&نيويورك: تواجه الكثير من الشركات الأميركية ذات التواجد الدولي، وعلى رأسها «بروكتر اند غامبل» للسلع الإستهلاكية وعملاق البرمجة الحاسوبية «مايكروسوفت» وعملاق صناعة الأدوية «فايزر»، عدوا مشتركا ألا وهو الدولار ذو القيمة المرتفعة أمام العملات الأخرى، حيث وصل سعر الدولار مستوى عاليا لم يبلغه على مدى الـ 11 عاما الماضية، وذلك بعد أن ارتفعت قيمته منذ حزيران/يونيو عام 2014 بنحو الربع مقارنة بأهم العملات الأخرى.ويمثل هذا الارتفاع الهائل في قيمة الدولار مشكلة لجميع الشركات الأميركية التي تبيع الكثير من منتجاتها خارج الولايات المتحدة - بحسب وكالة أنباء الأناضول-.
عن ذلك يقول البروفيسور كامبل ار. هارفي، من جامعة ديوك في مدينة دورهام بولاية كارولينا الشمالية «نحن في منافسة قبيحة يحاول فيها المنافسون، سواء منطقة اليورو أو اليابان أو كندا، خفض قيمة عملتهم مقابل الدولار بقدر ما يستطيعون».ورجح هارفي أن تحاول الصين هي الأخرى خفض قيمة عملتها أمام الدولار، وأوضح أنه كلما انخفض سعر عملة هذه الدول كلما كان ترويج منتجاتها الوطنية أسهل عالميا.وأضاف «يعاقب المصدرون الأمريكيون من خلال هذه المنافسة على خفض قيمة العملات المحلية» مما يؤدي إلى انخفاض أرباح الشركات الأمريكية و تزايد أعداد العاطلين عن العمل.وتجري جامعة ديوك استطلاعا ربع سنوي بالتعاون مع مجلة «سي.إف.أو» عن تقديرات القيادات الاقتصادية في الشركات الأمريكية.
وأظهر هذا الاستطلاع الذي أعلنت نتيجته أمس الأول أن الشركات الأمريكية تتخوف كثيرا من استمرار صعود الدولار، حيث تبين من خلال الاستطلاع أن ثلثي المصدرين الأمريكيين الذين يوزعون أغلب منتجاتهم خارج أمريكا يرون أن أعمالهم تضررت جراء ارتفاع الدولار .ولكن ليست أمريكا كلها تعاني من قوة الدولار، حيث إن الشركات التي تشتري احتياجاتها خارج الولايات المتحدة تستفيد منذ ذلك، وعلى رأسها الشركات التي تعتمد على موردين خارج أمريكا وكذلك شركات الملابس التي تنتج ملابسها خارج حدود الولايات المتحدة.كما يمكن للمستهلك الأمريكي الاستفادة بشكل مباشر من هذا الارتفاع الواضح لعملته الوطنية في ظل رواج التجارة الإلكترونية عبر الإنترنت، هذا أمر جميل للمستهلك على المستوى الفردي، ولكنه سيء بالنسبة للاقتصاد الأمريكي، الذي يعاني أيضا من تفضيل الأمريكيين قضاء عطلاتهم خارج بلادهم، في ظل انخفاض تكلفة هذه العطلات بسبب ارتفاع الدولار، لأن هؤلاء السائحين لن ينفقوا أموالهم على ضائع مكتوب عليها عبارة «صنع في أمريكا».
لذلك فإن معظم خبراء الاقتصاد يحذرون من المخاطر الاقتصادية وراء ارتفاع العملة الأمريكية. وتظهر نظرة على الأداء ربع السنوي للشركات الأمريكية أن عددا كبيرا من الشركات الكبيرة اضطرت الآن بالفعل إلى خفض توقعاتها بالنسبة للأرباح على خلفية ارتفاع قيمة الدولار.ويتوقع محللون أن يستمر هذا الارتفاع، وأن تؤدي وفرة اليورو الجديدة بسبب إجراءات البنك المركزي الأوروبي لوصول قيمة الدولار إلى مستوى مشابه لقيمة اليورو، وذلك بعد أن بذل المركزي الأوروبي قصارى جهده في توفير اليورو قدر الإمكان للشركات، في الوقت الذي بدأت فيه الولايات المتحدة إنهاء تسهيلات الحصول على الدولار.
«ولكن وعلى أية حال فإن البنك المركزي الأمريكي أحد البنوك المركزية القليلة في العالم التي لم تشارك في السباق الكوني لخفض العملة» حسبما رأى لوتس كاربوفيتس، خبير مصرف «كوميرتس بنك» الألماني.ويوم الثلاثاء الماضي ذكر الصحافي جون هيلزينرات، مراسل صحيفة (وول ستريت جورنال)، الذي يعد أحد أكثر الصحفيين الأمريكيين اتصالا بدوائر البنك المركزي الأمريكي، أنه من المحتمل أن يبدأ البنك المركزي الأمريكي مرة أخرى في رفع الفائدة وذلك خلال جلسته المزمعة في حزيران/يونيو المقبل، وهو ما يعني زيادة ارتفاع قيمة الدولار عما هو عليه الآن ويعني أيضا زيادة نحيب المصدرين الأمريكيين.
التعليقات