&اسطنبول: يقول محللون ان القتال في العراق قد يبطئ العملية التدريجية التي تسعى من خلالها تركيا لإعادة التوازن إلى إقتصادها.فإرتفاع أسعار النفط قد يرفع التضخم، وإنهيار سوق رئيسية للتصدير سيفرض ضغوطا على مساعي تركيا لتقليص العجز المتسع في ميزان المعاملات الجارية.وساهم إنخفاض الليرة وإرتفاع أسعار الفائدة في تهدئة الطلب المحلي ودعم الصادرات في الأشهر الأخيرة. وقلص هذا بدوره عجز المعاملات الجارية، الذي يمثل نقطة الضعف الرئيسية في الإقتصاد التركي، وساعد في إعادة التوازن للإقتصاد، في أعقاب نمو كبير كان الإئتمان هو الأساس الذي تحقق من خلاله -بحسب رويترز-.

لكن التقدم الخاطف للمقاتلين الإسلاميين في العراق ينذر بتمزيق أوصال ثاني أكبر أسواق التصدير للمنتجات التركية والمورد الرئيسي للنفط لتركيا.فقد إرتفعت أسعار النفط إلى أعلى مستوى منذ تسعة أشهر، متجاوزة 115 دولارا للبرميل يوم الجمعة، بفعل المخاوف من أن يؤدي القتال العنيف إلى خفض امدادات النفط من العراق.وتشتري تركيا 90 في المئة من النفط الخام الذي تحتاجه من الخارج، ما ساهم في رفع العجز في ميزان المعاملات الجارية إلى 65 مليار دولار عام 2013. ويقدر&إقتصاديون أن كل إرتفاع في أسعار النفط بمقدار عشرة دولارات للبرميل يؤدي لإرتفاع التضخم في تركيا بنسبة 0.5 في المئة، وزيادة عجز المعاملات الجارية بمقدار أربعة مليارات دولار.
&
وقال بينواه آن، رئيس قسم إستراتيجية الأسواق الصاعدة لدى بنك الفرع التركي لبنك «سوسيتيه جنرال» الفرنسي في مذكرة لعملائه خلال الاُسبوع الماضي «من الواضح أن تركيا على الخط الأمامي جغرافيا وكذلك من منظور ميزان المدفوعات.»وقال «في رأيي أصبح سعر النفط مؤشر الخطر الرئيسي للأسواق الصاعدة» مضيفا أن البنك قرر بيع الليرة التركية «للتحوط للمخاطر السياسية المتصاعدة.»وقال وزير المالية التركي، محمد شيمشك، هذا الشهر انه يتوقع أن تبلغ فاتورة إستيراد الطاقة 61 مليار دولار عام 2014، بالمقارنة مع 56 مليار دولار العام الماضي.ويوم الثلاثاء الماضي سلم بأن التطورات في العراق قد تؤدي إلى إبطاء ما تحرزه تركيا من تقدم في تضييق فجوة ميزان المعاملات الجارية هذا العام.وإنخفض العجز إلى 16.37 مليار دولار في الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، وأصبح يقل قليلا عن 57 مليار دولار في الاثنى عشر شهرا حتى نهاية ابريل نيسان.
&
كما يشكل الأثر التضخمي لأسعار النفط المتصاعدة معضلة للبنك المركزي التركي الذي يجتمع غدا الثلاثاء لتحديد أسعار الفائدة.ويوم الإثنين الماضي قال محافظ البنك المركزي، إرديم باشجي، ان البنك قد يخفض أسعار الفائدة قريبا، وربما الاُسبوع المقبل، إذا اقتنع أن توقعات التضخم تتحسن بدرجة كبيرة. غير أن الإقتصاديين تشككوا فيما إذا كان هذا هو الوضع الحالي.وبلغ معدل التضخم السنوي 9.66 في المئة في مايو/أيار، بينما تبلغ توقعات البنك المركزي له في نهاية العام 7.6 في المئة، وبالمقارنة مع المستوى المستهدف له في الأجل المتوسط وهو خمسة في المئة.وقال البنك مرارا انه يتوقع أن يبدأ التضخم في الإنخفاض إعتبارا من يونيو/حزيران.وقال وليام جاكسون، الإقتصادي لدى «كابيتال إيكونوميكس» في لندن «التطورات الأخيرة ستزيد من صعوبة خفض التضخم المرتفع وخفض العجز الكبير في ميزان المعاملات الجارية.» وأضاف «يبدو من الصعب تبرير أي تخفيضات اُخرى في أسعار الفائدة. وإذا لم يخفض البنك المركزي الفائدة فإن الليرة قد تصبح عرضة بدرجة أكبر لموجة بيع هائلة.»
&
وتراجعت الليرة بنسبة 3.5 في المئة في الاُسبوعين الأخيرين، وكان أداء عملات أسواق صاعدة أخرى أفضل حالا منها، وذلك بعد أن بدأ المستثمرون يشعرون بالقلق من تطورات العنف في العراق.وتوقع جاكسون إنخفاض العملة التركية في نهاية العام إلى 2.25 ليرة مقابل الدولار، من نحو 2.1 ليرة الآن. وتوقع مسح أجرته رويترز إنخفاض العملة التركية قليلا إلى 2.22 ليرة مقابل الدولار خلال 12 شهرا.وفي الشهر الماضي خفض البنك المركزي الفائدة للمرة الأولى منذ عام، رغم إرتفاع التضخم، بعد نداءات من رئيس الوزراء طيب أردوغان مطالبا بمثل هذه الخطوة، بهدف الحفاظ على النمو قبل الانتخابات الرئاسية التي تجري في أغسطس/آب ويتوقع أن يرشح نفسه فيها.وأظهر مسح أجرته رويترز لآراء 20 إقتصاديا أنهم يتوقعون إعلان البنك المركزي خفضا بمقدار نصف نقطة مئوية لسعر إعادة الشراء لأجل اُسبوع خلال الإجتماع المقرر غداً.