دبي: أصدر معهد البحوث التابع لبنك "كريدي سويس" اليوم دراسته السنوية الخامسة حول توجهات المستهلكين في الأسواق الناشئة، وهي دراسةٌ تفصيلية تستعرض توجهات المستهلكين والعوامل المحركة لها في الأسواق الناشئة. وتوفر هذه الدراسة رؤيةً حالية لتوجهات المستهلكين وأنماط الاستهلاك المستقبلية في الوقت الذي برز فيه القلق حيال الأسواق الناشئة، حيث يفرض انخفاض معدلات النمو إلى جانب التقلبات المتواصلة على مستوى أسعار السلع وصرف العملات الأجنبية تحدياتٍ جديدة.

لتنفيذ هذه الدراسة، تعاون بنك "كريدي سويس" من جديد مع شركة "نيلسن" الرائدة في بحوث الأسواق العالمية لإجراء حوالي 16 ألف مقابلة مباشرة مع مستهلكين في تسع دول هي: البرازيل، والصين، والهند، وإندونيسيا، والمكسيك، وروسيا، والمملكة العربية السعودية، وجنوب إفريقيا وتركيا. ويتميز البحث بقياسه لسلوك المستهلكين في هذه الدول بطريقةٍ متسقة ومفصلة؛ حيث تضمّن حوالى 100 سؤالاً للمساعدة على إنشاء ملف مفصل يتضمن عادات الإنفاق الخاصة بالمستهلكين، والنوايا المستقبلية والعوامل المؤثرة بهم.

وحول أهمية هذه الدراسة، قال ستيفانو ناتيللا، الرئيس العالمي المشارك لوحدة البحوث التحليلية والأسهم في بنك "كريدي سويس": "توفر دراستنا تحليلاً فريداً ومفصلاً حول توجهات المستهلكين في العالم الناشئ. ومع تدقيق الكثيرين للتوقعات المستقبلية الشاملة للأسواق الناشئة وسط التقلبات الحالية، يذكّر التحليل الدقيق من العام إلى الخاص في دراستنا بما قد تكون عليه توجهات المستهلكين من ابتعاد عن حالة النمطية. ويعكس التحليل المتوافر في هذا التقرير وقاعدة بياناته المتوافقة تطلعات معهد بحوث بنك كريدي سويس لتزويد عملائنا برؤى فريدة وخاصة تدعم استراتيجياتهم الاستثمارية والمؤسسية".

من جانبه قال جايلز كيتنج، الرئيس العالمي لوحدة بحوث الخدمات المصرفية الخاصة وإدارة الثروات في بنك "كريديت سويس": "تستعرض هذه الدراسة التأثير المتباين لانهيار أسعار النفط على الأسواق الناشئة. وترزح توجهات المستهلكين في روسيا واقتصادات أميركا اللاتينية تحت الضغط، وبصورة مناقضة لحالة الهند التي تبدو فيها تطلعات المستهلكين قوية بفضل الإصلاحات. وبصفةٍ إجمالية، فإن فرص الاستثمار الهيكلية في هذه الأسواق الاقتصادية لم تختفِ، ولم تختفِ أيضاً نقاط الضعف التي كانت تشوبها".

تصنيف كريدي سويس حول ثقة المستهلكين في الأسواق الناشئة لعام 2015
تتيح المجموعة الكبيرة من الأسئلة المتوافرة في الدراسة الاستطلاعية لكريدي سويس قياس توجهات المستهكلين في الدول التسع التي شملتها، ومن خلال النظر إلى توقعاتها على المدى المتوسط للجوانب المالية الشخصية، وتوقعات التضخم، وتوجهات دخل العائلات إلى جانب نوايا الإنفاق الحالية لديهم.

تتصدر الهند تصنيف كريدي سويس حول ثقة المستهكلين في الأسواق الناشئة لعام 2015، علماً بأنها كانت في المركز الرابع ضمن تصنيف العام الماضي. واستفادت الهند من أدائها الثابت، حيث كانت الدولة الوحيدة التي احتلت أحد المراكز الثلاثة الأولى في المقاييس الرئيسة المذكورة أعلاه. وتراجعت الصين من المركز الأول في تصنيف العام الماضي إلى المركز الخامس هذا العام، وفي الوقت الذي باتت تحظى فيه بحصةٍ كبيرة من النقاش الدائر حول الأسواق الناشئة، يشير محللو بنك كريدي سويس، على الرغم من الزخم الناتج من هذه القصة، إلى أنها بعيدة عن أن تكون المصدر الأكبر لنقاط ضعف المستهلكين في الأسواق الناشئة، إذ يظهر ذلك في روسيا وجنوب إفريقيا.

