تعاني شركة سابك السعودية من تراجع في القيمة المالية كما أن الاستحواذات التي قامت بها الشركة خلال السنوات الماضية تعاني الكثير من مشاكل الربح والإنتاج، وذلك رغم الدعم الحكومي الكبير لعملاق صناعة البتروكيماويات.


&
&لندن:&يقول العارفون في علم الاقتصاد والشركات أن توسعات الشركات يجب أن يترافق معه نمو في حجم الشركة المالي، لكن ما حدث في شركة سابك السعودية يخالف التوقعات فخلال خمس سنوات تراجع حجم الشركة المالي من ١٢٠ مليار دولار حتى وصل إلى ٧٠ مليار دولار،&وأن الشركات التي تفاوضها أو استحوذت عليها سابك &في أوروبا وأميركا لم تكن شركات ناجحة ورابحة، بل كانت &تعاني مشاكل إنتاجية ومالية .
&
الدعم الحكومي لسابك
أنشئت (سابك) بهدف إيجاد قيمة مضافة لاقتصاد السعودية، من خلال قيادة وتطوير الصناعات البتروكيماوية، وعلى مدى ٣٠ عاماً استطاعت سابك دعم قطاع الصناعة التحويلية في المملكة معتمدة بذلك على الاعانات الحكومية والتي تقدم بسخاء من&قبل&وزارة&البترول وأرامكو لدعم الصناعات التحويلية ، وبلغت حصة سابك من التحفيز الحكومي لغاز الإيثان خلال عام 2013 نحو 8.3 مليار ريال، وهذا بخلاف حصتها من الغاز الطبيعي والكهرباء والماء، كما تقدم الحكومة السعودية أسعارا تحفيزية&للقيم&المستخدمة من قبل شركة سابك والقطاع الصناعي حيث تباع بأقل من متوسط سعره عالميا بنحو 93 في المائة بفارق قيمته 34.7 ريال للمليون وحدة حرارية، &كما شمل التحفيز الحكومي أسعار الوقود المنخفضة، إلى بيع الكهرباء لشركة سابك بأسعار تفضيلية، &حيث يباع سعر الكيلو واط بأقل من متوسط تكلفته عالميا بنحو 81 في المائة. ويقدم صندوق الاستثمارات العامة دعما ماليا حكوميا مباشرا لتمكين الشركة من تنفيذ مشاريعها وخططها في التوسع والنمو دون الحاجة لطرق ابواب البنوك التجارية التي بطبيعة الحال تسعى لتحقيق فوائد عالية من المقترضين.
&
الشراكات المحلية
تدرس الشركة الدخول في صفقات شراء لشركات محلية قائمة، وهناك عددا من المشاريع المستقبلية قيد الدراسة، ويشير المهندس الماضي الذي يرأس الشركة منذ عام &١٩٩٨م إلى &أن إنجاز تلك المشاريع قد يكون عن طريق بناء وحدات إنتاجية جديدة كليا أو شراء وحدات قائمة وضمها للشركة، وأكد أن الشركة في حال وجدت فرصة استثمارية تتناسب مع متطلبات خططها وتتوافق مع معاييرها وشروطها فإنها لن تتردد باستغلالها واستثمارها. وقد تم تنفيذ جزء من الخطة وذلك بالاستحواذ على 35% من شركة كيان والتي تاسست لانتاج مواد بتروكيمائية متخصصة. والكل سمع بنار الخلافات التي استعرت بين الشركاء وسابك واطفئها تدخل وزارة التجارة والصناعة باتفاق يخفض المنافع التي تحصل عليها سابك من كيان ووضع ضوابط للحد من الهيمنة على الادارة.
&
التوسع العالمي
بدأت (سابك) مسيرتها ببداية بسيطة حتى أصبحت من ضمن أول عشرة شركات في صناعة البتروكيمياويات، وتطمح أن تصبح الشركة الرائدة والمفضلة عالمياً في مجال هذه الصناعة وفقاً لاستراتيجيها 2025، من خلال مساندة الصناعات التحويلية الجديدة على النمو عن طريق تقديم منتجات وحلول مبتكرة ودعم عالمي المستوى في مجال الابتكار.
&
ومنذ أن تولى المهندس محمد الماضي &دفة قيادة الشركة في ١٩٩٨ وذلك بعد نحو &٢١ عاماً من الانضمام لفريق عمل الشركة اتخاذ القرار المتعلق في التوسع من خلال استحواذات خارجية، وتعد هذه السياسة التي اتخذت الشركة في البداية أمر خارجاً عن المألوف، كونها استراتيجية جديدة لم تكن الشركة أو الإدارات المتحفظة التي تولت دفة الشركة قبل حقبة الماضي.
