يفضل الإماراتيون العمل في القطاع الحكومي حيث الراتب أكبر وأيام الإجازة أكثر. وأكد عدد من الإماراتيين، استطلعت quot;إيلافquot; آراءهم، رفضهم العمل في القطاع المصرفي بسبب هيمنة الأجانب على الوظائف القيادية.


تزايدت ظاهرة الاستقالة من العمل في القطاع المصرفي والمالي في الإمارات خلال العامين الأخيرين، واقترب عددها من 3000 استقالة تقريبًا، توزعت ما بين استقالات من البنوك ومن شركات التأمين ومن شركات الصرافة والتمويل.

ويتكون القطاع المصرفي من 4 قطـاعات مختلفة هي المصارف، والصرافة، والتأمين، والتمويـل، ويزيد إجمـالي عدد العـاملين في المصارف عن 36 ألف موظف وموظفة، منهم ما يقترب من حاجز الـ 13 ألف إماراتي بنسبة 35٪، يليه قطاع الصرافة بإجمالي 8394 موظفاً، منهم ما يزيد عن 400 مواطن ومواطنة يشكلون 5٪، فيما بلغ إجمالي عدد العاملين في قطاع التأمين 7330 موظفًا وموظفة، منهم نحو 500 مواطن ومواطنة بنسبة 7٪، وفي قطاع التمويل 1251 موظفاً وموظفة منهم نحو 130 مواطنًا ومواطنة بنسبة 10٪ تقريبًا.

هذا ولا تزال نسب التوطين في القطاع المصرفي والمالي دون المستهدف بنسب كبيرة، إذ إن أكثر من 40 شركة صرافة في الدولة تخلو من الإماراتيين، كما تقل نسبة التوطين لدى ثلث المصارف عن 20٪.

تحديات التوطين

واستطلعت quot;إيلافquot; آراء عدد من المواطنين الإماراتيين حول مدى رغبتهم في الانضمام إلى العمل فى القطاع المصرفي في الدولة، وقد أكد الكثير منهم رفضهم للعمل في هذا القطاع لعدة أسباب وتحديات من أهمها، أن هناك هيمنة كبيرة من قبل أصحاب الجنسيات الأجنبية على معظم القطاعات الرئيسية والهامة في ذلك القطاع وتعمل هذه الهيمنة على استقطاب ذويها، ومن ثم تهميش المواطن الإماراتي ودفعه إلى الاستقالة.

كما أن عدد أيام الإجازات الأسبوعية والسنوية في هذا القطاع المصرفي قليل مقارنة بالقطاع الحكومي في الدولة، حيث أن القطاع المصرفي يعمل على مدار 6 أيام في الأسبوع مقارنة بـ5 أيام فقط في القطاع الحكومي، هذا علاوة على أن موظف القطاع المصرفي يحصل على إجازة سنوية تقدر بـ30 يوماً أي شهر فقط، مقابل حصول الموظف الحكومي على 30 يوم عمل غير متضمنين أيام العطلات (الجمعة والسبت) أي أنه يحصل على 40 يوم إجازة سنويًا.

وأشاروا أيضًا إلى التفاوت الكبير في الرواتب بين العاملين في القطاع المصرفي والعاملين في القطاعين الحكومي الاتحادي والحكومي المحلي خاصة في أبوظبي ودبي، هذا فضلاً عن أن المواطن في القطاع الخاص يحصل على بدل تقاعد ضئيل جدًا مقارنة بما يحصل عليه في القطاع الحكومي، حيث أن بدل التقاعد في القطاع الخاص لا يزيد عن خمسين ألف درهم شهريًا، وفي المقابل يكون السقف مفتوحًا أمام العاملين في القطاع الحكومي.

عمل غير مرغوب فيه

وقال راشد الغانم إن العمل في القطاع المصرفي مرهق جدا مقارنة بالعمل في القطاع الحكومي، وفي المقابل لا يوفر هذا القطاع المصرفي للعاملين أي امتيازات كتلك التي يوفرها القطاع الحكومي، لافتاً إلى أن جميع المواطنين بلا استثناء لا يفضلون العمل في هذا القطاع ومن يضطر للعمل فيه يكون قد عجز عن الحصول على وظيفة حكومية.

وأوضح الغانم أن المواطن الإماراتي يسعى للحصول على وظيفة مريحة في العمل الإداري في القطاع الحكومي براتب كبير والعمل لعدد ساعات أقل من ذلك الموجود في القطاع المصرفي.

