&الجزائر: على مدى شهور ظل المسؤولون الجزائريون يكررون مقولتهم أن احتياطيات النقد الأجنبي الضخمة ستحمي البلاد من انهيار أسعار النفط. غير أن رئيس الوزراء عبد المالك سلال ظهر على التلفزيون الجزائري الأسبوع الماضي ليعلن ما تعرفه الغالبية وهو أن الأزمة على الأبواب.فمع انخفاض أسعار النفط أكثر من النصف منذ يونيو/حزيران الماضي أصبح على الجزائر أن ترسم لنفسها مسارا محفوفا بالمخاطر، يتمثل في تقييد الإنفاق العام المرتفع، دون التأثير على موازنة الرعاية الاجتماعية السخية التي ساعدت في الحيلولة دون تفجر اضطرابات شعبية واسعة النطاق.ويفرض انخفاض الأسعار ضغوطا على نظام اقتصادي يعتمد على إيرادات صادرات الطاقة والدعم الحكومي للأسعار، من الإسكان الشعبي إلى القروض الرخيصة، وهو الدعم الذي ساعد الجزائر في تفادي انتقال انتفاضات الربيع العربي التي شهدتها الدول المجاورة إليها - بحسب رويترز-.


وتحقيق التوازن المطلوب أمر بالغ الأهمية في وقت تسعى فيه الجزائر لجذب مزيد من الاستثمارات الخارجية، للمساهمة في زيادة إنتاج الطاقة الذي يمثل مصدر 60 في المئة من ايرادات الدولة، التي ظلت ثابتة إلى حد كبير في السنوات الثلاث الأخيرة.وقد أعلن رئيس الوزراء تجميد عمليات تعيين موظفين جدد في القطاع العام، يشمل معظم القطاعات باستثناء الطاقة والصحة والتعليم.وقال سلال انه تقرر تأجيل عدة مشروعات مزمعة لمد خطوط ترام وسكك حديدية، في حين أن مشروعا لتوسعة مطار العاصمة سيمول من خلال قروض مصرفية لا من خلال موازنة الدولة مباشرة. وأضاف أنه لا يتحدث عن تقشف بل عن ترشيد الانفاق، مشيرا إلى أن البلاد تواجه أزمة وإن كانت قد توقعتها.
وتتخذ هذه القرارات في وقت له حساسيته للقيادة الجزائرية، في ظل استمرار التساؤلات حول الحالة الصحية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي لم يشاهد علانية منذ أصيب بجلطة عام 2013 حتى بعد إعادة انتخابه في العام الماضي.


ولأن الجزائر لديها احتياطيات من النقد الأجنبي تقترب من 200 مليار دولار، فلا أحد يتوقع أن تواجه الجزائر في الوقت الحالي عاصفة مماثلة للعاصفة التي تتجمع في أفق فنزويلا، عضو منظمة «أوبك»، والتي حذرت مؤسسة «موديز» للتصنيفات الإئتمانية من أنها تواجه على نحو متزايد خطر انهيار اقتصادي.لكن بعض الاقتصاديين يقولون ان الاجراءات المحدودة التي أعلنتها الجزائر حتى الآن لن تفعل شيئا يذكر لسد عجز في الميزانية يقدر رسميا بنسبة 22 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015، احتسب على أساس أن سعر النفط يبلغ 90 دولارا للبرميل أي مثلي السعر الحالي.ويقول الاقتصاديون ان المجال محدود للمناورة، إذ أن من غير الوارد إجراء أي تخفيضات في الانفاق على الرعاية الاجتماعية في الوقت الراهن في بلد له تاريخ في تطبيق السياسات الاشتراكية ومركزية الاقتصاد.ويتوقع المحللون احتمال تأخير المزيد من مشروعات البنية التحتية، ويقولون ان المزيد من الفرص في المجالات التي لا تنتمي لقطاع الطاقة، مثل الإسكان والزراعة، قد تنفتح أمام الاستثمارات الخاصة والأجنبية لتخفيف العبء عن المال العام.