تُجري مجموعة "العامودي" السعودية مفاوضات صعبة مع الحكومة المغربية بهدف إعادة تشغيل مصفاة النفط الوحيدة في البلاد، وذلك بعد أن أوقفت "العامودي" تشغيل المصفاة نهاية الأسبوع الأول من اغسطس (اب) بدعوى "تأخر تزويدها بالنفط الخام" بسبب صعوبات مالية تعاني منها الشركة.


حسن العلوي: علمت "إيلاف" من مصادر مطلعة أن مجموعة العامودي السعودية تجري مفاوضات صعبة مع الحكومة المغربية بهدف إعادة تشغيل مصفاة النفط الوحيدة في البلاد، الموجودة قرب مدينة المحمدية (شمال الدار البيضاء)، والتي تعتبر مجموعة العامودي مساهمها المرجعي.

وأوقفت "العامودي" تشغيل المصفاة نهاية الأسبوع الأول من اغسطس (اب) بدعوى "تأخر تزويدها بالنفط الخام" بسبب صعوبات مالية تعاني منها الشركة.

بيد أن بيان توقيف نشاط المصفاة تضمن معلومات مطمئنة من قبيل أن الشركة تترقب استلام 2 مليون برميل من النفط الخام في النصف الثاني من الشهر الحالي، وأنها ستواصل تزويد عملائها بالمواد البترولية حسب ما تتوفر عليه من مخزون في انتظار عودة المصفاة للعمل، إلا أن ذلك لم يكن كافيا.

فما أن تسرب خبر توقيف المصفاة حتى انهار سعر أسهم الشركة وخسر 10 في المائة من قيمته في ساعات قبل توقيف تداول أسهم الشركة في السوق من طرف مجلس القيم المنقولة.

ويرى محلل في بورصة الدار البيضاء أن توقف تشغيل المصفاة أعطى إشارة للسوق بأن الشركة توجد على حافة الإفلاس.

وأضاف المحلل "عدم التوصل بشحنات المادة الأولية بسبب صعوبات مالية يعني أن الشركة أصبحت عاجزة عن الوفاء بالتزامات الأداء اتجاه مزوديها الدوليين. وبما أن الأمر وصل حد توقيف الإنتاج فذلك يعني أن الشركة توجد في وضع خطير جدا".

وأشار المحلل ذاته الى أن مشاكل الشركة ليست وليدة اليوم. وقال "تطور سعر سهم الشركة في البورصة يعكس هذه المشاكل. فأسهم الشركة فقدت 47 في المائة من قيمتها مند بداية العام الحالي، وخسرت 85 في المائة مقارنة بمستواها في بداية 2012".

وأوضح المصدر أن الشركة تكبدت خلال سنة 2014 خسارة تقدر بأزيد من 3 مليار درهم (300 مليون دولار) نتيجة انخفاض مبيعاتها بسبب منافسة الواردات التي انتعشت مع انخفاض أسعار النفط في السوق العالمية، وتدهور قيمة احتياطيها من النفط الذي اشترته بثمن عالي قبل انخفاض الأسعار.

وتعاني الشركة أيضا من ارتفاع مهول لحجم مديونيتها التي تقدر بنحو 30 مليار درهم(3 مليار دولار)، منها 10 مليار درهم (مليار دولار) برسم متأخرات أداء الضرائب لصالح الحكومة المغربية، وتتوزع باقي المديونية بين المصارف التي مولت البرنامج الاستثماري الضخم للشركة في تحديث أداتها الإنتاجية منذ 2005، وبين ما بذمتها اتجاه مزوديها الدوليين.

وأضاف المحلل أن تخفيف هذه المديونية أو إعادة جدولتها ستتصدر المفاوضات الجارية في الرباط بين المساهم الرئيسي في الشركة والحكومة المغربية من أجل إعادة تشغيل المصفاة.

ويعود إنشاء الشركة إلى سنة 1959 تحت إسم الشركة المغربية- الإيطالية لصناعة التكرير.

وفي سنة 1973 جرى تأميم الشركة التي تعد من بين أهم الإنجازات الصناعية للمغرب بعد الاستقلال.

وفي سنة 1998 باعت الحكومة أغلبية رأسمال الشركة لمجموعة العامودي السعودية.

وفي إطار نفس الصفقة اشترت مجموعة العامودي أيضا& مساهمات الدولة في الشركة المغربية للمواد النفطية، والتي حولت منشآتها إلى محطات تخزين.

وفي إطار عقد تخصيص الشركة التزمت مجموعة العامودي بإنجاز استثمارات ضخمة قصد إعداد الشركة لاستحقاقات تحرير السوق النفطية المغربية المبرمجة في إطار التزامات المغرب ضمن اتفاقيات التبادل الحر التي أبرمها. غير أن الحادث الذي تعرضت له المصفاة سنة 2002، نتيجة فيضان وادي الشراط الذي تسبب في إضرام النار بالمصفاة واحتراقها بشكل شبه كامل تسبب في تأخير وتعثر مشروع تحديث المصفاة، وولد تكاليف إضافية بالنسبة للشركة، التي اعتمدت كثيرا في تمويل مشروعها الاستثماري الضخم على القروض المصرفية، والذي كلف نحو 30 مليار درهم (3 مليار دولار) منذ 2005، حسب مصادر الشركة.