تحقق السلطات البريطانية في مسألة إقراض بنك باركليز قطر مالًا لاستثماره في البنك، عندما دعا إلى رفده بسيولة نقدية في ذروة الأزمة المالية في العام 2008. وأسفر القرض عن تمكين البنك من تفادي تدخل الحكومة البريطانية لانقاذه.


تجري سلطة الخدمات المالية البريطانية ومكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة تحقيقًا في شروط حملة الطوارئ التي اطلقها بنك باركليز لجمع المال، منذ صيف العام الماضي، مع التركيز بصفة خاصة على العمولات المدفوعة مقابل هذه الصفقة. لكن الاتهامات المتعلقة بالقرض الذي منحه لقطر تعد خيطًا جديدًا في التحقيق، كما افادت صحيفة فايننشيال تايمز، نقلا عن مصدرين مطلعين على القضية.
ويمكن أن تشكل الصفقة، إذا تأكدت، خرقًا لضوابط السوق إن لم يُعلن عنها بحسب الأصول المرعية في حينه، كما حذر خبراء قانونيون وماليون. وقال بيتر هان، المصرفي السابق في سيتي بنك ويعمل الآن في كلية كاس للأعمال: quot;ان فكرة أن تقرض مستثمرًا لشراء أسهمك تثير سلسلة من الأسئلة الفورية عن المكاشفة وغيرها من القضايا المتعلقة بالضوابطquot;.
فضائح مجلجلة
يأتي الكشف عن صفقة القرض مع قطر بمثابة ضربة أخرى لمحاولات انتوني جينكنز، رئيس باركليز التنفيذي، لتحسين سمعة البنك التي تلوثت بفضائح مجلجلة، من فضيحة تحديد فائدة لايبور إلى مخالفات في مدفوعات التأمين.
وقالت صحيفة فايننشيال تايمز إن كريس لوكاس، المدير المالي لبنك باركليز، واحد من بين اربعة مدراء حاليين وسابقين يجري التحقيق معهم في حملة البنك لجمع المال.
يؤكد التحقيق وجود تحريات أوسع تجريها السلطات في انحاء العالم بشأن الصفقات التي عُقدت في ذروة الأزمة المالية، مع مستثمرين شرق اوسطيين وآسيويين، حين كانت البنوك الغربية تصارع للإفلات من قضايا التأمين وسيطرة الحكومة.

وطال التحقيق بنك ديكسيا الفرنسي - البلجيكي في العام 2011، عندما اتضح انه أقرض اثنين من أكبر المساهمين فيه مالًا لشراء أسهمه، في العام 2008.
وشمل تحقيق يجريه الادعاء العام الايسلندي في انهيار بنك كاوبتنغ قرضًا يُقال إن البنك قدمه سرًا إلى الأمير القطري الشيخ محمد بن خليفة آل ثاني في العام 2008، لتمويل شراء اسهم في كاوبتنغ. واتُهم اربعة ايسلنديين في القضية.
نجدة على مرحلتين
استنجد بنك باركليز بشركة قطر القابضة التابعة لهيئة الاستثمار القطرية ومجموعة تشالنجر الاستثمارية، التي يملكها الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني رئيس لوزراء القطري، مرتين في العام 2008 لجمع 6.1 مليار دولار.
ويتولى الشيخ حمد رئاسة قطر القابضة ايضًا. ولم توجه اي تهمة إلى الشيخ حمد أو إلى شركة قطر القابضة بارتكاب مخالفات، فيما امتنع محاميهما في شركة ستيفنسن هاروود والمتحدث باسمهما عن التعليق. وكذلك امتنعت سلطة الخدمات المالية ومكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة عن التعليق، كما افادت صحيفة فايننشيال تايمز.
وقال بنك باركليز إن تحقيق السلطات في القضية مستمر، ممتنعًا عن تأكيد أو نفي ما كُشف عنه بشأن القرض المالي لقطر.
وكانت دعوة البنك الأولى إلى رفده بالمال في حزيران (يونيو) 2008، اسفرت عن جمع 4.5 مليار جنيه استرليني، استثمرتها قطر القابضة وتشالنجر في البنك وفي صناديق سيادية أخرى، بينها مجموعة تامسيك السنغافورية. واسفرت الدعوة الثانية عما مجموعه 7.3 مليار جنيه استرليني، استثمرتها قطر القابضة وتشالنجر في البنك. ولا تُعرف هوية أي من المقترضين وحجم القرض المفترض.
قطر مستشارًا
وقال بنك باركليز إنه، في اطار شروط الدعوة الأولى إلى رفده بالمال، توصل إلى اتفاق تعمل سلطة الاستثمار القطرية في اطاره مستشارًا للبنك في الشرق الأوسط. وفي تشرين الأول (اكتوبر) الماضي، قال البنك إن قطر القابضة ستتلقى 66 مليون جنيه استرليني مقابل ترتيبها بعض الاشتراكات في جمع المال.
وكان بنك باركليز كشف عن التحقيق الذي تجريه سلطة الخدمات المالية البريطانية، حين اعلن نتائج ادائه المالي في تموز (يوليو) الماضي، مضيفًا أن مديره المالي لوكاس يخضع للتحقيق مع ثلاثة مدراء سابقين وحاليين.
الثلاثة الآخرون هم جون فارلي رئيس باركليز التنفيذي السابق، وريتشارد بوث رئيسه المالي المشارك في اوروبا والشرق الأوسط وافريقيا، وروجر جنكينز الرئيس السابق لقسم الاستشارات الضريبية في البنك.