يقول خبراء إن تخفيض التصنيف لن يؤثر مباشرة في الاعتمادات المصرفية للمملكة العربية السعودية، كما أن شركات التصنيف العالمية فشلت في تقويم أزمة الرهن العقاري في 2007، بالإضافة إلى أن سيطرة 3 وكالات أميركية على عملية التصنيف أمر غير صحي.


كشف خبراء اقتصاديون أن قرار وكالة «ستاندرد آند بورز» بخفض التصنيف الائتماني للسعودية إلى (+A) لن يؤثر على مركز المملكة المالي عالمياً، لاسيما أنها واحدة من ضمن خمس وكالات تعمل في التصنيف الائتماني، ومنحت الأربع الأخرى درجات تصنيف عالية للمملكة، مؤكدين في الوقت& ذاته أن التقرير لم يعتمد على إحصاءات ومعلومات دقيقة بعد أن وصفوه بـ "المتسرع".
&
وقال الدكتور زيد رماني المستشار الاقتصادي في جامعة الإمام محمد بن سعود في تصريحات خاصة لـ "إيلاف" إن تخفيض التصنيف الائتماني للمملكة من قبل وكالة «ستاندرد اند بورز» لا يؤثر في&الاقتصاد الخارجي للمملكة، مستندًا إلى التقارير التي أصدرتها بعض المنظمات الدولية الهامة مثل صندوق النقد الدولي والتي تؤكد& قوة الوضع الاقتصادي للمملكة واستقرار الاحتياطات النقدية، مشيرًا إلى أن هذه التقارير تؤكد عدم صحة المعلومات التي استندت إليها الوكالة.
&
وأضاف رماني، أنه على الرغم من انخفاض أسعار النفط بشكل كبير إلا ان&المؤشرات الاقتصادية تؤكد أن الحياة الاقتصادية للمملكة لم تتأثر داخليًا وخارجيًا وينعكس ذلك على استقرار رواتب الموظفين وأسعار الخدمات والسلع وغيرها، وعدم وجود تضخم أو بطالة عامة، لافتا إلى ضرورة عدم الالتفات لمثل هذه التقارير التي لا تستند إلى إحصاءات دقيقة وواقع اقتصادي ملموس.
&
تصنيف غير دقيق
أكد الخبير الاقتصادي الدكتور فضل البوعينين، أن تصنيف وكالة «ستاندرد آند بورز» غير دقيق لا سيما أنها منحت الشركات التي أفلست أعلى التصنيفات الائتمانية، ومستندًا إلى فشل شركات التنصيف المالية العالمية في تقويم أزمة الرهن العقاري في عامي 2007 و 2008، والتي كان من وكالة «ستاندرد آند بورز».
&
وأضاف البوعينين: «إن شركات التصنيف ليست مراكز بحثية غير ربحية كي تبادر الى إجراء دراسات مالية لتحديد تصنيف دولة ما، بل هي شركات متخصصة تعمل وفق عقود مالية تمثل كلفة دراساتها، فمن دفع لها في مقابل تصنيفها السعودية»؟!&
&
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن الدراسات المالية تحتاج إلى بيانات موسعة وشاملة يكون مصدرها جهات رسمية، مضيفًا: «في هذه الحال يفترض أن تكون وزارة المالية الجهة المسؤولة عن تقديم البيانات الدقيقة لـ«ستاندرد آند بورز»، ولكن هذا لم يحدث.&
&
الاعتمادات المصرفية
&
وعن تأثير تصنيف وكالة «ستاندرد اند بورز» على الاعتمادات المصرفية التي تطلبها السعودية، أكد الخبير المالي عبدالله البراك أن تخفيض التصنيف لن يؤثر مباشرة في الاعتمادات المصرفية، مؤكداً أن التأثير لن يتجاوز في بعض الحالات طلب الاعتمادات المالية& رفع قيمة كلفة القرض.
&
وأضاف البراك في تصريحات نقلتها صحيفة «الحياة»، أن الجهات المقرضة ترفع قيم كلفة القرض في حال زيادة المخاطرة إذا كان التصنيف ذا درجة منخفضة، وهذا لا ينطبق على الوضع المالي للسعودية، لا سيما أن هناك معايير واضحة دقيقة للتصنيفات الائتمانية عالمياً.