ويقوم التقرير بتحليل الأسواق الاقتصادية والمستهلكين الذين يمكن أن يعانوا من التقلبات الحالية التي تشهدها أسعار السلع وسعر صرف العملات. وتتعرض الهند، وتركيا والصين إلى هذا الأمر بصورة أقل مباشرة مقارنةً مع روسيا، وأمريكا اللاتينية وجنوب إفريقيا.

الموضوعات الرئيسة
1. التجارة الالكترونية والمستهلك الناشئ
توفر الدراسة الاستطلاعية لهذا العام دعماً إيجابياً للغاية على مستوى توقعات التجارة الإلكترونية في الدول التي شملتها، حيث تشير نتائج دراسة هذا العام إلى أن التجارة الإلكترونية في الدول التسع ستحظى بحصةٍ أكبر من إجمالي مبيعات التجزئة مقارنةً مع الأسواق الاقتصادية المتطورة.

وتتضمن قائمة الأسباب الخاصة بهذا الأمر كلاً من: قطاع تجزئة "الأصول الثابتة" النامي نسبياً، وبشكلٍ خاص في المناطق الريفية، كما أسفر النمو السريع في نسبة المستهلكين الذين يستخدمون الهواتف الذكية لتصفح شبكة الإنترنت عن تشكيل آفاق جديدة للإنفاق والعوامل الكامنة وراء توسيع الدخل المتاح. وتتوقع الدراسة الاستطلاعية الحالية أن يؤدي ذلك إلى رفع إجمالي مبيعات التجزئة السنوية على شبكة الإنترنت في الأسواق التي شملتها الدراسة لتصل إلى 3 تريليون دولار أميركي، الأمر الذي سيؤثر على الشركات في العديد من القطاعات ومنها قطاع التجزئة، والخدمات المالية، والأمن والتكنولوجيا.

تجدر الإشارة إلى نمو سلوك تصفح شبكة الإنترنت بين المستهلكين الهنود. وعلى سبيل المثال، فقد نمت نسبة المستطلعين الهنود الذي يستخدمون الإنترنت للتسوّق إلى 32% مقارنةً مع 20% في عام 2013، علماً بأن نسبة المستطلعين الذين يرجح استخدامهم للإنترنت بغرض التسوق في المستقبل أعلى حالياً مما عليه الحال في الصين. وتبرز إمكانات كبيرة في هذا المجال أيضاً في أميركا اللاتينية.

2. السفر والترفيه والمستهلك الناشئ
تعتبر الرغبة بتعزيز الإنفاق المستقبلي على العطلات والسفر من الموضوعات الرئيسة الثابتة في جميع دراساتنا الاستطلاعية السابقة، وسيتواصل هذا الأمر خلال عام 2015. وارتفعت الرغبة بالسفر من جديد في هذه الدراسة الاستطلاعية حيث ارتفعت نسبة المستهلكين الذين يقضون عطلة من 45% إلى 65% منذ إطلاق كريدي سويس لدراساتها الاستطلاعية وباتت العطلات المتعددة الآن من السمات الرئيسة. وتعبّر الاتجاهات على الأمد القصير عن نفسها بطريقةٍ مختلفة بحسب الدولة. وعلى سبيل المثال، فقد تسارعت الرغبة بالسفر بطريقةٍ مجدية أكثر في المكسيك والهند، لكنها شهدت تباطؤاً في الصين وتركيا وجنوب إفريقيا.

ويعد التفاعل مع التكنولوجيا من الموضوعات المتصلة والمرئية في الدراسة الاستطلاعية. وتشهد قنوات توزيع السفر العالمي تطوراً سريعاً، في ظل التركيز بشكلٍ أكبر على الحجوزات عبر شبكة الإنترنت من خلال القنوات المباشرة (التي تمتلكها الشركات) والقنوات غير المباشرة (وكلاء سفر الطرف الثالث على شبكة الإنترنت). وتحمل التغييرات المرافقة لقنوات الحجوزات التي اختارها المستهلكون تأثيراتٍ عميقة على سلسلة قيمة الصناعة، وبشكلٍ خاص على مستوى الفنادق، حيث تشهد هوامش الربح ضغطاً، على الرغم من توفير إمكانيات كبيرة للمنصات الموجودة عبر شبكة الإنترنت.

