لندن: دعا رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في كلمة في مؤتمر دافوس دول الجوار إلى منع تدفق المقاتلين إلى بلاده، وأشاد بدور إيران في دعم بلاده عسكريًا، وأوضح أن الذين يقاتلون داعش ليسوا ميليشيات شيعية. واقر بوجود صعوبات حالية لتحرير الموصل واشار إلى ارتفاع وتيرة الضربات الجوية للتحالف وأكد تصميمه على تحقيق المصالحة وإنهاء الفساد وخاصة في الجيش ودعا لمؤتمر دولي لإعادة إعمار العراق.
&
دعوة الجوار لمنع تدفق المقاتلين
وفي بداية كلمته في المؤتمر الاقتصادي في دافوس في سويسرا مساء أمس، قال العبادي "لقد طُلبَ مني اليوم تقديم (رؤية عن العراق) ورؤيتي تتضمن استراتيجية عسكرية وسياسية واقتصادية ومنسقة لهزيمة داعش، كما أتوقع جهداً دولياً لإعادة بناء العراق وتسوية الخلافات في منطقتنا، بحيث نكون قدوة في الانتصار على الإرهاب بتحقيق التنمية الاقتصادية والاندماج الاجتماعي، انطلاقاً من نضالنا ومعاناتنا". واضاف "باعتباري رئيسا للوزراء، أتبع استراتيجية الاعتماد المتبادل فبدلا من هيمنة الدولة بسيطرة الحكومة على الاقتصاد وهيمنة حكومة بغداد على الحكومات المحلية سوف يدخل القطاعان العام والخاص مع الحكومة المركزية وحكومات المحافظات في شراكة".
&
ونوه بالقول "قبل ستة أشهر فقط، كانت داعش تهدد بغداد وكان مصيرنا غامضاً، أما اليوم، وبفضل دعمكم، هبّ العالم لنجدة العراق، وتوقف زخم داعش واستعاد العراقيون السيطرة على بلدهم"
وطالب العبادي دول الجوار بالعمل على منع تدفق المقاتلين الاجانب والمشاركة في العمليات الإرهابية &
وقال في كلمة ألقاها في منتدى دافوس في سويسرا الليلة الماضية ان النزاع المسلح في العراق "يهدد أُسرَنا ومجتمعاتنا وكل عزيز علينا حيث أوضحَتْ الأحداث الأخيرة أن الإرهاب يهدد جميع شعوب العالم ولا يستثني منطقة أو دينا وإن الشعب العراقي واقع على خطوط القتال الأمامية في مواجهة الإرهابيين الأوسع تمويلاً والأحدث تسليحاً والأشرس تنظيماً على وجه الأرض" .
واضاف انه على مدى ما يزيد على المائة يوم من عمر حكومته فأنها بدأت بإعادة هيكلة وإصلاح القوات المسلحة وبناء علاقات أفضل مع إقليم كردستان&والتعاون مع العشائر لهزيمة داعش وإصلاح الحكومة المركزية وتطبيق اللامركزية وتحسين الرعاية الاجتماعية والحريات الفردية وتعزيز الإصلاح الاقتصادي وتشجيع التنمية .
&
تحرير الموصل
واشار إلى ان ثمة مفاجأة تعد لتنظيم "داعش" في الايام المقبلة خاصة وأن مقاتليه يفرون من المعركة لانخفاض روحهم المعنية للارهابيين.
وعن عملية تحرير الموصل قال العبادي "لدينا مشكلة في تحرير الموصل وهي عدم وجود ربط بين بعض الطرق التي تؤدي إلى المدينة" .. موضحا الحاجة إلى هذا الربط بين القوات الأمنية الاتحادية وقوات البيشمركة الكردية في اقليم كردستان الشمالي.
واكد انه تمت تصفية نصف قادة "داعش" من خلال القوات الامنية والشركاء في التحالف الدولي، وقال "لدينا نخبة من القوات العراقية لا نستطيع كشف النقاب عنها، وهي تحقق انتصارات مهمة على الارض".
ورفض العبادي "وصف قوات الحشد الشعبي للمتطوعين بالميليشيات او انها تشكيلات شيعية لانها قوات عراقية تدافع عن بلدها"، مؤكدا عدم وجود أي جندي إيراني على الاراضي العراقية "لعدم الحاجة اليهم" كما قال.