&
وفي السياق ذاته، قال رئيس لجنة الأوراق المالية في الغرفة التجارية الصناعية في جدة، محمد النفيعي، إن التصنيف لن يؤثر على وضع السعودية في تعاملاتها المصرفية، مشيراً إلى أن التقرير استند الى الجانب السلبي من المعطيات الاقتصادية، وقلل كثيراً من الجانب الإيجابي.
&
وأكد النفيعي أن «انخفاض أسعار النفط خلال العام الحالي كان له تأثير سلبي نسبي في الموازنة العامة، ولكن هل نتجاهل أننا ما زلنا نملك حجم احتياطات يتجاوز بكثير دولًا عدة ذات تصنيف أعلى، مقارنة بالناتج المحلي».
&
وأشار النفيعي إلى أنه لا يمكن تحديد التصنيف بناءً على تقديرات مستقبلية لأسعار تحتمل التغير بين الحين والآخر، مشيرًا إلى ان&تقرير الوكالة شابه الكثير من التسرع، خاصة وأنه لم ينتظر الإعلان الرسمي للموازنة، مضيفًا « هناك دول عدة شهدت أزمات مالية كبيرة ومنها دول كبرى ولم تتعامل بطريقة التصنيف نفسها».&
&
إنشاء وكالة المحلية
&
ومن جانبه، قال نبيل المبارك الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للمعلومات الائتمانية "سمة"، إنه خلال فترة بسيطة سيكون هناك وكالة تصنيف محلية في السعودية، مشيرًا إلى أن سيطرة 3 وكالات أميركية فقط على 95% من وكالات التصنيف العالمية أمر غير صحي خاصة مع وجود بعض التدخلات.
&
وأكد المبارك ضرورة أن يكون للمملكة وكالة تصنيف محلية تصدر التقارير لتعطي صورة أوضح عن وضع الاقتصاد المحلي، موضحا أن كل وكالة تصنيف ائتماني لديها معايير معينة وأسس مختلفة، لافتًا إلى أن عدم وجود مشاورات بين الوكالة والجهات المسؤولة في المملكة أدى إلى خروج هذا التقرير.
&
انتقادات دولية
&
ومن جهة أخرى، يواجه تقويم «ستاندرد آند بورز» للوضع الائتماني للدول انتقادات دولية كبيرة من العديد من الدول، من بينها السعودية وإيطاليا والولايات المتحدة الأميركية، وأبرز هذه الانتقادات أن الوكالة تتلقى أموالاً من الشركات لتقويم وضعها الائتماني، الأمر الذي يجعل تقويمها «غير موضوعي».&
&
وكانت وزارة المالية السعودية قد رفضت إقدام مؤسسة «ستاندرد آند بورز» على خفض التصنيف الائتماني السيادي الطويل الأجل للسعودية بالعملتين المحلية والأجنبية، واعتبرت تقويمها «رد فعل متسرعاً وغير مبرر ولا تسنده الوقائع».
&
وفي عام 2012 قضت المحكمة الاتحادية الأسترالية بأن «ستاندر آند بورز» أخطأت بإصدار تصنيف إيجابي لإحدى المجموعات الأسترالية، لأنه بني على معلومات غير دقيقة، بينما وفي عام 2009 اتهمت المفوضية الأوروبية الوكالة ذاتها بإساءة استخدام وضعها باعتبارها محتكراً لشق كبير من المعلومات المالية.
&
وأوردت صحيفة «فايننشيال تايم» في الرابع من&أكتوبر الماضي أن إيطاليا تستعد لمقاضاة «ستاندر آند بورز» إثر خفضها التصنيف الائتماني لإيطاليا بما وضع مستواها الائتماني في مستوى كازاخستان، حيث تتهم إيطاليا خمسة موظفين يعملون لدى الوكالة وموظفاً من وكالة فيتش الائتمانية بالتسبب في ضرر غير مبرر لإيطاليا، وذلك لقيامهم بوضع التصنيف الائتماني لإيطاليا في عامي 2001- 2012.
&
كما انتقد الرئيس السابق للوكالة ديفن شرما التصنيف والأبحاث التي تقوم بها. وحين أعلنت الوكالة في أواخر عام 2013 خفض التصنيف الائتماني لفرنسا، قال كتاب ومحللون ماليون؛ إن قرار الوكالة قائم على السياسة أكثر منه على التحليل المالي الصائب.