3. قطاع السيارات والمستهلك الناشئ
يعد قطاع التنقل من الاتجاهات الرئيسة الأخرى للأسواق الاقتصادية التي تشهد فيها حصة الفرد من الناتج الإجمالي المحلي ارتفاعاً. وحافظت الصين، التي تعتبر أكبر سوق للسيارات في العالم، على توجهها الإيجابي القوي على صعيد تملّك السيارات، حيث وصل معدل النمو السنوي المركب إلى 13% منذ الدراسة الاستطلاعية التي أجرتها كريدي سويس في عام 2010، وهي أكبر نسبة نمو في دراستها. كما تشهد تركيا تطوراً سريعاً، حيث بلغ معدل النمو النوي المركب 6%. وبقيت نسب التملّك مستقرة على نطاقٍ واسع في المناطق الأخرى. وسجلت الهند وإندونيسيا النسبتين الأقل على مستوى ملكية العائلات للسيارات، حيث بلغت النسب في هاتين الدولتين 19% و7% على التوالي، وهي تعتبر في هذا الصدد مصدراً لإمكانيات كبيرة.

ومن المهم جداً عدم النظر إلى نمو سوق السيارات في العالم الناشئ، وبشكلٍ خاص في الصين، بمعزلٍ عن التطورات التنظيمية في مجالات مكافحة التلوث، وكفاءة استهلاك الطاقة، وإلى حدٍّ أقل، متطلبات السلامة. وفي الوقت الذي تعتبر فيه الإنبعاثات من مصادر القلق في الصين، فإن أهداف عام 2020 لمكافحة ثاني أكسيد الكربون تتطلب، على سبيل المثال، تخفيضاً بنسبة 32% مقارنةً مع المستويات الفعلية في عام 2013 (ومقارنةً مع 25% في أوروبا). ويشير هذا إلى أهمية التطورات التقنية في مجال مكونات السيارات التي تلبي هذه الحاجة.

4. الرعاية الصحية والمستهلك الناشئ
ينظر إلى قطاع الرعاية الصحية في الأسواق الناشئة باعتباره من فرص النمو الهيكلية للشركات والمستثمرين على حدٍّ سواء. ويمكن وصف العلاقات بين معدل الإنفاق على الرعاية الصحية وحصة الفرد المرتفعة من الناتج الإجمالي المحلي بأنها راسخة. وفي حقيقة الأمر فإن الصورة أكثر تعقيداً مما تشير إليه العلاقات البسيطة، خاصةً عندما يتم تفسير الأمر على مستوى توقعات الإيرادات الخاصة بالشركات. وتعتبر طبيعة تناسب قطاع الرعاية الصحية (حصة القطاع العام في مقابل حصة القطاع الخاص)، وحضور العلامات التجارية المحلية مقابل العلامات التجارية العالمية ومن يدفع الفواتير في نهاية المطاف من الاعتبارات الرئيسة.

نمو الاستفادة من قطاع الرعاية الصحية – تنمو نسبة تدخل الحكومات في معظم الدول، في ظل زيادة نسبة الأشخاص الذين يحصلون على الأدوية المجانية في الأسواق الناشئة من 26% في عام 2011 إلى 48% في عام 2014.

المصروفات النثرية تحافظ على استقرارها – كنسبةٍ من الإنفاق العام للمستهلكين، بقيت المصروفات النثرية على الرعاية الصحية طفيفة على نطاقٍ واسع بحوالى 5% من الدخل، لكن الدخل يشهد نمواً بطبيعة الحال.

الثقة بالعلامات التجارية المحلية، وتراجع مخاوف السلامة – شهدنا زيادة في الثقة الإجمالية التي تحظى بها العلامات التجارية المحلية (من 57% إلى 59% على أساس عدد السكان، مع زيادة الثقة في الهند والصين. وما يزال الترابط بين انخفاض الثقة بالعلامات التجارية المحلية والاستعداد للإنفاق على العلامات التجارية العالمية من السمات الرئيسة.

لغز العلاقة بين العمر والدخل – يزداد الدخل والإنفاق على المواد الدوائية بزيادة العمر في الأسواق المتطورة. وتتوافق القوة الشرائية مع الاحتياجات. وتواصل دراسة كريدي سويس الاستطلاعية الإشارة إلى أن هذه الحال لا تنطبق على الأسواق الناشئة في عالمٍ ما يزال فيه الدخل المتاح أكثر تركيزاً في أيدي الشباب. ولا تتوافق الحاجة إلى الرعاية الصحية بشكلٍ جيّد مع موقع القوة الشرائية.