واشار العبادي إلى استعادة حكومته العلاقات مع العشائر السنية التي تقطن في المناطق التي يسيطرعليها تنظيم الدولة الإسلامية داعياً في الوقت ذاته أبناء تلك المناطق لأخذ زمام المبادرة لتحرير مدنهم. وقال "نحن نستعيد العلاقات مع العشائر السنية التي تقطن في مناطق تسيطر عليها داعش، ولقد التقيت شخصياً ممثلين عن محافظات الأنبار وصلاح الدين والموصل وأعمل على تعزيز الإسناد الجوي وزيادة التجهيزات العسكرية وتوفير المساعدات الغذائية .. إن كثيرا من هذه القوات تقوم بالقتال معنا وليس ضد القوات الامنية العراقية".
علاقات متطورة مع السعودية... وتشاؤم من حل الأزمة السورية
وأضاف ان الحكومة خصصت 450 مليون دولار لإعادة اعمار المدن المحررة من "داعش"، وقال إن "الحكومة الحالية تحظى بمقبولية اكثر من قبل الشعب العراقي ودول المنطقة من سابقاتها وان هناك تغييرا كبيرا في العراق".
وأكد العبادي تطلع الحكومة لتطوير العلاقات المستقبلية مع دول الجوار ومنها السعودية. وعن الأوضاع في سوريا اعرب عن "تشاؤمه من الازمة لغياب الحلول في الافق القريب وهي تنعكس سلبا على أوضاع العراق".. مؤكدا ان "الازمة السورية تحتاج إلى حل سياسي يحقق تطلعات الشعب السوري".
وشدد على اهتمام الحكومة المتزايد بملف حقوق الانسان وإلغاء التهم والدعاوى القضائية المقامة ضد الصحافيين"، واوضح ان مشروع قانون الحرس الوطني يأخذ طريقه الطبيعي بين الحكومة والبرلمان وفق الدستور.
&
العبادي يرد على انتقادت هيغل
وردا على انتقادات وزير الدفاع الأميركي هيغل له لتعبيره عن عدم رضاه عن أداء التحالف الدولي اوضح العبادي انه "عندما نطلب من المجتمع الدولي مزيدا من الدعم أو التعجيل بالمساعدة فهذا لا يعني خيبة أملنا بدول الائتلاف التي تدعم العراق بل يكشف حقيقة أن حياة الإنسان على المحك وينبغي لنا أن نتصرف بكل ما أوتينا من سرعة وحزم والمواطنين الذين يحتل مناطقهم تنظيم "داعش" الآن يجب أن يأخذوا زمام المبادرة في تحرير مناطقهم وحكومتنا تقوم بدورها لتحقيق هذا الهدف".
واشار إلى انه خلال الاسابيع الثلاثة الماضية ارتفع سقف الضربات الجوية لدول التحالف الدولي ضد "داعش" كما حصل العراق الاسبوع الماضي على اسلحة وذخيرة من التحالف مجاناً وسيتم تزويده بأسلحة أخرى بدفع مؤجل" .
&
المصالحة الوطنية... ومواجهة الفساد
وحول المصالحة الوطنية اوضح العبادي ان الحكومة عندما بدأت مهامها في ايلول (سبتمبر) الماضي &"قطعنا وعداً بتحقيق المصالحة الوطنية وتحقيق الاصلاحات في الجيش والحكومة واعادة البناء الاقتصادي والاجتماعي والتواصل مع دول المنطقة، ونحن ماضون إلى أمام على جميع الأصعدة.ونحن نستعيد العلاقات مع العشائر السنية التي تقطن في مناطق يسيطر عليها داعش".
وقال "اننا لن نحرز النصر في جبهات القتال ان كنا مكبلين بأغلال الفساد في جبهتنا الداخلية ولن تدخر حكومتنا وسعا في القضاء على ظاهرة "الجنود الفضائيين" في قائمة الرواتب ولن يكون هناك قادة فاسدون بعد الان ولا كتائب عسكرية تهرب من ساحات الوغى ولا موظفون مدنيون فاسدون يثرون على حساب الجنود المضحين بأرواحهم وبأجسادهم".
الحرس الوطني... والجنرال سليماني
وعن قانون الحرس الوطني اوضح العبادي ان هذا القانون سيوفر الإطار القانوني للمتطوعين الشجعان للدفاع عن بلدهم وان الشعب العراقي وحكومته يبذلان جهودهما على مستوى ساحات القتال وعلى الجبهة الداخلية.
