لندن:&يؤكد فيل ولورا بيرشلي "كل شىء يرتفع كل سنة الا رواتبنا"، معبرين عن وضع ملايين البريطانيين من الطبقة الوسطى الذين لا يستفيدون من الانتعاش الاقتصادي، في ظاهرة تثير قلق الحزب المحافظ الحاكم قبل الانتخابات التشريعية.وكان رئيس الوزراء ديفيد كاميرون اطلق عند وصوله الى السلطة في 2009 اجراءات تقشفية لخفض العجز العام بمقدار النصف بعدما بلغت النفقات ذروتها في 2009، من اجل مواجهة الازمة المالية.لكن هذا الجهد رافقه الغاء عدد كبير من الوظائف في القطاع العام وتجميد الاجور ونشاط اقتصادي بطيء.
وعلى الرغم من وقف التضخم مؤخرا، سجلت الاسعار خلال خمس سنوات ارتفاعا نسبته 11,5 بالمئة بينما ارتفعت الاجور بمعدل يبلغ بالكاد 7,5 بالمئة، حسب مكتب الاحصاءات الوطنية. وبذلك انخفضت القدرة الشرائية للعائلات.وقال سايمن رين لويس استاذ الاقتصاد في جامعة اوكسفورد ان "تراجع الاجور الفعلية منذ خمس سنوات حدث يكاد يكون غير مسبوق في المملكة المتحدة". واضاف ان احد التفسيرات لذلك هو "الانتعاش الضعيف جدا" الذي سجل منذ الازمة.وقد انخفضت نسبة البطالة منذ منتصف 2013، لكن جزءا كبيرا من الوظائف التي فتحت هي وظائف صغيرة اجرها ضئيل.
واتسمت السنوات الاخيرة ايضا بتفاقم التفاوت الطبقي: ففي لندن زادت ثورة الميسورين الذين يشكلون عشرة بالمئة من سكان العاصمة بمقدار الربع بالمقارنة مع ما كانت عليه قبل الانكماش، بينما انخفض دخل الاكثر فقرا بمقدار الخمس، كما افادت دراسة لجامعة "لندن سكول اوف ايكونوميكس" للفترة 2007-2013. واشارت هذه الدراسة ايضا الى تراجع نسبته 11 بالمئة في معدلات الاجور.وهذه الظاهرة واضحة ايضا في بقية انحاء البلاد مثل ووستر المنطقة التي تعيش فيها طبقة متوسطة في ويست ميدلاندس (غرب انكلترا) وتضم وسط كبرى مدنها كاتدرائية عريقة يرقد فيها الملك جون (1199-1216) شقيق ريتشارد قلب الاسد.
وقال ديفيد كريسماس مدير المركز المحلي لجمعية "مسيحيون ضد الفقر" (كريستشانز اغينست بوفرتي) انه "على الناس شد الاحزمة في السنوات الاخيرة".وتنتشر ظاهرة ارتفاع الديون بما في ذلك في الطبقة الوسطى لان "الناس الذين هم فوق خط الفقر تماما يعانون من عدم ارتفاع الاجور بالنسبة نفسها للتضخم".وعلى الصعيد السياسي، شجعت ووستر المحافظة (يمين) تقليديا، وصول العمالي توني بلير (يسار الوسط) الذي اثار خطابه البراغماتي اعجاب الناخبين الذين يركزون على الاعتبارات المادية.لكن الدائرة انتقلت الى اليمين من جديد في 2010 مع بروز الناخبين الذين عبروا بعبارة "والدات الدي"، على ما اوضحت المسؤولة في حزب العمال كارولين فلينت التي دعت حزبها الى استمالة الموظفات اللواتي صرن مرغمات على التسوق في المحلات التجارية التي تبيع باسعار رخيصة.
ومتاجر "الدي" الالمانية للمنتجات المخفضة الاسعار تقضم مع نظيرتها الالمانية "ليدل" من حصص السوبرماركات التقليدية في الاسواق.& وامام متجر الدي في ووستر، وقفت لورا التي تعمل في هيئة الضمان الاجتماعي البريطاني وتمضي حاليا اجازة امومة، مع زوجها فيل عامل الطباعة.وقالا انه كان عليهما التأقلم مع "الارتفاع الضئيل في الاجور" و"ميزانية اكثر تقشفا" في السنوات الاخيرة. ومثلهما شدد زبائن آخرون على اهمية الاسعار في هذا المتجر.&وقالت سو برينان التي تقاعدت مؤخرا من العمل في القطاع الاجتماعي "كنت انفق في (متاجر) تيسكو سبعين جنيها كل مرة. اليوم لا استطيع ان انفق اكثر من 28 جنيها".
&اما زوجها فكان موظفا في الشرطة وتم تسريحه لاسباب اقتصادية، مما اضطر الزوجين لحساب كل قرش. وقالت سو انها تمكنت من توفير 24 جنيها كل شهر بعدما اشترت جهازا جديدا لتسخين المياه.واضافت "انه امر قاس علينا نحن في بريطانيا كما في قبرص واليونان".وهذا الشعور السائد بشكل واسع يمكن ان يحد من المكاسب السياسية التي يأمل المحافظون في الحصول عليها من عودة النمو.وقال جيديون سكينر مدير الابحاث السياسية في معهد استطلاعات الرأي ايبسوس موري ان "المحافظين يعتبرون بشكل واضح اكثر مصداقية على الصعيد الاقتصادي".
لكنه اضاف "في الوقت نفسه الناس قلقون من كلفة الحياة وقدرتهم او عدم قدرتهم على الاستفادة في حياتهم اليومية من النمو الاقتصادي".ويعد حزب كاميرون في حال فوزه في انتخابات السابع من ايار/مايو برفع الحد الادنى لفرض الضرائب من اجل تحسين القدرة الشرائية للعائلات.اما حزب العمال الذي يقوده ايد ميليباند فيريد الزام شركات الكهرباء والغاز بخفض رسومها بنسبة عشرة بالمئة.
&
التعليقات