أفاد تقرير إسرائيلي أن الوضع الاقتصادي المصري المتعثر يهدد الأمن القومي لتل أبيب، لكن خبراء مصريين يؤكدون أن الأزمة الاقتصادية المصرية عامل اطمئنان لإسرائيل، التي تريد أن تبقى مصر رهينة المساعدات الأميركية، وما وراء هذه المساعدات من إملاءات سياسية.


القاهرة: نشرت صحيفة The Time of Israel الإسرائيلية في الأسبوع الماضي تقريرًا عن خوف القيادات الإسرائيلية من انهيار الاقتصاد المصري، لخطورة هذا الانهيار على الأمن القومي الإسرائيلي، إذ يهدد بتغيير شكل العلاقة الإسرائيلية المصرية.

غير أن الخبراء نفوا ذلك، مؤكدين أن حجم العلاقات الاقتصادية بين مصر وإسرائيل صغير بالنسبة إلى حجم التجارة في البلدين، كما إن ضعف الاقتصاد المصري يعني لجوء القاهرة إلى طلب العون من الولايات المتحدة، التي تسعى بدورها إلى ضمان استمرار العمل وفق اتفاقيات السلام بين القاهرة وتل أبيب.

اتفاقيتان فقط
أوضح الدكتور حمدي عبد العظيم، الخبير الاقتصادي والرئيس السابق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، لـquot;إيلافquot; أن العلاقات الاقتصادية بين مصر وإسرائيل تُلخص في رافدين أساسيين، هما اتفاقية الكويز، أي المناطق الصناعية المؤهلة، الموقعة في العام 2004، وتنص على استخدام مصانع الملابس المصرية مدخلات إسرائيلية في صناعتها مقابل الحصول على إعفاءات جمركية من الولايات المتحدة الأميركية، واتفاقية الغاز، التي وقعت في العام 2005 بين شركة غاز شرق المتوسط المصرية EMG وشركة الكهرباء الإسرائيلية، لكنها شبه متوقفة حاليًا.

أضاف عبد العظيم: quot;اتفاقية الكويز مختلفة عن اتفاقية الغاز، الذي كان يصدر إلى إسرائيل بأقل من سعره في الأسواق العالمية، فقطاع الملابس يستفيد من هذه الاتفاقية بالتسهيلات، التي منحت له في السوق الأميركية، أكبر أسواق العالم، والممثلة في إعفاءات جمركية تتراوح بين 18 و 40 بالمئة، توفر للمنتج المصرة ميزة تنافسية مهمة في السوق الأميركية، ما أتاح لمصر تصدير منتجات إلى أميركا بنحو 950 مليون دولار في العام 2012، فيما استوردت مصر من إسرائيل في العام نفسه مدخلات صناعة نسيج بنحو 35 مليون دولارquot;.

وتابع عبد العظيم مؤكدًا أن حجم تجارة مصر مع إسرائيل يعدّ صغيرًا نسبيًا إذا ما قيس بتجارة مصر مع دول أخرى عديدة، quot;ما يعني أن أيًا من الطرفين لا يمكن أن يتأثر بالمشكلات الطارئة التي يتعرّض لها أحدهماquot;.

الهروب إلى إيران مستحيل
ثمة كلام شائع عن لجوء مصر إلى إقامة علاقات اقتصادية وطيدة مع إيران، لتكون هذه العلاقات سبيلًا للخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية التي تعانيها مصر.

لكن عبد العظيم يستبعد ذلك في الوقت الحالي لعوامل عدة، quot;أهمها هو المقابل الذي يمكن أن يتمثل في فقدان مصر أسواق عربية أو غربية كثيرة نتيجة تقاربها مع إيران، بسبب التوتر السياسي الدولي الحاصل اليومquot;.

أضاف: quot;كما نلاحظ أن زيارات المسؤولين المصريين إلى طهران لم تضم أي وفود اقتصادية، والنشاط الوحيد في المجال الاقتصادي، الذي يمكن أن يشهد بعض الرواج، هو توافد السيّاح الإيرانيين إلى مصر، وإن كانت الرحلات السياحية هذه توقفت حاليًا بسبب المشاكل السياسيةquot;.

ضمان لإسرائيل
نفى أحمد بلال، الخبير في العلاقات المصرية الإسرائيلية والعضو في اللجنة المركزية لحزب التجمع، تأثر إسرائيل سلبًا بالتراجع الاقتصادي المصري، مؤكدًا أن مصلحة إسرائيل دومًا تكمن في أن تكون مصر ضعيفة اقتصاديًا، وأن تعتمد على القروض من الخارج بشكل كبير.

وأوضح بلال لـquot;إيلافquot; أن اعتماد مصر على القروض يمنح أميركا أوراق ضغط، تضمن بها انصياع القاهرة إلى رغبات واشنطن، التي تريد من مصر الالتزام بالاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل.

وأشار إلى تقرير صدر حديثًا من معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، أكد أن الإدارة الأميركية تضغط على مصر كي لا تفرط بالسلام الحاصل بينها وبين إسرائيل، وأن للوضع الاقتصادي الصعب في مصر تأثيرًا إيجابيًا على العلاقات مع إسرائيل، لأنه يسيطر على اهتمام النظام المصري، ويعزز تعلقه بالمساعدات الأميركية.

وأضاف: quot;قد تقلق إسرائيل من التقارب بين مصر وإيران أو بين مصر وتركيا، لكن العلاقات المصرية الإيرانية لم تتطور بشكل كبير في ظل النظام الحالي، الذي لم يقم بأي تحول جذري في سياساته تجاه إيران، فالتغيير ظاهري ليس له عمق، ما يعني استمرار تقارب المصالح بين مصر وإسرائيلquot;.