&
كما أن هناك انتقادات تخص الماضي نفسه تناقلتها الأوساط الاقتصادية، لا يعرف لها أي مصدر أو دليل، وأن &الماضي لايملك الكفاءة فيما يتعلق بالمال والأعمال الدولية وخاصة فيما يطلق عليه الاستحواذ والاندماج، &لكن الشركة بدأت سياساتها التوسعية، من خلال البحث عن الشركات المتعثرة &في أوروبا وأميركا والاستحواذ عليها، وبرر الماضي هذه السياسة في اكثر من مناسبة (نتعلم منهم كيف تدار الاعمال)، وكأن الشركة التي تعد من أكبر شركات البتروكيماويات في العالم، وتمثل مرجعية في إدارة المشاريع البتروكيمائية في العالم، وتملك الخبرات التقنية والفنية في المجالات المتعلقة بصناعة المواد النفطية التحويلية، بحاجة إلى مزيد من التعلم رغم خطورة الاستحوذات، فالتاريخ يتحدث عن &الاستحوذات بقدر كبير من السلبية، وعدم النجاح.
واقتصرت استحواذت سابك &خلال &١٢ عاماً مضت علي قطاع الكيماويات في شركة DSM &الهولندية في ٢٠٠٢، والاستحواذ بالمشاركة مع شركة Sud-Chieme الألمانية في عام 2003 على شركة ساينتفيك ديزاين المتخصصة في صناعة الحفازات وهندسة العمليات من شركة لندي Lindeالألماني، وكذلك قطاع الصناعات البلاستيكية التابع لشركة جنرال إلكتريك الأميركية، والذي يعمل الآن تحت مسمى قطاع &شركة سابك البلاستكيات المبتكرة.
&
تحديات ومخاطر الاستحواذ
لا تخلو عمليات الاستحواذ في القطاعات الاقتصادية ومن ضمنها الصناعات البتروكيماوية من مخاطر كما أنها تتطلب وقتا طويلا وجهدا مكثفا قبل أن تنعكس على أداء الكيانات الناتجة عن تلك العمليات سلبا أو إيجابا، وتقدر دراسة حديثة أعدتها شركة &A.T. Kearney الاستشارية العالمية نسبة الفشل في تحقيلق نتائج إيجابية بنحو 70 في المائة من إجمالي صفقات الاستحواذ عالميا، ومع ظهور الأزمة الماليه العالمية في أوروبا والتي أثرت بشكل كبير علي الشركات التابعة للشركة، وبالتالي تراجع حجم شركة سابك المالي من 120 &مليار دوﻻر قبل 5 سنوات، وأصبح حجم الشركة 70 مليار دولار في الوقت الراهن.
&
الانتقادات التي واجهتها الشركة:
ورغم الحديث من &الطموح الكبير بأن تصبح الشركة الرائدة والمفضلة عالمياً في صناعة البتروكيماويات، لكن العارفون بما يحدث في دهاليز الشركة ومستقبلها الحقيقي، يقولون أن الدعم الحكومي المستمر هو سبب نجاح الشركة، لو عوملت كشركة قطاع خاص، وتم تقليص حجم الدعم الحكومي &لها لواجهت مصاعب مالية &كبيرة في تدبيروادارة نفقاتها، وأن ربحيتها ستتحول لعجز كبير، كما يدور في دهاليز الشركة انتقادات تتمحور حول عدم استخدام كارت سابك دوليا بشكل يسمح للشركة ان تبحث عن مصادر طبيعية خارج المملكة وبناء علاقات استراتيجية وعلاقات حكومية قوية، وذلك رغم الاعلانات المتكررة التي اطلقها الماضي خلال السنوات المنصرمة عن نية الشركة في الاستثمار في الغاز الصخري. كما أن المفاوضات التي قامت بها سابك كانت مع شركات وأفراد في أوروبا وأميريكا &في بيئات كانت ولاتزال تسعى للتخلص من هذه الصناعات بسبب مشاكل تتعلق بسياسات بيئية إنتاجية ومالية. وذلك بدﻻ من التفاوض مع منتجي اللقيم ومن لهم أصول في مناطق الانتاج ذات العلاقة بمنتجات الصناعات التحويلية العالمية، &ويرى المراقبون أن الشركة لم تستحدث وظائف داخل المملكة تخص المواطنين السعوديين بعد الاستحواذات التي دفع مقابلها مايزيد عن راس مال الشركة الام، مما يعني أن &توقيت الاستحواذات لم يكن بمصلحة سابك.بل وبسبب الاستحواذات في مناطق عالية الكلفة اصبح مايصرف على الموظفين في الخارج من رواتب ومميزات اعلى بكثير من ما يصرف داخل المملكة. وهذا اخلال باحد مهام الشركة الكبرى والتى رسمتها لها الدولة الا وهي تدريب وتوظيف السعوديين.
&
ويقارن العارفون ببواطن الأمور بين ما يحدث في سابك من تراجع في النمو والربحية، وما يحدث في شركات مماثلة مثل BASF و DOW &التي سجلت &أعلى مستويات النمو في صناعة البتروكيماويات.
&
ورغم ماحدث فان الفرصة مواتية لاجراء تعديلات هيكلية وادارية وذلك بالاستعانة بطاقم اداري جديد لاينتمي الى الفلسفة الادارية المركزية السابقة.
&فالقطيعة مع الاساليب القديمة والاستعانة بوجوه جديدة لاتمثل استمرارية للنموذج القديم يعتبر مطلبا ملحا وقرارا حكيما عندما يتخذ لاعطاء هذه الشركة العملاقة الطاقة والزخم اللازمين لمواجهة تحديات الاسواق الدولية ولتعظيم ربحيتها لتخفيف اعباء الاعانات التي تقدمها الحكومة للشركة.