تمارس منظمات حقوقية مصرية ضغوطًا على الإتحاد الأوروبي، لمنع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية من منح مصر قرضًا للتنقيب عن النفط، لأنه يؤدي إلى إستمرار سياسات فساد نظام الرئيس السابق حسني مبارك، فيما وصف مصدر مسؤول بوزارة البترول موقف هذه المنظمات بغير الوطني.
القاهرة: بينما يستعد البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية للتصويت بشأن منح قرض لشركة الكويت للطاقة الخاصة بمشروع التنقيب عن البترول في مصر، والذي تبلغ قيمته 40 مليون دولار، طالبت منظمات مصرية ادارة البنك العامة والمساهمين برفض تقديم القرض، أو تأجيله على الأقل، لحين الرد على التساؤلات والتخوفات البيئية والاقتصادية العديدة حول المشروع.
وقال المركز المصري للحقوق الإقتصادية والاجتماعية، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية بالقاهرة، والجمعية المصرية للحقوق الجماعية، إن تلك الشركة موجودة في مصر منذ خمس سنوات، تنقب في مناطق حافة البحر الاحمر وصعيد مصر وعلى الحدود السودانية وفي شمال الصحراء الغربية، بالقرب من الساحل الشمالي، مشيرة إلى أن الشركة تقوم بالتنقيب عن الوقود الحفري، وهو من أنواع الطاقة غير المتجددة، والذي لا يؤدي الاستثمار به إلى تحسين عملية التنمية أو العدالة الاجتماعية في مصر.
أضافت المنظمات في تقرير لها قدمته إلى إدارة البنك إنه ينظر في منح قرض ضخم للشركة المثيرة للجدل، من أجل مشروع تكرير البترول في مسطرد في مصر، عبر الشركة المصرية للبترول التى أنشئت خصيصًا لذلك المشروع، الذي أثار الكثير من القلق والتساؤلات حول سوء عمليات التشاورات مع المجتمعات المحلية القريبة من مكان المشروع، بل وتعرضهم للإخلاء الجبري، فضلًا عن التلوث البيئي.
واتهم التقرير خطط استثمار البنك في مصر بتعميق وتسريع عمليات الخصخصة، إما بشكل مباشر أو عن طريق تمويل مشاريع تدار من خلال أنماط الاستثمار المعروفة بالشراكة بين القطاعين العام و الخاص، والتي تؤدي إلى زيادة صعوبة وصول المواطن العادي والفقير إلى الخدمات والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ما يؤدي إلى إستمرار غياب العدالة الإجتماعية، وزيادة مستويات الفقر ومن ثم زعزعة الديمقراطية.
واتهم التقرير البنك بأن استثماراته توسع سياسات عصر مبارك الإقتصادية، والتي سميت سابقًا بقصص النجاح، بغض النظر عما أحدثته من تفشٍ للفساد.
غير وطنية
من جانبه، وصف مصدر مسؤول بالهيئة العامة للبترول المصرية موقف المنظمات الحقوقية بغير الوطني. وأضاف لـquot;إيلافquot; أن تلك المنظمات سبق أن مارست ضغوطًا على الإتحاد الأوروبي، وتسببت في إيقاف المساعدات التي كان الإتحاد ينوي تقديمها لمصر، بحجة أن سجل حقوق الإنسان، ولاسيما حقوق المرأة بعد الثورة، صارًا سيئًا.
ولفت إلى أن تلك المنظمات تعرقل عمليات التنمية في مصر بهدف إسقاط الرئيس محمد مرسي، لصالح المرشحين الآخرين الذين يتطلعون للرئاسة، مشيرًا إلى أنه لا يمكن فصل تلك الحملات الخارجية ضد مصر عن الحملات الداخلية، التي تهدف إلى إسقاط مرسي عبر طرق غير شرعية، إما بنزول الجيش الى الساحة السياسية أو الدعوة لإنتخابات رئاسية مبكرة.
واتهم محمد مسلم، من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بمواصلة تجاهل دعوات المجتمع المدني المصري لإعادة النظر في استراتيجيته المصرية، والتي تهدف إلى تعزيز سياسات الاستثمار السابقة، والتي كانت لها آثار سلبية ضخمة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للشعب المصري.
أضاف: quot;أهداف الاستثمار الأولية للبنك في مصر تستهدف توسيع مشروع تكرير البترول في مسطرد، وهو مشروع وقود حفري، الأمر الذي ينتهك الحقوق الاجتماعية للمجتمعات المحيطة به، في تمويل خطط شركة الكويت للطاقة لتطوير حقول البترول، وهي منطقة قائمة لإستخراج احتياطي النفط، ما يتعارض بوضوح مع الأهداف التي يدعيها البنك حول الاستثمار في مشروعات الطاقة النظيفة ودوره التنمويquot;.
ليلتزم بمبادئه
وقالت ماهينور البدراوي، من المركز المصري للحقوق الإقتصادية والإجتماعية، إن هناك إنتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في مصر، يصفها البعض بكونها أسوأ من تلك التي كانت تحدث في عهد مبارك، مشيرة إلى أن الوضع العام في مصر لا يتطابق مع المادة الأولى من مواد قانون البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، والتي تلزمه بالعمل فقط مع الحكومات التي تلتزم بمبادئ الديمقراطية والتعددية وإحترام حقوق الإنسان.
أضافت البدراوي: quot;منذ آخر تقييم للوضع المحلي في مصر، والذي أصدره البنك وصدق عليه في 31 تشرين الأول (أكتوبر) 2012، استمر وضع حقوق الانسان في الانحدار يومًا بعد يوم، جاعلًا الوضع العام بمصر أكثر تباعدًا من التطابق مع المادة الأولى للبنكquot;.
وتابعت: quot;إن كان البنك يلتزم بمبادئه، فينبغي عليه ألا يمول الديكتاتوريات، بل يجب على البنك والدول الأوروبية المساهمة فيه إحترام قرار البرلمان الأوروبي بخصوص وقف المساعدات المالية لمصر، بسبب عدم احترام حقوق الانسان ومبادئ الديمقراطية، وبسبب الافتقار إلى الحكم الاقتصادي الرشيدquot;.
التعليقات