المواجهة بين الرئيس المصري محمد مرسي والمحتجين على قراراته الأخيرة تهدد استقرار الاقتصاد المصري الهش وتثير مخاوف من فقدان دعم الجهات الدولية المانحة. ارتفعت مخاطر النزاع بين مرسي وقوى المعارضة على خلفية توسيع صلاحياته، لا سيما بعد إعلان جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمى اليها الرئيس عن تنظيم مظاهرات مؤيدة لقراراته يوم السبت في ميدان التحرير حيث تعتصم المعارضة.


إعداد لميس فرحات: اجتمع بعض كبار القضاة هذا الأسبوع مع مرسي، طالبين منه تقديم التوضيحات بشأن المرسوم الذي يفترض أن يمنع القضاة من حل لجنة صياغة الدستور التي يسيطر عليها الإسلاميون. وفي الوقت نفسه، دعا رئيس اللجنة المكلفة بصياغة الدستور الأعضاء إلى التصويت على الدستور بحلول يوم الخميس لإنهاء الوثيقة قبل عطلة نهاية الأسبوع، وهو الوقت الذي يتوقع فيه أن تصدر المحكمة العليا قرارها في قضية دستورية البرلمان. وقال القاضي حسام غرياني إن تسريع عملية صياغة الدستور هي الطريقة الوحيدة والأسرع لحل النزاع الفوضوي الذي يقسم البلاد.

المأزق الجديد الذي وقعت فيه مصر أطفأ ما كان يمكن أن يكون بصيص أمل في نهاية نفق اقتصادها المظلم، فهناك الكثير من المخاوف حول إلغاء الصفقات الأخيرة الخاصة بالمساعدات الدولية والاستثمار الأجنبي في البلاد، إلى جانب قرض صندوق النقد الدولي الذي يبلغ 4.8 مليارات دولار. وتحدثت صحيفة الـ quot;وول ستريت جورنالquot; عن تراجع البورصة المصرية بشكل كبير وتكبدها خسائر هائلة منذ إصدار مرسي الإعلان الدستوري الذي يحصل بموجبه على سلطات واسعة تجعله أشبة بالديكتاتور. وحذّرت وفاء عامر المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي من أن quot;أي تغيير اقتصادي من شأنه أن يعرقل مذكرة التفاهم بين الحكومة المصرية والصندوقquot;.

ويبدو أن هذه المخاوف بدأت تنعكس على الاستثمارات في البلاد، إذ يشير حسين صبور، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين إلى أن quot;جميع الاستثمارات الجديدة في مصر يتم تجميدها حتى يستقر الوضع السياسي والأمني، فهناك شعور بأن الوضع في جميع أنحاء البلاد بات خارج السيطرةquot;. ولا يقتصر القلق على فقدان مصر المساعدات الدولية وحسب، لا سيما مع تحذير الإتحاد الأوروبي بسحب حزمة المساعدات التي تبلغ 5 مليارات يورو، بل تمتد أيضاً لتطال الاستثمارات الأجنبية التي يخاف المراقبون من فقدانها، مما من شأنه أن يعكس الوضع الاقتصادي المتردي في مصر.

بالقرب من ميدان التحرير، كثفت شرطة مكافحة الشغب من جهودها للسيطرة على المتظاهرين الشباب الذين ينتقدون قرار مرسي ويتهمونه بالتحول إلى ديكتاتور جديد. واحتجاجاً على العنف من قبل أجهزة الأمن المصرية، ألقى المتظاهرون الحجارة وقنابل البنزين على شرطة مكافحة الشغب التي ردت بالحجارة وقنابل الغاز. قال حمدين صباحي، المرشح الرئاسي السابق الذي أصبح اليوم جزءاً من جبهة علمانية وليبرالية واسعة أطلقت الأسبوع الماضي لمعارضة قرار مرسي، إنه quot;لن يكون هناك حوار حتى يقوم مرسي بإلغاء المرسوم. وإذا تعذر ذلك ستنظر الجبهة في خطوات تصعيدية الاسبوع المقبل مثل العصيان المدنيquot;.

وأضاف quot;نصرّ على حقنا في بلد ديمقراطي. ليس هناك رئيس فوق الشعب والدولةquot;. الفوضى والأزمات على مستوى الشارع قد تدفع صناع القرار إلى اتخاذ قرارات صعبة من أجل إنقاذ الاقتصاد المصري. مصر في حاجة إلى سحب الدعم عن الوقود، وهي سياسة ينظر إليها الكثير من الخبراء على أنها إسراف وتستهلك أكثر من ربع نفقات ميزانية البلاد. لكنّ السياسيين يخشون من أن السكان سيرفضون زيادة الأسعار على هذه الحاجة الأساسية.

الامر الأكثر اهمية يكمن في الاستثمارات الأجنبية، فعملية الانتقال إلى الديمقراطية التي أعقبت سقوط مبارك أوائل العام الماضي أخافت المستثمرين الأجانب والسياح، مما دفع البلاد الى شفا أزمة في ميزان المدفوعات ووضع ضغوطاً كبيرة على الجنيه المصري. للحفاظ على قيمة الجنيه من الهبوط، استنزف البنك المركزي في البلاد ما يقرب من ثلثي احتياطيات العملات الأجنبية التي تبلغ 36 مليار دولار. ويقول ويليام جاكسون، الخبير الاقتصادي في شركة quot;كابيتال إيكونوميكسquot; للاستشارات إن quot;حقيقة وجود مجرد احتمال بتجميد قرض صندوق النقد الدولي من شأنه أن يقيّد تدفقات رأس المال من الشركات والمستثمرين الأجانب إلى مصر. الحكومة المصرية في موقف صعب لا تحسد عليهquot;.