واشار إلى ان متطوعي الحشد الشعبي ليسوا مقاتلين شيعة وحدهم فالجميع يقاتلون وجميع العراقيين يقاتلون "داعش". وعن الدور الإيراني في المواجهات العسكرية اشار العبادي إلى "الدور الايجابي لإيران في ارسال الاسلحة والذخيرة دون مال فوري" .. مؤكدا "عدم وجود أي جندي إيراني واحد على الارض العراقية لاننا لسنا بحاجة اليهم".
وعن دور قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني في العمليات العسكرية الجارية الآن في العراق قال العبادي "اننا نتعامل مع الجنرال سليماني وهو جزء من البنية السياسية الإيرانية ونحن نحترمه وبلاده تربطنا معها حدود واسعة وعلاقات كبيرة . وحذر من ان استمرار الحرب في سوريا سيؤدي إلى سقوط الكثير من الضحايا... منوها بأن ما يحصل في العراق حاليا أتى على خلفية تدفق المقاتلين من سوريا .
&
مؤتمر دولي لاعادة أعمار العراق&
واقترح العبادي انشاء صندوق يمول دوليًا لاعادة اعمار العراق "ليكون نموذجا لمساعدة جيراننا الذين يتكبدون الخسائر البشرية والتكاليف الاقتصادية للحرب الاهلية والهجمات الإرهابية ونزوح ملايين الرجال والنساء والاطفال".&
وقال "كانت لنا اجتماعات مثمرة مع اصدقائنا وجيراننا في دول الخليج ومع البنك الدولي ونطلب من حلفائنا في الائتلاف والمؤسسات الدولية المالية المساعدة في هذا الجانب". واضاف "لذا أقترح استمرار المحادثات بين قادة الحكومات ورجال الدين والاقتصاد ومنظمات المجتمع المدني في الشرق الاوسط لصياغة رؤية مشتركة ومسار عمل، يمكن لهذه المحادثات ان تبدأ بعقد مؤتمر واقترح ان يكون في بغداد، لان هذه المدينة تمتلك الكثير من تاريخ وآمال منطقتنا".
واشار العبادي إلى ان تكاليف مقاومة "داعش" واعادة بناء العراق وتسوية الخلافات مع دول المنطقة، ستكون باهظة لكن كلفة الوقوف مكتوفي الايدي ستكون أكبر بالتأكيد. وقال ان العراق يقوم بما عليه في صراعه ضد الإرهاب "لكن لأجل العالم الذي نحبه كلنا والمستقبل الذي نتشارك فيه كلنا، نطلب من المجتمع الدولي ان يفعل الشيء عينه".
&
الأزمة المالية
وفي ما يخص الأزمة المالية الحالية التي تواجهها بلاده قال رئيس الوزراء العراقي "كان علينا ان نجد مصادر جديدة للايرادات المالية وبضمنها فرض الضرائب مع ضرورة قيام المستهلك بدفع اجور الخدمات الرئيسة مثل الكهرباء والماء والطرق من خلال الوزارات المعنية في وقت يتوجب ايضا البحث عن صناعات بديلة لتنمية الاقتصاد والتجارة وخلق فرص العمل وزيادة الايرادات .&
واشار العبادي إلى انه "رغم جميع التحديات التي تواجهنا لا يزال العراق يمتلك قوى عظيمة لبناء مستقبله فأسُسنا الاقتصادية رصينة&باعتبارنا نمتلك ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم ولدينا شعب مثقف وكان نمو بلدنا سريعاً قبل قدوم "داعش" وبمجرد التغلب على مشاكلنا الأمنية الحالية سوف نستغل إمكاناتنا كشريك في الأعمال والاستثمار بالكامل".&
واشار إلى ان رؤية الحكومة مرتبطة بان يكون العراق قادرا على تقرير مصيره وان تكون حياة أبنائه افضل والاعتماد اقل على النفط كاشفا عن "توقيع عقد مع شركة شل لبناء مصنع للبتروكيميائيات"..موضحا ان الحكومة تتجه على تقليل الاعتماد على النفط وتعزيز العلاقة بين القطاعين العام والخاص .
وفي الختام شدد العبادي على ان الوقت قد حان لطرح الأسئلة الصعبة واتخاذ القرارات الحاسمة ليس فقط لهزيمة "داعش" وانما أيضا لبناء بلد موحد ذي ديمقراطية فاعلة تحترم سيادة القانون وحكومة كفوءة تفسح المجال لقرارات لامركزية واقتصاد مزدهر يوفر الفرص لجميع أبناء الشعب .
&
&
التعليقات