسات الاحتكارية. وينبه عامر الحكومة الجديدة إلىأن حل الأزمة الإقتصادية يتطلب استصدار حزمة من الاجراءات الداعمة للاستثمار ومن بينها تشريعات تعزيز المنافسة والسوق الحرة والحوكمة ومكافحة الفساد والاحتكار. وتعزيز دور القطاع الخاص وزيادة معدلات الانفاق على مشروعات البنية التحتية، على أن تسير كل هذه الإجراءات بالتوازي مع إجراءات مكافحة الفساد، و تحقيق العدالة الاجتماعية التي تعتبر أهم أهداف ثورة 25 يناير.
البطالة
وأضاف عامر الأزمة الإقتصادية أخطر ما تواجهه الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور هشام قنديل، لاسيما في ضوء انضمام حوالى 700 الف شخص الى طابور العاطلين سنويا واغلاق اكثر من ألفي مصنع عقب ثورة يناير وتدني معدلات الاستثمارات الاجنبية المباشرة، مشيراً إلى أن الاحصائيات الرسمية تؤكد أن عدد العاطلين في مصر يبلغ 3 ملايين شخص بينما تشير إحصاءات لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس الشورى إلى أن الحجم الحقيقي يصل لنحو 14% وبما يعادل 12 مليون عاطل ويضاف إلى سوق العمل بشكل سنوي ما بين 700 إلى 750 ألفا من الأيدي العاملة الجديدة. ولفت عامر إلى أن الأزمة خطيرة، لاسيما في ظل عدم وجود مجال لزيادة معدلات التشغيل في القطاع العام في مصر في الوقت الراهن ما يتطلب تنفيذ برامج عمل طموحة لتعزيز نشاط القطاع الخاص.
التوقيت الصحيح
ولكن هل تنقذ الوديعة القطرية مصر من عثرتها المالية والإقتصادية؟ ويجيب الدكتور هشام عبد الخالق أستاذ الأقتصاد في جامعة القاهرة بالقول إن هذه الوديعة جاءت في التوقيت الصحيح، وأوضح لquot;إيلافquot; الإحتياطي النقدي في البنك المركزي إنخفض إلى 14.48 مليار دولار، ما يعني انخفاض التصنيف الإئتماني لمصر، مشيراً إلى أن الدول التي تقل عن 12 مليار دولار تدخل في التصنيف الخطر، وتضعها المؤسسات المالية الدولية موضعا لا يشجع على منحها قروضاً، ولفت إلى أن الوديعة القطرية بمبلغ 2 مليار دولار، بالإضافة إلى الوديعة السعودية التي بلغت مليار دولار التي منحتها المملكة لمصر الشهر الماضي، سوف تساهم في رفع تصنيف مصر الإئتماني، وبالتالي تحسين مستواه المالي، وتشجيع البنك الدولي على منحها القروض التي تطالب بها، ولفت عبد الخالق إلى أن مصر طلبت من البنك الدولي رفع قيمة القرض من 3.2 إلى 4.8 مليارات دولار بعد وضع الوديعة القطرية في البنك المركزي.
تحسين المركز المالي
وحسب وجهة نظر الدكتور وليد مهران مدير أحد المصارف المصرية والخبير المصرفي، فإن الوديعة التي تسلمت مصر منها مبلغ 500 مليون دولار، وسوف تتسلم باقي المبلغ 1.5 مليار دولار الشهر المقبل، سوف تقوي مركز مصر المالي وتصنيفها الإئتماني عندما يحضر وفد من البنك الدولي بعد عيد الفطر من أجل استكمال مفاوضات القرض الذي تريده مصر بمقدار 3.2 مليارات دولار، وأضاف مهران لquot;إيلافquot; أن مصر استبقت حضور الوفد وطلبت رفع القرض إلى 4.8 مليارات دولار، لاسيما في ظل ظهور بوادر استقرار إقتصادي، مع عودة الأمن وإنخفاض الإضرابات والإحتجاجات العمالية والفئوية بشكل واضح، ما يشجع الإستثمارات الأجنبية، ولفت إلى أن زيارة الرئيس محمد مرسي المقبلة للصين سوف تساهم في دفع عجلة النمو الإقتصادي أيضاً، معتبراً أن الوديعة القطرية ومن قبلها الوديعة السعودية تعكس ثقة البلدين في مصر وقدرتها على النهوض باقتصادها، وتؤدي في الوقت ذاته إلى زيادة ثقة رجال الأعمال والدول الأخرى في الإقتصاد المصري.
قبلة الحياة
وأكد الدكتور محمود كمال الخبير الإقتصادي أن الوديعتين القطرية والسعودية سوف تساهمان في منح الموقف المالي المصري قبلة الحياة، وأوضح لـquot;إيلافquot; أن الودائع أفضل من القروض، لاسيما أن الفائدة تكون منخفضة جداً مقارنة بالقروض، مشيراً إلى أن مصر إتفقت من قطر والسعودية على أن تكون الفائدة 1% فقط، ولفت إلى أن الخطورة تكمن في استخدام الودائع في سداد عجز الموازنة، مشدداً على ضرورة استثمارها في تنمية المشروعات الزراعية والصناعية، ما يؤدي إلى تشجيع الإستثمار وجذب رؤوس الأموال.