5. العلامات التجارية والمستهلك الناشئ
يقوم التقرير بتحديث تحليله الفريد للعلامات التجارية، ويثير العديد من الموضوعات الرئيسة. وتحظى المعركة بين العلامات التجارية المحلية والعالمية بتركيزٍ رئيس، حيث تسلّط الضوء على المنتجات والتفضيلات على المستوى المحلي.

ويعد الترابط بين التكنولوجيا والتجارة الإلكترونية من السمات الجديدة في هذا النقاش، وهو يسلّط الضوء على أهمية العلامات التجارية والمنصات المحلية أكثر من العالمية، والتحديات التي يفرضها على الشركات والشبكات البرمجية العالمية. وعلى صعيد المعدات، يشدّد التحليل على زخم علامة "آبل" التجارية، على الرغم من حضور سامسونغ، هو الأوسع وتقديرها يتزايد في عموم العالم الناشئ. وتعتبر هذه العلامة التجارية من العلامات التي تحتل الصدارة في مجموعٍ واسعة من الفئات.

وبعيداً عن التكنولوجيا، يعد تنامي الحضور المتسارع لعلامات الأزياء المعاصرة النموذجية مثل "H&M" و"Zara" من الموضوعات الرئيسية في الدراسة الاستطلاعية، في الوقت الذي تشهد فيه علامات الأزياء الفاخرة شيئاً من بريقها.

أبرز النقاط الخاصة بالدول
المملكة العربية السعودية: نظام البترودولار
ما يزال المستهلك السعودي في المركز الخامس في قائمة الدراسة المخصصة لثقة المستهلكين، على الرغم من أن كريدي سويس تشير إلى أن الدراسة الاستطلاعية أجريت خلال فترة انخفاض أسعار النفط في الربع الأخير من السنة المالية، ومن المرجح أن تلقي الآثار الكاملة بظلالها على المستهلكين المقيمين في اقتصادٍ يرتبط مصيره على نحوٍ وثيق بهذه السلعة. ويأتي هذا التصنيف الذي يتوسط القائمة نتيجة مجموعة من الإجابات المختلطة للمستهلكين السعوديين، والتي تعكس الاختلالات الاجتماعية والاقتصادية الأوسع حالياً في مجتمع يشكلٍ فيه المغتربون نسبة 30%.

وترى، كريدي سويس في هذه الدراسة الاستطلاعية، استمراراً للاتجاه الذي يكون فيه أصحاب الدخل الأعلى أكثر تفاؤلاً تجاه شؤونهم المالية الشخصية. وكانت هذه الفئة أكثر تفاؤلاً بنسبة تتراوح بين 15% و20% مقارنةً مع أصحاب الدخل الأكثر انخفاضاً للدراسة الاستطلاعية الثالثة على التوالي إذا ما عدنا إلى البيانات الواردة في الدراسة الاستطلاعية التي أجريت في عام 2012.

ومن الجدير ذكره، أننا شهدنا قفزة صغيرة في توقعات ذوي الدخل الأكثر انخفاضاً في المجتمع، حيث يتوقع 24% من الأشخاص الذين يقل دخلهم عن 5000 ريال سعودي أن تتحسن شؤونهم المالية الشخصية خلال فترة ستة أشهر. ويمكن أن يعزى ذلك إلى مبادرة وزارة العمل في بداية عام 2014 لرفع الحد الأدنى للأجور. ومن جديد، يعد انتشار السلع في السوق السعودية الأعلى على لائحة تصنيفات الدراسة الاستطلاعية، حيث يزيد انتشار السلع عن 90% على مستوى الحواسيب، والسيارات، والهواتف الذكية.

وفي الواقع، أكد 1583 من الذين شملتهم الدراسة الاستطلاعية في السعودية أنهم يمتلكون هاتفاً نقالاً. وتدفعنا المعدلات المرتفعة لانتشار السلع إلى الاعتقاد بأن فرصة السوق تكمن حالياً في تداول السلع. ويمكن ملاحظة ذلك من خلال الزخم القوي المتواصل لانتشار الهواتف الذكية، الذي ارتفع من 68% في دراستنا الاستطلاعية لعام 2012 إلى 96 % في دراسة هذا العام.
&