لا تزال آلاف مشاريع البنى التحتية التي أطلقت في ظل نظام الزعيم الراحل معمّر القذافي معلَّقة اليوم في ليبيا، حيث وباستثناء القطاع النفطي، لم تستأنف الشركات الأجنبية بعد نشاطها بعد أكثر من سنة على انتهاء النزاع.


طرابلس: تأخرت عملية إعادة الإعمار في الانطلاق بعد 15 شهرًا على انتهاء النزاع المسلح الذي أدى إلى الإطاحة بنظام القذافي، وخصوصًا بسبب انعدام الأمن في بلد يسعى جاهدًا إلى ضبط المجموعات المسلحة، التي تشكلت خلال الحرب، ولا يزال يفتقر إلى شرطة منظمة فعليًا أو جيش.

وهناك العديد من ورش البناء مقفرة حاليًا، وتم نهب المعدات من بعضها خلال النزاع. وهي خصوصًا مشاريع بنى تحتية في قطاعات الإسكان والاتصالات والصحة والتعليم والنقل.

فقد خلفت الشركة الصينية لبناء خطوط السكك الحديد على سبيل المثال ثلاث ورش في ليبيا، بينها خط السكك الحديد بين طرابلس وسرت، وقيمته أربعة مليارات دولار. الأمر نفسه ينطبق على شركة السكك الحديد الروسية، التي كانت تنفذ الخط بين سرت وبنغازي.

ومشاريع توسيع مطار طرابلس، التي كانت تقوم بها الشركتان الفرنسيتان فنسي ومطارات باريس، معلقة أيضًا، وكذلك عشرات مشاريع بناء المساكن والمراكز التجارية، التي تقوم بها شركات إسبانية وبرازيلية وتركية وتونسية خصوصًا.

وقالت الوزيرة المنتدبة المكلفة شؤون الفرنسيين في الخارج إيلين كونواي-موريه في طرابلس في الأسبوع الماضي إن quot;مسائل الأمن تلقي بثقلها على شركاتناquot;.

لكن انعدام الأمن ليس السبب الوحيد الذي يمنع الشركات الأجنبية من استئناف مشاريعها، فالعديد منها يطالب بتعويضات عن الأضرار التي لحقت به خلال النزاع، فيما هناك شركات أخرى متهمة بالفساد. وتعمل وزارة التخطيط منذ كانون الثاني/يناير 2012 على مراجعة أكثر من 11 ألف عقد بقيمة إجمالية تبلغ 110 مليار دولار.

وبحسب نائب وزير التخطيط علي أحمد صالح، فإن حوالى 220 مشروعًا ضخمًا تفوق قيمتها 80 مليون دولار، حددت قيمتها الإجمالية بحوالى 55 مليار دولار. وأضاف إن هذه المشاريع بحاجة quot;إلى إعادة تقويم شروطها التعاقديةquot;. واتهم صالح بعض الشركات بأنها ضالعة في قضايا فساد، وبأنها دفعت رشاوى لانتزاع عقود بمليارات عدة من الدولارات.

بحسب سيرج بدران المستشار الفرنسي المقيم في ليبيا، فإن quot;عودة الشركات الأجنبية رهن بمفاوضات مع السلطات حول شروط تعويضها عن الخسائر التي لحقت بها خلال النزاع.

وأكد أن quot;المفاوضات ستتناول أيضًا مراجعة الأسعار، التي ستحدد عملاً بالسوقquot;، رافضًا الاتهامات بالفساد، وموضحًا أن quot;الشركات الفرنسية كانت حذرة خلال توقيع عقود تراعي القوانين في فرنساquot;. وإذا كانت شركات أجنبية عدة لم تعد بعد إلى ليبيا، إلا أن الشركات النفطية لم تنتظر لفترة أطول.

واستعادت ليبيا، رابع منتج للنفط في أفريقيا، إنتاجها، الذي كانت تسجله قبل الحرب مع 1.6 مليون برميل يوميًا، بفضل العودة السريعة لشركات مثل توتال (فرنسا) وإيني (ايطاليا) وريبسول (إسبانيا) وويترشال (ألمانيا) وأوكسيدنتال (الولايات المتحدة).

وقال محمد الجد، المقاول التونسي في قطاع المحروقات، إنه استأنف أنشطته بعد انتهاء النزاع، مؤكدًا أن التعويضات لشركته quot;على طريق التسويةquot;.