تصدر الخردة إلى خارج مصر، ما يحرم منها الكثير من المصانع التي يمكن أن تستفيد منها في الصناعة المحلية. والسبب هو فارق السعر، أما الحل ففي بورصة تحدد سعرًا يغري التجار لبيعها داخليًا بدلًا من تصديرها.


القاهرة: بدأ تصنيع الخردة بشكل صناعي كبير في مصر، عقب الحرب العالمية الثانية، خصوصًا مع وجود مخلفات الحرب العالمية الثانية، والتي تم استغلالها بصهرها في أفران تعمل بالوقود السائل، ثم صبها يدويًا في قوالب، ودرفلتها إلى حديد تسليح. كان ذلك بشركات الدلتا والأهلية والنحاس.

ومع تطور هذه الصناعة بمرور الزمن، وصل حجمها إلى ثلاثة مليارات جنيه، لكن من دون إفادة حقيقية للصناعة المصرية، فالنسبة الأكبر من هذه الكمية تصدر للخارج، من دون أن تستطيع الدولة التدخل لتحايل التجار بطرق مختلفة من أجل تصدير الخردة للخارج.

لا مصدر متجدد

قال المهندس خليل قنديل، رئيس غرفة الصناعات المعدنية، لـquot;إيلافquot; إن مصر دولة منتجة للمعادن، لكن لا يوجد لديها مصدر متجدد لجميع أنواع المعادنrlm; يغطي هذه الصناعة، quot;وبالتالي تظهر الأهمية الشديدة للخردة التي تستخدمها المصانع، فحجم تداولها يبلغ ثلاثة مليارات جنيه، تنقسم إلى عدة أنواع، القسم الأكبر منها خردة المعادن الحديديةrlm;، التي تعتبر المادة الأولية الأساسية في صناعة الحديد، لكن نظرًا لوجود نقص في المعروض في الأسواقrlm;، تلجأ معظم المصانع إلى الاعتماد على الحديد الأسفنجي المستورد، أما الخردة فيتم استخدامها إما في المسابك أو تصدر للخارجquot;.

وأضاف: quot;هناك خردة المعادن غير الحديديةrlm;، وهي خردة الالومنيوم والنحاس والرصاص، والتي يحتال الكثير من التجار لتصديرها حتى بعد وضع رسوم على الصادر منها، ما يهدد العديد من المصانع في هذا المجال بتوقف الإنتاجquot;.

خارج السيطرة

وأوضح المهندس محمد حنفي، المدير العام لغرفة الصناعات المعدنية، لـquot;إيلافquot; أن حجم الخردة المصرية التي تصل إلى المصانع يبلغ نحو 200 ألف طن، فيما يقدر حجم الخردة التي تجمع من السوق المصرية بنحو 700 ألف طن.

وأشار إلى أن أغلب هذه الكميات خارج سيطرة الدولة، حيث يوجد العديد من المصانع الخاصة بتحضير هذه الخردة للتصدير، من خلال عمليات تصنيعية بسيطة بهدف تصديرها كمنتجات صناعية لتلافي الرسوم المفروضة على تصدير الخردة، quot;كما يوجد عشرات المصانع غير المرخصة التي تجمع الخردة وتعيد طلاءها وتصديرها بالتحايل على قرار رسم الصادرquot;.

وأوضح أن هذه المصانع منيعة على الرقابة والتفتيش، فالقانون لا يراقب إلا المنشآت الرسمية، كما أكد وجود مصانع quot;بئر سلمquot; منتشرة من دون أي رقابة، خصوصًا في العشوائيات.

عملة وعمل

وأضاف حنفي أن عمليات التهريب المنظمة لخردة المعادن بعد جمعها من الأسواق تؤدى إلى زيادات كبيرة في أسعارها، مشيرًا إلى ارتفاع أسعار الخردة في الأشهر الأخيرة بنسبة تصل إلى 40 بالمئة، quot;إذ وصل متوسط سعر النحاس الأحمر إلى 52 ألف جنيه للطن، والأصفر إلى 37 ألف جنيه للطن، كما وصل سعر خردة الألومنيوم إلى 17 ألف جنيه للطن، فيما وصل طن خردة الحديد إلى 3700 جنيه للطنquot;.

في المقابل، قال عادل ملاك، وهو تاجر خردة في منطقة السبتية الشهيرة بتجار الخردة، إن الكلام عن وجود أزمة بسبب تصدير الخردة كلام غير صحيح، quot;ففي السوق كميات كبيرة من الخردة، لكن بعض المصانع لا يمتلك التكنولوجيا اللازمة لإعادة تصنيعها، كما لا يوجد نظام يحكم جمع الخردة على نطاق كبير، لكن يعتمد الكثيرون على جمع الخردة عن طريق العمالة اليدوية، كما يدرّ تصدير الخردة عملة صعبة للبلد، ويخلق فرصة عمل عديدةquot;.

الحل... بورصة

وقال الخبير الاقتصادي الدكتور حمدي عبد العظيم، الرئيس الأسبق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية: quot;على الدولة أن تحافظ على تصنيع المواد الخام المتمثلة في الخردة داخليًا، حتى تحافظ على القيمة المضافة التي يمكن أن تساهم في عملية التنمية، بجانب فرص العمل التي تستطيع أن توجد من خلالهاquot;، موضحا أن السبب الذي يدعو تجار الخردة لتصديرها للخارج هو الفرق بين السعر في مصر وفي الخارج.

وأفاد عبد العظيم بأن الحل يكمن في إنشاء بورصة للخردة، تحدد سعرًا يناسب التجار حتى لا يفضلوا تصديرها على بيعها داخليًا، ما يؤثر بدورهفي العديد من الصناعات ويهدد المصانع بالإغلاق، وتسريح العمال، كما يرفع سعر المواد الخام في حالة استيرادها من الخارج.rlm;