سيطرة أجنبية على الوظائف القيادية

وأشارت آمنة الحمادي إلى أن quot;القطاع المصرفي طارد للموظفين المواطنين لأن من يسيطر على الوظائف العليا فيه هم من أصحاب الجنسيات الوافدة والأجنبية، وبالتالي لا يسعون إلى استقطاب المواطنين بل يسعون إلى استقطاب أبناء بلدانهم، ومن ثم فمن مصلحتهم إبعاد المواطنين عن الوظائف المهمة في البنوك وتهميشهم في وظائف لا قيمة لها، وهو الأمر الذي يشعر المواطن أنه لا قيمه له في العمل وليس له أي دور إيجابي في تطوير العمل، ما قد يضطره للاستقالة والبحث عن وظيفه أخرى تحقق له ذاته وكيانه المفقود في القطاع المصرفيquot;.

وأضافت أن عدم منح يوم السبت إجازة للمواطنين العاملين في هذا القطاع أسوة بزملائهم في القطاع الحكومي هو أمر غير مريح لهم اجتماعيًا من حيث عدم تمكنهم من الاستمتاع مع ذويهم بعطلة نهاية الأسبوع.

ولفتت الحمادي إلى أنه إذا أرادت البنوك وشركات الصرافة وشركات التمويل والتأمين القيام بتوطين حقيقي بعيداً عن التوطين الصوري، فعليها أن تلتزم بتوفير وظائف حقيقية ذات أهمية في البنوك والبعد عن فكرة تهميش المواطن وعدم وضعه في وظائف هامشية ذات رواتب منخفضة، فضلاً عن ضرورة القيام بتوفير التدريب المتواصل للموظفين المواطنين والعمل على تأهيلهم باستمرار، هذا علاوة على منحهم إجازة يومين أسبوعيًا مقارنة ببعض مؤسسات القطاع الخاص.

ونوّهت الحمادي بضرورة قيام البنك المركزي وهيئات التوطين المختلفة بالمراقبة على البنوك ومتابعة الموظفين المواطنين داخلها بشكل مستمر والتعرف على المعوقات التي تواجههم في عملهم. هذا إضافة إلى قيام الحكومة بتقديم الدعم للمواطن وتشجيعه على العمل في هذا القطاع الهام.

تغيير النظرة السائدة

وذكر أحمد سالم أن ضعف رواتب التقاعد للمواطنين في القطاع الخاص عمومًا والقطاع المصرفي بشكل خاص، فضلاً عن ضعف الامتيازات الموجودة في هذا القطاع دفع الكثير من الكفاءات المواطنة إلى مغادرة البنوك وشركات الصرافة والتمويل لوظائف أخرى توفر لهم ما يزيد عن ضعف راتبهم، وكذلك حياة أكثر استقرارًا وأقل جهدًا.

وأشار إلى أن هناك مشاكل أخرى تعوق عمل المواطنين في القطاع المصرفي وهي امتداد ساعات العمل من الثامنة صباحًا إلى الثامنة مساء في بعض فروع البنوك، ومن الثامنة صباحًا حتى الحادية عشرة مساء في معظم شركات الصرافة، أي أن الموظفين يضطرون إلى العمل بنظام المناوبات، وهو الأمر الذي لا يفضله الكثير من الإماراتيين الذين يرغبون في العمل في فترة الصباح فقط.

وأوضح سالم أنه لا بد من تغيير النظرة السيئة السائدة عن الموظف المواطن، والتي تنظر إليه على أنه quot;فاشلquot; في العمل ولا يؤدي واجباته الوظيفية والمهنية بشكل جيد، مبينًا أن هناك عدداً كبيراً من المواطنين يمتلكون القدرة والمؤهلات العالية التي تؤهلهم ليكونوا أفضل بكثير من الموظفين الأجانب والوافدين الذين يحصلون على آلاف الوظائف في تلك البنوك برواتب عالية، بسبب مساعدة أقربائهم الذين يعملون في الوظائف القيادية والرئيسية في تلك البنوك.

ولفت إلى أنه إذا تم عمل حصر دقيق للوظائف القيادية التي يحتلها الموظفون الأجانب والوافدون فإننا سنجد أنها وظائف متميّزة ومهمة للغاية وبرواتب عالية جدًا، وبالتالي يمكن تعيين المواطنين أصحاب الكفاءات في تلك الوظائف بديلاً عن هؤلاء. وبذلك يتم حل الكثير من المشكلات التي يواجهها توطين الوظائف في هذا القطاع الحيوي والمهم.